ما هو أثر عقليتك في النجاح؟

إن تغيير العقلية يحتاج إلى بعض الوقت؛ أي لن يكون الأمر بين ليلة وضحاها، لكنَّ الدرس الأهم هو: "أن تأخذ خطوات بسيطة وتتحلى بالصبر" الأمر يشبه ممارسة الرياضة، فلن تبني عضلاتك بالذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية مرة واحدة؛ بل يعتمد الأمر على الاستمرار، وكلَّما كنتَ مثابراً أكثر، فسوف ترى نتائج أفضل، ستساعدك النصائح التالية على تغيير عقليتك.

Share your love

ما هي العقلية؟

لن تجد سوى ما تبحث عنه، وإن كنتَ تبحث عن السلبيات فلن تواجه أيَّة صعوبة في إيجادها، فالأمور السيئة تحدث حولنا باستمرار، فافتح قنوات الأخبار وستعرف صدق ذلك، والعكس دائماً صحيح أيضاً، إن فتَّشتَ عن الأمور الإيجابية، فسوف تعثر عليها أيضاً، ليس على قنوات الأخبار بالطبع، لكنَّ هناك أمراً يمكنك أن تسعد بسببه دائماً، حتى الأمور السيئة تحمل في طياتها درساً إيجابياً، لكنَّ السؤال يكمن فيما تركز انتباهك عليه، وهذا هو معنى العقلية.

عقليتك في غاية الأهمية، وهي بمنزلة النظارة التي ترى من خلالها العالم الخارجي؛ حيث يمكن أن يكون ظل هذه النظارة غامقاً أو وردياً بالكامل، وبالطبع فالمبالغة في التفاؤل والثقة ليس أمراً صحياً ويمكن أن يكون مؤذياً في بعض الأحيان، وفي حين يدَّعي بعض الناس الواقعية إلَّا أنَّ معظمهم غارقٌ في السلبية، وهناك سبب وجيه لذلك، فطبيعة الدماغ البشري معتادة على الانتباه إلى الأمور السلبية؛ وذلك لأنَّه ومنذ آلاف السنين، كان حصول أمر سيِّئ يعني حياةً أو موتاً، لكنَّ الأمر لم يَعُد هكذا.

وليس من السهل أيضاً أن تُغيِّر ذهنيتك؛ بل على العكس تماماً فالخروج من العقلية البدائية ورؤية الأمور الإيجابية يُعَدُّ أمراً صعباً، وبما أنَّ الدماغ البشري يتطوَّر مع مرور الزمن، فإنَّ الأمر يتطلب بعض الوقت لتغيير معتقداتنا والرؤية من منظور مختلف، لكنَّ المشكلة أنَّ معظم الناس لا يتحلَّون بالصبر لذلك، فبمجرَّد أن يحدث أمر يثير اعتقاداً سابقاً، يظنون أنَّهم على حق، وبدلاً من التشكيك في هذه العقلية، يتعثرون في هذا النمط من التفكير.

أين تكمن أهمية العقلية السليمة؟

هل سبق وسمعتَ عن عقلية النمو؟ أجرَت الأستاذة في علم النفس “كارول دويك” (Carol Dweck) دراسة على طلاب الصف السادس، لفهم كيفية تأثير العقلية في النمو، ووجدَت فارقاً هاماً بين ما يسمى عقلية النمو والعقلية الثابتة:

  • عقلية النمو؛ حيث اعتقدَ الطلاب أنَّه في إمكانهم تعلُّم أي شيء مادام في إمكانهم تكريس الوقت والجهد لذلك.
  • العقلية الثابتة؛ حيث اعتقد هؤلاء أنَّ مواهبهم ثابتة؛ بمعنى أنَّك إن لم تكن ماهراً في أمر ما، فسوف تجد صعوبة في تعلُّمه.

