‘);
}

قوم هود

بعد أن نجى الله تعالى نبيه نوحاً ومن آمن معه في السفينة، وأغرق كل ما سواها على الأرض استمرّت عبادة الله وحده فترة طويلة من الزمن، حتى تعاقبت الأجيال وفسدت الأحوال وظهر الشرك مؤخّراً، فأرسل الله تعالى نبيه هوداً -عليه السلام- ليعيد الناس إلى توحيد الله تعالى وما يصلح حالهم. وهودٌ -عليه السلام- هو نبيّ عربيّ الأصل، وهو هود بن عبد الله بن رباح بن الجلود بن عاد بن عَوص بن إرم بن سام بن نوح، وقد سكن وقومه اليمن. ولقد أرسل إليهم بعد ما مالوا عن الحق واتّبعوا الهوى والفساد في الأرض، فعدا عن كونهم مشركين عاصين لله سبحانه، فقد ظهر فيهم الفساد والظلم فيما بينهم، فأرسل الله لهم نبياً من بينهم ذو خلق رفيع ونسب كريم يدعوهم إلى التوحيد وحسن الأخلاق، لكنّ القوم كفروا به وكذّبوه واتّهموه بالسفاهة والكذب، حتى لحق بهم عذاب الله تعالى.[١]

إرم ذات العماد

ذكر الله تعالى في كتابه الكريم العديد من الآيات والسور التي تتحدّث عن عاد قوم هود، من بينها الآية الكريمة: (‏أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ*إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ)،[٢] والمقصود من قوله تعالى أن يذكر كيف أهلك عاداً بعد تكذيبهم لنبيهم وكفرهم به، فالمقصود أن عاداً الأولى كفرت وكذبت فأهلكهم الله تعالى، ولقد وصفهم القرآن الكريم بأنهم ذات العماد، فلقد اشتهر قوم هود بصحة أجسامهم وقوّتها، وبطولهم العظيم إذ كان يبلغ أقصرهم ستين ذراعاً، وأطولهم مئة ذراع في السماء، وكانوا يسكنون في بيوت الشعر التي كانت ترفع بالأعمدة الشديدة، لكنّهم حين كفروا بنبيهم لم تغنِ عنهم قوّتهم وبنيانهم شيئاً من دون الله، فأنزل الله تعالى فيهم عذاباً لم يبق منهم كافر إلا أحاط به وأهلكه.[١][٣]