مرحباً بكم في وطنكم الثاني مصر!

وكأنه من حسن وطنية المرء، في الجمهورية العربية المتحدة، الهجوم على قطر وتركيا، فأمام القوم من الذباب الإلكتروني وقت طويل، حتى يتخلصوا من هذا التأثير لعملية التلقين التي تعرضوا لها لأكثر من سبع سنوات عجاف، وربما لم تتوقف حتى الآن! وإذا كانت المصالحة أوقفت هذه الحملة عبر القنوات التلفزيونية، فإنها كانت في منصات التواصل الاجتماعي […]

مرحباً بكم في وطنكم الثاني مصر!

[wpcc-script type=”cf2f497e4dda3d2224a1d975-text/javascript”]

وكأنه من حسن وطنية المرء، في الجمهورية العربية المتحدة، الهجوم على قطر وتركيا، فأمام القوم من الذباب الإلكتروني وقت طويل، حتى يتخلصوا من هذا التأثير لعملية التلقين التي تعرضوا لها لأكثر من سبع سنوات عجاف، وربما لم تتوقف حتى الآن!
وإذا كانت المصالحة أوقفت هذه الحملة عبر القنوات التلفزيونية، فإنها كانت في منصات التواصل الاجتماعي في انتظار اللحظة المناسبة للانطلاق، وهو ما حدث بالفعل في لحظة الفرح بإبحار السفينة الجانحة التي عطلت المجرى الملاحي لستة أيام كاملة، وتبدى فشل مشروع «التفريعة الجديدة» للناظرين، فعندما تعطل المشروع القديم، لم تمثل «قناة السويس الجديدة» بديلاً استراتيجياً، لا سيما وأن التعطل كان قبل ثمانية عشر كيلو مترا منها، فخرج المجريان من الخدمة، وكان لا بد من نصب فرح العمدة للتغطية على هذه «الخيبة» فلما تم الإعلان عن إبحار السفينة، رقص القوم على واحدة ونصف، وعلى نحو أثبتوا فيه أن من لم يشاركهم عملية الفرح هذه بعث يوم القيامة وقد كتب على جبينه آيس من رحمة الله!
وبينما الصخب يملأ منصات التواصل الإعلامي، وقد شارك فيه معارضون، تحسسوا وطنيتهم فوجدوها ولله الحمد لا تزال تعمل بمهارة، كان الخبر أن السفينة عادت للجنوح من جديد، وعادت سيرتها الأولى، واقفة بالعرض، فكان إعلان الحرب ضد قناة «الجزيرة» التي تضلل الرأي العام العالمي بخبر غير صحيح، حسداً من عند أنفسهم، ساهم في التأكيد على أن الخبر كاذب أن الجنوح الثاني لم يستمر طويلاً، وكانت ليلة ليلاء ضد قناة «الجزيرة»!
من خصائص الذباب الإلكتروني أنه تعبير عن صفحات وهمية، لكن في الحالة المصرية، فإن من يساهمون في مهمة الذباب شخصيات معلومة لدينا، وتكتب بأسمائها الحقيقية، هجوماً ضد الأعداء، ونفاقاً لمن هم في الحكم، مع أن السلطة الحاكمة في مصر وهي تصنع دولتها لا تراعي هؤلاء أبداً، فهي تؤسس دولة «على الضيق»؛ حيث يموت النائب فنكتشف أن من حل محله واحدا من أقرباء الدرجة الأولى، لأنه كان على «دكة الاحتياط» في قائمة الأجهزة الأمنية، والتي اختار القائمون عليها الزوجة وبعلها لعضوية البرلمان، تمثيلاً لأحد الأحزاب، ولا يوجد في مصر أحزاب معارضة، فكلها أحزاب موالاة، وهي تجربة حزبية غير مسبوقة في تاريخ الكوكب!
تماماً كما حدث مع حزب الوفد، فرئيسه اختاروه عضواً في مجلس الشيوخ، وكريمته اختاروها عضوة في مجلس النواب، والابن يعمل مستشاراً قانونياً لعبد الفتاح السيسي. ومن صحيفة مملوكة للأجهزة الأمنية عينوا رئيس مجلس الإدارة، وكذلك رئيس التحرير، في البرلمان، فضلاً عن أن رئيس التحرير هو الرئيس أيضاً لقنوات «دي أم سي»!
فهي دولة الألف فرد، على أكثر تقدير، بينما هناك من يناضلون من أجل أن يكون لهم موضع قدم في هذه الدولة، دون جدوى، فمعظم ممن تتشكل منهم هذه الدولة، من لم يكتب منشوراً على «الفيسبوك» لكن الأمل قائم لدى المؤيدين الجائلين لأنهم يعملون بتوجيهات وتأييد من مندوبي الولي الفقيه!