يكمن الفارق بين العقليتين أنَّ ذوي العقلية الأخيرة لن يكترثوا بالمحاولة، فحين يجدون فرصةً لتعلُّم شيء جديد سيفوِّتونها؛ وذلك لأنَّهم لا يعتقدون أنَّه باستطاعتهم تعلُّمه؛ لذا من البديهي أن تُظهِر الأبحاث أنَّ الطلاب ذوي عقلية النمو، ينجزون أكثر من غيرهم، وتُحدِّد رؤيتك للعالم أيضاً:

  • كيف تنظر إلى المشكلات والتحديات؟
  • كيف تشعر نحوهما؟
  • وكيف تتصرف بناءً على ذلك؟

قد تكون العقلية الضعيفة هي ما يعوقك عن ملاحقة أحلامك وطموحاتك، وحين تشعر بالاستياء والضعف، فربما تسهم عقليتك في هذا الشعور، والعكس صحيح أيضاً، فالعقلية السليمة تساعد على التغلُّب على العقبات والنكسات، والنظر إلى العالم من خلال عقلية سليمة يمكن أن يُغيِّر طريقة شعورك حول نفسك والعالم، كما إنَّ الفارق بين هاتين العقليتين هو أنَّ إحداها تُمكِّنك من إيجاد الحلول رغم التحديات، بينما تركِّز الأخرى على خلق الأعذار بدلاً من ذلك.

كيف تُطوِّر عقلية ناجحة؟

إن كانت عقليتك بهذه الأهمية، فكيف تعمل على تحسينها؟ ذكرنا آنفاً بأنَّ تغيير العقلية يحتاج إلى بعض الوقت؛ أي لن يكون الأمر بين ليلة وضحاها، لكنَّ الدرس الأهم هو: “أن تأخذ خطوات بسيطة وتتحلى بالصبر” الأمر يشبه ممارسة الرياضة، فلن تبني عضلاتك بالذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية مرة واحدة؛ بل يعتمد الأمر على الاستمرار، وكلَّما كنتَ مثابراً أكثر، فسوف ترى نتائج أفضل، ستساعدك النصائح التالية على تغيير عقليتك:

1. كوِّن رؤية واضحة:

توضِّح الرؤية الشخصية ما تريده، وأين تريد الذهاب، ومَن تريد أن تصبح، وهذا يوفر لك مساراً واضحاً لتتبعه ويعطيك دافعاً، ويمكن أن تعني رؤيتك كل شيء، بدءاً بالاعتناء بصحتك وانتهاءً بتعلُّم مهارة جديدة، ويمكن أن تعني رغبتك في السفر حول العالم ورؤية أماكن جديدة، أو إضفاء معنى أو قيمة لما تفعله، أو أن تبدأ عملاً إضافياً.

لكنَّ السؤال “ما هو أهم شيء في حياتك؟” ركِّز على هذا الشيء، هل تعلم ما يحصل عندما تُركِّز طاقتك على رؤيتك؟ لن يعود لديك ما يكفي من الطاقة لتركيزها على الأشياء الأخرى كالعثرات الصغيرة والأمور السلبية، ومن ثم لن تؤثر فيك كالسابق، فإنَّ امتلاك رؤية لنفسك يساعد على تحسين عقليتك.

2. ضع أهدافاً مُشجِّعة:

الأهداف هي نقاط الانطلاق نحو الوجهة التي تريدها، والسبب في ذلك مشابهٌ لأول نصيحة؛ حيث توجِّه الأهداف انتباهك إلى الشيء الذي يهمك، فيمكنك وضع أهداف لأي شيء، ويمكنك ربط أهدافك برؤيتك، وأيضاً يمكنك وضع أهداف لأمور عدة مثال الصحة والمال، أو ربما لمهارة جديدة تحبُّ تعلُّمها، أو لمشروع تجاري تريد البدء به، وإن كنتَ لاتزال في طور وضع الأهداف، فابدأ بأهداف بسيطة، وحقِّقها، ومن ثمَّ ضع أهدافاً جديدةً، وهكذا حتى تصل إلى نقطةٍ يمكنك فيها وضع العديد من الأهداف دون أن تشعر بالضغط، وتأكَّد من وضع مجموعات عدَّة من الأهداف:

  • أهداف بعيدة الأمد: سنة واحدة أو أكثر في المستقبل.
  • أهداف متوسطة الأمد: لثلاثة أشهر ولبقية العام.
  • أهداف قصيرة الأمد: لهذا الأسبوع وليوم الغد.

