‘);
}

تزكية النفس

التزكية في اللغة مصدر للفعل زكَّى، وهي من جانب الفلسفة والتصوّف تعني تطهير النفس بالانقطاع عن العلاقات المتعلّقة بالبدن، فيقال: زكّى فلان نفسه؛ أي مدحها، وأصلحها، ونسب إليها الطهر من الذنوب بفعل بالأعمال الصالحة،[١] أمّا تزكية النفس اصطلاحاً فهي تطهيرها وتنقيتها من الصفات المذمومة والقبيحة، والسعي على تكميلها وتجميلها بالأعمال الصالحة، وتعظيم الله تعالى.[٢]

ومن الجدير بالذكر أنّ الله سبحانه هو المختصّ بتزكية الأنفس، وليس أيّ أحد غيره، حيث قال: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم بَلِ اللَّـهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا)،[٣] فمعنى الآية أنّ الله وحده هو الذي يعلم بالنفس التي تستحق التزكية، وأمّا من لا يستحقها فعيله تزكية نفسه بنفسه، مع تفويض وتوكيل الأمور إلى الله تعالى، فتزكية النفس لذاتها لا تجدي أي ثمرة أو نتيجة، حيث إنّها تحمل عليها حب النفس، وطلب العلو والكبْر والتفاخر والرفعة، وقال الإمام القرطبي تعليقاً على الآية السابقة: (يقتضي الغض من المزكي لنفسه بلسانه، والإعلام بأن الزاكي المزكي من حسنت أفعاله، وزكاه الله عز وجل فلا عبرة بتزكية الإنسان نفسه، وإنما العبرة بتزكية الله له).[٤]

وتجدر الإشارة إلى أنّ تزكية النفس من الأمراض القلبية الخطيرة التي تعيق على الفرد والمجتمع عملية الإصلاح، فالنظر إلى النفس على أنّها كاملة يعدّ من الأسباب التي تعميها عن النظر إلى العيوب والأمراض التي تحتاج إلى علاج، ممّا يؤدي إلى العجب والحسد والكبر، فالذي ينظر إلى نفسه على أنّها كاملة سيشعر بأنه يستحق التقدير والتعظيم والثناء، ممّا يؤدي إلى احتقار الناس بسبب عدم تقديرهم له، وإن اثنوا على غيره دخل الحسد إلى نفسه للمُثنى عليه.[٤]