«رويترز» ليست وكالة البلح

ولأول مرة في التاريخ الحديث، يكون النضال هو في التقرب لولي الأمر بالنوافل، لأن تفريغ شُحنة المعارضة، يكون بتوجيهها ضد خصوم النظام، وقد شعر هؤلاء بالفراغ العاطفي بعد المصالحة، فوجدوا في خبر عودة السفينة للجنوح فرصة عظيمة لتفريغ هذا الشُحنة في اتجاه لم يعرفوا غيره منذ زمن «التعبئة العامة» والتفريغ!
خبر عودة السفينة للجنوح، لم تذعه «الجزيرة» منسوباً لمصادرها في القاهرة، لكن من بثه هو وكالة «رويترز» للأنباء، وهي وكالة معتبرة، تصيب وتخطئ، لكن لا يمكن النظر اليها على أنها «وكالة البلح» وقد تجاهل القوم في البداية رويترز، وأمسكوا في المنشور في صفحة الجزيرة مصر، رغم أن اسم الوكالة منشور أسفل الخبر، لكنهم وهم يهاجمون «الجزيرة» وينطلقون من هذه القاعدة للهجوم على قطر، نشروا المنشور وتجاهلوا في بداية الأمر إن الخبر منسوب لرويترز، فهي الجزيرة التي لا تزال تعادي مصر، وتناصب الزعيم الضرورة العداء!
وإذ علق البعض لديهم بأن الخبر منسوب لوكالة رويترز، فلم يجد بعضهم مانعاً من أن يأمن على هذا، ليس ببراءة «الجزيرة» لكن بالتأكيد على المؤامرة الكونية، التي يتعرض لها المهيب الركن عبد الفتاح السيسي، قائد جبهة الصمود والتصدي، فهذه الوكالة هي فرع للصهيونية العالمية، وقد تعاون الفرع العالمي «رويترز» والفرع الإقليمي «قناة الجزيرة» ضد صلاح الدين الأيوبي في القاهرة، فكان نشر هذه الخبر الكاذب!
حالة من الجنون، وكأن مستشفى للأمراض العقلية طرد النزلاء فيه، فناموا لنا بالعرض ليس في المجرى الملاحي، ولكن على منصات التواصل الاجتماعي!
في اليوم التالي، وفي المؤتمر الصحافي العالمي، الذي عقده السيسي في هيئة قناة السويس، اعترف رئيس الهيئة بجنوح السفينة بعد قليل من ابحارها، فرويترز لم تفبرك الخبر مندفعة في هذا الاتجاه بانحيازاتها الاستعمارية باعتبارها تعبر عن دولة الاحتلال البريطاني الموالية لجماعة الإخوان المسلمين.. إي وربي فقد قال أحدهم هذا!