اتَّبِع هذه الخطوات، وستجد سهولة أكبر في التركيز، إن كانت العقلية على هذا القدر من الأهمية، فإنَّ الأهداف هي ما يساعدك على التركيز على ما يهمك.

3. ركِّز على ما تتحكم به:

لقد فهم الفيلسوف “سينيكا” (Seneca) والإمبراطور الروماني العظيم “ماركوس أوريليوس” (Marcus Aurelius) بأنَّ قوَّتك الذاتية تنبع عن الأشياء التي تتحكم بها، فما هي هذه الأشياء؟

  • معتقداتك.
  • نظرتك إلى الأوضاع والأحداث.
  • الأسئلة التي تطرحها على نفسك.
  • طريقة حديثك مع نفسك.
  • طريقة تفكيرك.
  • طاقتك.

لا يمكنك التحكم بالأشياء الأخرى خارج هذه القائمة، فلديك تأثير محدود في معظم الأمور في حياتك، وستحدث الأشياء الفظيعة من حينٍ إلى آخر، ولن تجري الأمور كما تحب دائماً، فلا تدور الحياة دائماً حول السعادة، ومع هذا يمكنك التحكُّم بكيفية تفكيرك، وشعورك، وتصرفك، كما يمكنك التحكم بنظرتك لموقف ما، ورؤيتك للجانب المشرق من المِحن، ويمكنك التحكم بنفسك حتى لو عاملك الناس بفظاظة؛ وذلك لأنَّك لن تنال الحرية الحقيقية إلا إن كنت سيد نفسك.

4. اعتنِ بنفسك:

ماذا يحصل إن لم تعتنِ بنفسك؟ سيتملكك شعورٌ سيِّئ حيال نفسك، أمر سيِّئ يقود إلى آخر أسوأ وهكذا، تخيَّل على سبيل المثال أنَّ أمراً حصل في العمل استنزف طاقتك، فقررتَ عدم الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية مع أنَّك كنت تريد ذلك مسبقاً، وفي طريق عودتك تمرُّ بمحل الوجبات السريعة وتقول في نفسك سأتناول وجبة، ما الضرر؟ إنَّها حلقة مفرغة، ومع أنَّه مثال عملي، إلَّا أنَّنا نجلد ذاتنا في بعض الأحيان.

عندما تُحدِّث نفسك بشكلٍ سيِّئ، ستعزِّز الأفكار السلبية وتتشكل عقليتك بناءً على ذلك، وتتسبب تلك العقلية بعد ذلك في جلب المزيد من الأفكار السلبية وهكذا دواليك، وفي مرحلة ما سيتعيَّن عليك الخروج من نمط التفكير السلبي هذا، والاعتناء بنفسك هو الطريقة المثلى لفعل ذلك، والسبب هو أنَّ فعل ذلك أمرٌ بسيط للغاية، فيمكنك البدء بأفعال بسيطة مثل تناول وجبة أفضل خلال اليوم أو شرب المزيد من الماء بدلاً من المشروبات الغازية، أو حتى في ترتيب سريرك في الصباح، وبمقدار أي شخصٍ الاعتناء بنفسه، وهذا ما يجعل هذه الطريقة مثالية إن أردتَ تغيير حياتك.

5. ابدأ يومك بشكل إيجابي:

أنت تجذب الأفكار التي تُكوِّنها عن نفسك معظم الوقت، وما تركز عليه يصبح واقعك، لكنَّ هذا لا يعني أنَّ مجرد تفكيرك بشكل إيجابي يجعلك سعيداً؛ وذلك لأنَّه في بعض الأحيان عليك مواجهة القبيح والصعب من الأمور، ومع ذلك، فإنَّ معظم الناس يعلقون في تلك الدوائر السلبية، وينتهي بهم الأمر بصرف الكثير من طاقاتهم على الأشياء الصغيرة التي تستنزف طاقتهم، وهنا تظهرُ أهمية الرياضة الصباحية؛ حيث تساعد على تهيئة عقلك بعد الاستيقاظ.

