‘);
}

نبذةٌ عن غزوة الفُرقان

وقعت غزوة بدر الكُبرى التي تُعرَف بغزوة الفُرقان في السابع عشر من رمضان من العام الثاني للهجرة، ولم تكن غزوةً عاديّةً كسائر الغزوات في ذلك الزمن، بل كانت فُرقاناً بين الحقّ والباطل؛ بين الإيمان والكُفر؛ حيث التقى أهل الحقّ القِلّةُ المُستضعَفون بأتباع الكُفر والباطل؛ أصحاب المَنَعة، والقوّة الماديّة، وكثرة الرجال والعتاد، فأيّد الله -تعالى- أهل الحقّ بعد أن تعلّقت قلوبهم به بنصرٍ حاسمٍ قُسِم به ظهر الباطل وأهله، لتصبح بعدها غزوة الفُرقان عقيدةً، وشِعاراً، ودستوراً للنصر والهزيمة على مَرّ العصور تتناقله الأجيال في كلّ مكانٍ وزمانٍ؛ فقد خلّد الله -تعالى- ذِكرها في القرآن الكريم، فقال: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّـهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)،[١][٢] وعلى الرغم من عدم اهتمام القوى العُظمى في ذلك الزمان لحدثٍ بسيطٍ من وجهة نظرهم؛ إذ لم يُعِر الفُرس ولا الروم اهتماماً لمعركةٍ بلغ عدد جنودها ثلاثمئة جنديٍّ مقابل ألف جنديٍّ في بُقعةٍ لا تُكاد تُرى على خريطة العالم، إلّا أنّ غزوة بدر الكُبرى كانت بداية تحوُّلٍ في موازين القُوى في العالم؛ فقد كان النصر المُؤزَّر بداية ولادة أمّةٍ راسخةٍ ثابتةٍ ذات رسالةٍ خالدةٍ، تحمل هَمّ هداية العالم أجمع، وما هي إلّا سنين بعد المعركة حتى أصبحت أمّة الإسلام خير أمّةٍ أُخرِجت للناس؛ قال -تعالى- (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).[٣][٤]

سبب تسمية الغزوة بالفرقان

سُمِّيت معركة بدر الكُبرى بغزوة الفُرقان؛ لأنّ الله -تعالى- فرّق بها بين الحقّ والباطل، وبين عهد الاستضعاف والصبر والمُصابرة على أذى المشركين، وعهد القوّة والانطلاق والدعوة إلى الله -تعالى- ونشر الحقّ، وقد أعطى الله -تعالى- هذه المعركة مكانةً عظيمةً؛ إذ سمّاها في القرآن الكريم بالفُرقان؛ لقَوْله -تعالى-: (وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللَّـهِ وَما أَنزَلنا عَلى عَبدِنا يَومَ الفُرقانِ يَومَ التَقَى الجَمعانِ وَاللَّـهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ).[٥][٦]