‘);
}

الخلود

من أوّل يوم خلق الله -تعالى- فيه الإنسان وهو يفكّر كيف يدبّر شؤون حياته على أكمل وجهٍ، وقد كان أهمّ ما يقلق الإنسان شيئان أساسيان، هما: المال والحياة الطويلة الخالية من مرضٍ أو التوجّسٍ باقتراب الأجل، ولقد جاء الإسلام يؤكّد للمسلمين أنّ الرزق والأجل بيد الله -عزّ وجلّ- لا بيد غيره؛ حتّى يطمئن وتهدأ نفسه ويقبل على حياته سعيداً راضياً بما قسم وقدّر الله -تعالى- له، ولقد ذُكر في القرآن الكريم الحقيقة السابقة في قصّة آدم وحواء -عليهما السّلام- حينما أغواهما إبليس وسوّل لهما أن يأكلا من شجرةٍ بعينها مُحاولاً إقناعهما أنّ فيها خاصّيتي الخلود والمُلك، فبادرا إلى ذلك ليحقّقا رغبة العيش بسلامٍ آمنين من الفقر والموت.

شجرة الخُلد

أسكنَ الله -تعالى- آدمَ -عليه السّلام- وزوجته حوّاء الجنّة، فكانت لهما مسكناً ومُقاماً، قال الله تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)،[١] فالنهي عن الأكل من الشّجرة هو اختبار من الله -تعالى- لطاعته، وجاء في تفسير الشّجرة عدّة آراء للمفسّرين، فقال الثوريّ: إنّها نخلة، وقيل: إنّها تينة، ورُوي عن ابن عبّاس أنّها الكرم أو السّنبلة، وفي رواية أنّها شجرة البرّ، أو العنب، وقد أشار ابن جرير في تفسير ذلك أنّ القرآن الكريم لم يذكر نوع الشّجرة، ولم يضع دليلاً حولها وحول صفاتها، وإنّما ذُكر أنّ الله -تعالى- حدّد شجرةً بعينها ونهى عنها آدم وزوجته، فيجوز أن تكون أي نوع من أنواع الشّجر، ولو ذُكرت الشّجرة فهو علم، وإن لم تذكر فإنّ ذلك لن يضرّ النّاس شيئاً.[٢]