‘);
}

حقّ الله أعظم الحقوق

شاءت إرادة الله -تعالى- أنْ تقوم حياة البشر على مبدأ الحقوق والواجبات، ومن شأن هذه الإرادة الرّبانية أنْ يقيم الناس حياتهم بالقسط والعدل؛ فيكون ذلك سبباً في صلاح دُنياهم، ونجاحهم في مهمّة الاستخلاف في الأرض من جهةٍ، وفوزهم برضوان الله في الآخرة، ومن جملة المقاصد التي شُرعتْ منظومة الحقوق والواجبات لأجلها مقصد ضبط العلاقة بين العبد وخالقه سبحانه، وأعظم هذه الحقوق الواجبة الوفاء حقّ المولى جلّ وعلا؛ فهو الذي امتنّ على الإنسان بإيجاده من العدم، ثمّ سوّاه وأحسن صورته، ثمّ كلّفه بمهمّة إعمار الأرض بعد أنْ أودع فيه من الخصائص التي تؤهّله للقيام بهذه المهمّة الجليلة؛ فخلقه بفطرةٍ سويّةٍ، أودع فيه العقل وجعله مناط التكليف، وعزّز كلّ ذلك بإرسال الرّسل ليبينوا له طرق الرّشاد، ويحذّرونه من سبل الغواية، ولكن؛ ما حقّ الله على العباد، ومتى يعدّ الإنسان وفياً بحقّ الله تعالى؟

حقّ الله على العباد

صحّ في الخبر أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- خصّ معاذ بن جبل -رضي الله عنه- بحديثٍ؛ فقال له: (يا معاذُ، هل تدري حقَّ اللهِ على عبادِه، وما حقُّ العبادِ على اللهِ، قلت: اللهُ ورسولهُ أعلمُ، قال: فإنَّ حقَّ اللهِ على عباده أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئًا، وحقُّ العبادِ على اللهِ أن لا يعذبَ من لا يشرك به شيئاً)،[١] ويتّضح من الحديث الشريف أنّ لله على العباد حقوقاً عظيمةً، تتّسع في آفاقها، وتعظُم في قيمتها وأهميتها، وقد حدّدها النبي -عليه الصلاة والسّلام- بأمرين؛ هما: تحقيق العبادة لله، وتوحيده سبحانه، ونبذ الشرك عنه، ولكلٍّ منهما بيانٌ وتفصيلٌ؛[٢] فالعبادة أنواعها تشمل أعمال القلوب واللسان والجوارح، ومن الأمثلة على عبادات القلوب: الخشوع، والتّوكل، والخشية، وغيرها، ومن الأمثلة على عبادات اللسان: تلاوة القرآن الكريم، وعموم الأذكار، وإسداء النصح، وغيرها، ومن الأمثلة على أعمال البدن والجوارح: إقامة الصلاة، وأداء مناسك الحجّ، وغيرها كثير، أمّا التوحيد فمعتمده على إفراد المولى -سبحانه- بأفعال الربوبية وصفات الألوهية، وتنزيهه عنْ كلّ صفات النقص التي لا تليق إلّا بالمخلوقين، والجمع بين التوحيد والعبادة يكون باقتران الاعتقاد بأنّ الله هو المستحقّ لِئن يكون معبوداً وحده دون غيره مع ما يترتّب على ذلك من إخلاص العبادة له؛ فلا تنبغي لسواه وِفْق ما جاءت به الشّرائع الإلهية؛ فلا يعبد الله إلّا بما شرع.[٣]