«سكاي نيوز» عربية أيضاً

وكل ما سبق على طوله، ليس هو الموضوع، فلم تكن صحفة الجزيرة مصر، هي من انفردت بنشر خبر رويترز، وكأنه صنع خصيصاً لتبثه الجزيرة، فالحقيقة أن قناة الحلفاء «سكاي نيوز عربية» بثت هذا الخبر، ولم يتعرض أحدهم لذلك، مع أن خبر القناة الإماراتية، راج أيضاً عبر منصات التواصل الاجتماعي، فمن يجرؤ على أن يقول هذا؟!
وفي اليوم التالي (الخميس) كانت صور المساعدات الإماراتية لإثيوبيا منشورة على نطاق واسع، وتشمل صور الطائرة التي تحمل هذه المساعدات، فضلاً عن صور أسطول السيارات الكبيرة التي تحمل هذه البضاعة، سواء لنقلها للطائرة أو بعد تفريغها، ولم ينبت أحد ببنت شفة في القاهرة، سواء عبر الفضائيات، وبرامج ردح الشوارع، أو من «الكتبة» على منصات التواصل الاجتماعي، وهنا نكون قد وصلنا لسر «شويبس»!
هذه المساعدات كانت في اليوم التالي للخطاب العسكري لعبد الفتاح السيسي، الذي أطلقه من المؤتمر الصحافي العالمي في هيئة قناة السويس، وبلهجة غير مسبوقة منذ أزمة سد النهضة، عندما بدا كما لو كان يهدد بقصف السد، وهي لهجة جديدة عليه، دفعت لجانه وإعلامه، وكثيرا من معارضيه، إلى ترديد أغنية «والله زمان يا سلاحي» ومرة أخرى صار مطلوباً منا أن نلتف حول السيسي وهو يدافع عن الأمن القومي المصري، وبدون قيد أو شرط!
والحال كذلك كانت صور المساعدات الإماراتية تخترق العيون التي في طرفها حور، لكن مع هذا فلم يتنفس أحد، ولو بكلمة «أف» فماذا لو فعلتها قطر؟!
لقد كان الإعلام المصري يهاجم قطر ويتهمها بأنها تمول عملية بناء سد النهضة، لأنها تستهدف تعطيش مصر، ولم يكن هذا صحيحاً، فالحليف الإماراتي هو من هناك، وما داموا قد اعتبروا عملية التمويل مؤامرة على مصر، فلماذا بلعوا ألسنتهم عندما علموا بأن الممول ليس العدو القطري ولكنه الحليف الإماراتي!
ليس الوطن، أو مصالحه العليا، هما الموضوع، ولكنها مصالح هيئة المنتفعين بالحليف، وإذا رأى السيسي، لسبب أو لآخر، أن يفك الارتباط، فسيجد أن العملية معقدة لأن هناك طبقة مصالح تشكلت في عهده، فالإمارات ليست فقط تملك محطات تلفزيونية في القاهرة، ولكنها تمول قنوات مملوكة للأجهزة الأمنية، فضلاً عن أن لها علاقات مباشرة بإعلاميين ومثقفين وسياسيين تشكلت على مدى السبع سنوات الماضية، وبعضها تشكل بعد الثورة، ومنذ أن بدأ الحج لعاصمة الثقافة العربية «أبو ظبي»!
وليس سراً أن أكثر من ثلاثمئة ضابط عاشوا هناك بعد الثورة، ليعودوا مع وقوع الانقلاب العسكري، ولم يهتم الحكم الإخواني بمطار القاهرة، والصادر والوارد منه، لأنهم تعاملوا مع المطار على أنه فقط البوابة للسفر للحج والعمرة، حتى الضباط المغضوب عليهم كان يدفع بهم للعمل في المطار، وكانت هذه البوابة التي مكنت للانقلاب!والحاصل في الفترة الماضية هو حالة اندماج بين البلدين، يعد التحرر من تبعاتها بفك الاشتباك ليس بالأمر السهل، فلم تكن العلاقة كما كانت مع طهران بعد الانقلاب العسكري، تحدث تحت اشراف أمني، وإذ تعددت الوفود التي تزور إيران من القاهرة بعد الانقلاب، باعتبار طهران مؤيدة له، ففي لحظة معينة، لم يكن الأمر بحاجة لأكثر من إشارة لوقف هذه الوفود تمثلت في تكدير العائدين من هناك في المطار، فانتهت شبكة العلاقات سريعاً.
ليس لدى السيسي بديل مريح، يدفعه للقطيعة مع أبو ظبي، ولو أعلن القوم تبنيهم لسد النهضة، لكن إذا حدث فلن تكون المسألة سهلة، وسيكون مناسباً أن يجتمع بأذرعه الإعلامية ولجانه الإلكترونية ليهتف فيهم: مرحباً بكم في وطنكم الثاني مصر!

لن يبيع نشأت الديهي الإمارات ويشتري السيسي!

أرض – جو: هذا الصراخ ضد الجزيرة التي تتآمر على مصر، لأنها بثت خبراً كاذباً عن جنوح السفينة للمرة الثانية، كاشف عن إلغاء مهنة الصحافة في بلادي، فحدث كهذا كان يستدعي وجود الصحافة هناك، ليكون الرد من خلالها، بأن السفينة جنحت أو لم تجنح. فماذا إذا لم يعترف رئيس هيئة قناة السويس بصحة الخبر؟ بالتأكيد كانت مصداقية رويترز ستكون محل شك.
الهجوم على وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل، سواء في البرلمان أو في وسائل الإعلام المختلفة، تقف خلفه الجمعية السرية التي تدير الإعلام المصري، وهو متهم منها بأنه يقف وراء مقالات الدكتور أمين منصور ندا، شديدة اللهجة ضد الجمعية وضد الإعلاميين التابعين لها من غير أولي الإربة!
موقع قناة «الحرة» على الإنترنت أكثر حضوراً من القناة نفسها.

 صحافي من مصر

كلمات مفتاحية

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!