‘);
}

غزوة بني قريظة

حدثت غزوة بني قريظة في أواخر ذي القعدة من العام الخامس للهجرة، وكان سببها خيانة اليهود وغدرهم للمسلمين، فعندما وصل الرسول عليه الصلاة والسلام للمدينة بعد الهجرة عاهد اليهود بميثاق بين لهم فيه ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، والتزم المسلمون بهذا الميثاق دون غدرٍ أو خيانة؛ لأنّ من صفاتهم الوفاء والأمانة فدينهم يأمرهم بذلك، ولكنّ اليهود نقضوا العهد قبيلةً قبيلة، وقد كان أخطر ما نقضه اليهود من عهود، وأشدّه ضرراً على المسلمين غدر بني قريظة لهم في غزوة الأحزاب، حيث إنّهم خذلوهم في دفع خطر المشركين عنهم، فبعد عودة الرسول عليه الصلاة والسلام منتصراً على المشركين في غزوة الخندق وضع السلاح واغتسل، فأتاه جبريل وقد عصب رأسه الغبار فقال: وضعت السلاح، فوالله ما وضعته؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(فأين؟) قال: ها هنا، وأومأ إلى بني قريظة، فأذن عليه الصلاة والسلام في الناس: (لا يُصلِّيَنَّ أحدٌ العصرَ إلّا في بَني قُرَيظَةَ)[١]، وهذا يدل على أنّ غزوة بني قريظة كانت أمراً من عند الله.[٢]

أحداث الغزوة

كانت غزوة بني قريظة امتداداً لغزوة الأحزاب (غزوة الخندق)، حيث إنّ يهود بني قريظة كانوا يمثلون الطرف الثالث من الاتحاد العسكري الذي قام لسحق المسلمين والقضاء عليهم،[٣] وأمر الرسول عليه الصلاة والسلام بلال بن رباح رضي الله عنه أن ينادي الجيش قائلاً: (من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلّا في بني قريظة)،[٤] وعندما عزم الرسول التحرك بجيشه أمر علي بن أبي طالب أن يحمل اللواء وأن يكون في مقدمة الجيش، حتّى يصل إلى ديار بني قريظة قبل وصول عامة الجيش، وعند وصوله غرز اللواء فعلمت قريظة أنّها الحرب، وتقدمت كتائب الإسلام بقيادة الرسول عليه الصلاة والسلام حتّى أحاطت بمواقع بني قريظة وحاصرتها من كلّ مكان،[٥] وقامت القوات الإسلامية بوضع أيديها على كلّ مزارعهم الواقعة خارج حصونهم، وبعد حصار استمر أكثر من عشرين يوماً بدأ اليهود يشعرون بالخوف والقلق الشديدين، وعرفوا أنّ المسلمين لن ينسحبوا إلّا بالهجوم عليهم أو باستسلامهم، فقام اليهود بعدّة محاولات للوصول إلى اتفاق مع المسلمين، ولكنّها باتت بالفشل فلم يقبل المسلمون أيّاً من اقتراحاتهم، وبدأ المسلمون يشعرون بالتعب، وذلك لأنّهم بقوا في البرد والعراء طوال فترة الحصار، فقرروا الهجوم وعندما تحركت الجيوش طلب اليهود الاستسلام دون قيدٍ أو شرط.[٦]