جرِّب بعض الأشياء التالية:

  • استخدم عبارات تحفيزية صباحية.
  • تصوَّر مستقبلك المثالي.
  • ضع بعض الأهداف الصغيرة لهذا اليوم.
  • دوِّن يومياتك.
  • مارِس بعض التمرينات.
  • اقرأ كتاباً.

لا يجب أن يستغرق أي من هذه الأشياء الكثير من الوقت من صباحك، ومع ذلك، يمكنهم جميعاً مساعدتك على تركيز عقلك على شيء إيجابي، فلا توجد وصفة سحرية لبناء عقلية أفضل، عليك أن تقوم بالأمر فحسب.

6. ركِّز على مسيرتك:

نقارن أنفسنا في كل مجال من مجالات حياتنا تقريباً، وقد أدَّت وسائل التواصل الاجتماعي إلى تعزيز الشعور بأنَّك خلف الآخرين؛ حيث نعيش اليوم مع توقعات بعيدة عن الواقع تُصوِّر لنا بأنَّنا يجب أن نبقى في العشرينيات من العمر، وبأنَّك يجب أن تكون قد أنهيتَ بناء حياتك، ونجحتَ في حياتك المهنية، ولديك الكثير من الخبرة في العلاقات.

ومع هذا فإنَّ هذا بالضبط ما يجعلنا نتراجع؛ حيث يمكن أن تُشكِّل التوقعات الخاطئة عقلية ضعيفة، وتساهم في جلب القلق والضغط النفسي، والنتيجة هي أنَّك لن تفعل شيئاً حيال ذلك، ولكن في الواقع لديك الوقت لهذا، يمكنك أن تكون في وضعٍ مزرٍ، ولديك مُتَّسع من الوقت لتضفي معنىً على حياتك.

غيَّر بعض الناس حياتهم في أعمار الـ70 والـ80، ومع هذا فكثيرٌ ممن هم في سنِّ الـ30 استسلموا لمِحَن الحياة؛ لذا ركِّز على المسيرة، وابدأ بمشروعٍ إن كان هذا ما تريده، فإن فَشِلَ، فابدأ بمشروعٍ آخرٍ، ما الضير في ذلك؟ ستتعرف بهذه الطريقة إلى الأشياء التي تريدها.

والمفتاح لذلك: توقَّف عن التركيز على النتائج، وابدأ التركيز على النمو، حتى لو أردتَ النجاح في حياتك، فالأفضل أن تعلمَ في البداية ما تستمتع به، ثم تتعلَّم كل شيءٍ حياله، فعقليتك هي أهم ما في الأمر إن أردتَ النجاح، الأمر كله يبدأ بتفكيرك، إن شعرتَ بأنَّ الأوان قد فات، فلن تكون قادراً على اللحاق بالركب، لكن إن شعرتَ بأنَّك في المكان المناسب، فسوف تأخذ خطوة إلى الأمام، ولا تلقِ بالاً لما يعتقده الآخرون، ولا تقارن نفسك بهم.

شاهد بالفديو: 25 نصيحة فعالة لتعزيز الثقة بالنفس

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/038COmUFVy8?rel=0&hd=0″]

في الختام: غيِّر عقليتك تتغير حياتك

عقليتك هي ما يُحدِّد نظرتك للعالم، ومنظورُك للأمور يحدد تصرفاتك التي تتخذها، بعبارةٍ أخرى، العقلية السليمة تجعل تصرفاتك أكثر اتِّزاناً، وتساعد على التغلُّب على التحديات والنكسات، وعلى النهوض بعد السقوط، وتؤثر حتى في ثقتك بنفسك، العيب الوحيد في تطوير عقلية ناجحة هو أنَّها تتطلَّب وقتاً وجهداً، ويجب أن تثابر لتحظى بعقلية ناجحة، تماماً كما تبني عضلاتك، تبني عقليتك، فإن استطعتَ تحسين عقليتك، ففي إمكانك تحسين حياتك ككل.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!