عمان-الغد- “تميز مضر بدران منذ طفولته بالهدوء وقوة تحمل الصعاب والحكمة في قراراته، وكان لالتحاقه في كلية الحقوق بالجامعة السورية بدلا من الطب الذي كان حلمه منعطف في نهج جديد غير مجرى حياته”، بهذه الكمات استهل الدكتور عدنان بدران حفل إشهار كتاب “القرار” لمؤلفه رئيس الوزراء الأسبق مضر بدران، أول من أمس، في مؤسسة عبدالحميد شومان التي نقلت مباشرة عبر “زوم” وصفحة المؤسسة على “فيسبوك”.
بدران أشار، في كلمته، إلى أن مضر عمل في ظروف أمنية وسياسية واقتصادية صعبة في وسط عربي ملتهب، ألقى بظلاله على الأردن؛ حيث سادت الانقلابات العسكرية وظهرت قيادات ثورية كادت أن تعصف بأمن واستقرار البلاد، لولا حنكة جلالة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه والرفاق المخلصين ومنهم مضر.
وبين أن القضية الفلسطينية بقيت المحور الرئيسي للسياسة الأردنية في عهد مضر لتحقيق هدف استعادة الشعب الفلسطيني حقوقه في دولته المستقلة، ومقاومة مخططات “إسرائيل” الاستيطانية والتوسعية.
رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات، قال في كلمته إن الأردن كان فيه رجال دولة في مختلف مواقع المسؤولية، يمتلكون قدرات وكفاءات إدارية وسياسية ودبلوماسية وأمنية مكنت البلاد من تجاوز الصعاب في مختلف الظروف وبأقل الخسائر.
وبين أن مضر كان له دور مميز يحسب له كرئيس وزراء في تلك المرحلة من عمر الوطن تطلبت جهودا تنظيمية في إدارة شؤون الدولة الداخلية بدرجة عالية من التوازن والجاهزية.
وبدوره، تحدث رئيس الوزراء الأسبق عبدالرؤوف الروابدة عن الجوانب الشخصية لصاحب المذكرات، مبينا أن بدران انتظم في سلك الجندية الأردنية فشرب الانضباطية الحقة والالتزام بالواجب وتحديد الهدف ورسم طريق الوصول اليه؛ إذ كان قائدا إداريا يحيط بكل أركان الإدارة الواعية المنتجة، مضيفا “بنى مضر جامعات ثلاث هي الآن شامات على خد الوطن ومنارات علم ومعرفة، وروافد بناء وإعمار، وأحيا شركة البوتاس بعد أن نامت منذ خمسينيات القرن الماضي، وهي اليوم علامة فارقة في النجاح، تدعم الاقتصاد الوطني وتسند المجتمع الأردني، بنى صوامع الحبوب، فكان السباق في فكرة الأمن الشامل الذي يصون مصلحة الوطن وكرامة المواطن”.
الوزير ورئيس الديوان الملكي الأسبق عدنان أبو عودة، من جهته، أشار إلى أن مضر عمل في مراكز اتخاذ القرار في الدولة الأردنية داخليا وخارجيا منذ أن كان مساعدا لمدير المخابرات ثم مديرا لها على مدى خمس سنوات ووزيرا للتربية لمدة عام بعدها، ورئيسا للوزراء في أربع حكومات لمدة ثمانية أعوام ونصف؛ حيث تولى جلالة المغفور له الملك الحسين قيادة المملكة لمدة 46 عاما، ليكون مضر بدران الذي كان في موقع القرار لمدة 14 عاما ونصف قد شارك الملك الحسين باتخاذ القرار لما يقرب من 30 % من حكم جلالته ومن هذه الحقيقة يمكن أن نفهم لماذا اختار صاحب المذكرات كلمة “القرار” عنوانا لكتابه.
وبين أبو عودة أن نشأة مضر والمكان والخبرة هي من صنعت شخصيته، وبحكم وظيفة والده عرف الشعب الأردني من شمال المملكة حيث أمضى طفولته في جرش، الى جنوبها في الكرك حيث عاش فتوته وشبابه في أواسط وأواخر الأربعينيات من القرن الماضي؛ حيث تشرب الفكر القومي المتصل بالقضية الفلسطينية وفي دمشق حيث قضى حياته الجامعية وغذيت ثقافته السياسية وأخيرا في عمان حيث أقام بحكم عمله.
وقال أبو عودة “إن الشعب حينما يتذكر مضر بدران يتذكرونه في سياق الوضع الداخلي للدولة، لأن إنجازاته في مجال البنية التحتية التي أسس لها الشهيد وصفي التل وتوسع بها مضر كما ونوعا ما يزال الناس يعيشون في ظلها ويشعرون بالطمأنينة بسببها”.
ختام حفل الإشهار كان مع الدكتور خالد الكركي الوزير الأسبق الذي تحدث بشجن عن مضر بدران. وخاطبه قائلا: “أيها الرجل الصعب حين تشتد العتمة الحاضر أبدا في تقصي أسباب نجاح العدل والتعليم وتماسك النسيج الوطني والصبر… يتلاشى الحلم ويتوه الضباب فإذا أنت بيننا المعلم والقاضي والعسكري والتربوي والسياسي والوزير والرئيس”.
ويسرد صاحب الكتاب الصادر عن المؤسسة العربية نصف قرن من تاريخ الأردن كأول رئيس للوزراء بعد عودة الحياة البرلمانية؛ إذ تقدم لنيل ثقة مجلس النواب الحادي عشر، واستمع إلى مناقشات عاصفة لبيانه، قبل أن ينال الثقة، وهو الذي كان مديرا للمخابرات؛ حيث أكد متحدثون أن اختياره لقيادة تلك المرحلة كان ذكاء وثقة من المغفور له الملك الحسين في الرجل صاحب الخبرات المتعددة، التي تجمع السياسي بالأمني.