مسؤول نقابي: لبنان دخل مرحلة انحدار سريع ينذر بفوضى عارمة (مقابلة)

مسؤول نقابي: لبنان دخل مرحلة انحدار سريع ينذر بفوضى عارمة (مقابلة)

مسؤول نقابي: لبنان دخل مرحلة انحدار سريع ينذر بفوضى عارمة (مقابلة)

Lebanon

بيروت / نعيم برجاوي / الأناضول

رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر:
ـ هذه المرحلة هي الأخطر على الإطلاق منذ بداية الأزمة الاقتصادية وتمهد لانفجار اجتماعي
ـ لبنان في كارثة حقيقية لن تتوقف إلا بتأليف حكومة تسعى لاستقرار سياسي يوقف الانهيار الحاصل

قال رئيس “الاتحاد العمالي العام” في لبنان بشارة الأسمر، إن بلاده دخلت مرحلة “الانحدار السريع اقتصاديا واجتماعيا شارف حد الهاوية، ما ينذر بانفجار اجتماعي وفوضى عارمة، في ظل انهيار شامل على كافة الأصعدة”.

وفي مقابلة مع الأناضول، حذر رئيس “الاتحاد العمالي العام” (يضم عشرات النقابات للعمال والمهن)، من كارثة ستحل بمعظم الشعب اللبناني بسبب التوقف عن دعم استيراد السلع الأساسية كالوقود والأدوية، من دون تأمين بدائل معيشية للمواطنين.

ومنذ أواخر 2019، تتصاعد تداعيات الأزمة في البلاد فيما الحلول غائبة، ومع تفاقم الأوضاع باتت كافة القطاعات الإنتاجية والخدماتية مهددة بالتوقف عن العمل.

كما أن توقف مصرف لبنان المركزي مؤخرا عن دعم استيراد سلع أساسية كالوقود والأدوية، شكل ضربة معيشية قاضية للبنانيين، حيث بات من الصعب عليهم تأمين تلك المواد نظرا لارتفاع أسعارها أو فقدانها من الأسواق.

هذا الواقع يصفه رئيس “الاتحاد العمالي العام” بأنه الأخطر على الإطلاق منذ بداية الأزمة الاقتصادية، وله تداعيات كارثية على المواطنين.

** المسؤولون يراقبون “موت الفقراء”

وأضاف المسؤول النقابي أن “هذا التدهور يدفع الفقراء بخطوات سريعة نحو الموت، فيما المسؤولون يتفرجون من دون اتخاذ أي إجراءات أو حلول”، على حد قوله.

ولفت إلى أن وقف الدعم “يُفترض أن تقابله بطاقة تمويلية، لكنها ليست متوفرة حتى الآن، على الرغم من إقرارها في مجلس النواب (البرلمان)”.

ومن المفترض أن توفر البطاقة التمويلية مساعدات مالية شهرياً لنحو 500 ألف عائلة فقيرة (نحو نصف الشعب اللبناني) بمعدل يراوح بين 93 و126 دولارا، إلا أن حكومة تصريف الأعمال لم تنجزها بعد.

وبحسب أرقام البنك الدولي لعام 2020، تقدر نسبة الفقر بين اللبنانيين بنحو 55 بالمئة، إلا أنها ارتفعت في 2021، على وقع التضخم المفرط لتبلغ نحو 80 بالمئة وفق تقديرات غير رسمية.

وكان المصرف المركزي يؤمن الدولار لمستوردي تلك المواد وفق سعر صرف يراوح بين 1500 و3900 ليرة للدولار، إلا ان احتياطي العملات الأجنبية لديه تراجع بشكل غير مسبوق، ما دفعه إلى وقف الدعم.

وبدأ الدعم منذ أكثر من عام ونصف بهدف الحفاظ على أسعار السلع الأساسية في السوق، بعدما بدأت العملة المحلية تسجل هبوطا تدريجيا أمام الدولار، حتى تجاوز سعر صرفه مؤخرا 20 ألف ليرة بالسوق السوداء، بعدما كان مستقرا عند حدود 1515 ليرة طوال أكثر من عقدين، وهو السعر الرسمي حاليا.

وفي إشارة لحجم المعاناة، لفت الأسمر إلى أن من يتقاضى 3 ملايين ليرة شهريا (نحو 150 دولارا وفق السوق السوداء) ليس لديه سبيل للحياة جراء الغلاء الجنوني لأسعار السلع الغذائية الناتج عن التضخم الاقتصادي المفرط.

ويبلغ الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة (نحو 34 دولارا وفق السوق السوداء)، إلا أن الحكومة لم تعدله رغم انهيار العملة المحلية بشكل غير مسبوق.

** الرعاية الصحية شبه منعدمة

وقال الأسمر إن توفير الرعاية الصحية في لبنان بات شبه منعدم نتيجة غلاء كلفتها، فضلاً عن فقدان معظم أنواع الأدوية.

أما الأدوية القليلة المتوفرة في الصيدليات، فقد ارتفع سعرها بنحو 10 أضعاف، بحسب الأسمر الذي أشار إلى أن ذلك سببه رفع الدعم عنها بطريقة غير مدروسة.

هذا الواقع يجعل العمال والفقراء عاجزين عن توفير الطبابة لهم، بسبب عدم قدرتهم الشرائية للحصول على الدواء أو دخول المستشفى لا سيما أن الجهات الضامنة تعجز عن توفير تكاليف العلاج للمستشفيات، وفق المسؤول النقابي.

وقبل أيام قليلة، أعلنت نقابة المستشفيات أن عددا منها مهدد بالتوقف عن العمل بسبب عدم وفرة الوقود المخصص لتشغيل مولداتها الكهربائية الخاصة ما يشكل تهديدا لحياة المرضى لديها.

** شلل في الحركة الاقتصادية

وبيّن الأسمر أن معظم الموظفين لن تكون لديهم القدرة على الذهاب إلى أعمالهم، بسبب غلاء كلفة التنقل بعد وقف دعم أسعار المحروقات، كما سيؤثر ذلك على مختلف القطاعات الإنتاجية والخدماتية.

ومن القطاعات المهددة بانهيار قدرتها الإنتاجية المخابز والأفران، والمستشفيات، والمولدات الكهربائية الخاصة، وشبكات الإنترنت، ومحطات المياه، والاتصالات.

لا يعول الأسمر على أي حلّ لإنقاذ الشعب اللبناني قبيل تشكيل حكومة جديدة، لكنه يطالب باتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف المعاناة المعيشية للعمال والموظفين.

** مطالبة بخطوات عاجلة

ومن الإجراءات التي يطالب بها “الاتحاد العمالي العام” إقرار زيادة في الرواتب والأجور، والمساعدات الاجتماعية.

وأشار الأسمر إلى أن “لبنان في كارثة حقيقية لن تتوقف إلا بتأليف حكومة تسعى لاستقرار سياسي يوقف الانهيار الحاصل”، مضيفا أن البلاد تحتاج إلى مشروع إنقاذي وإغاثي يمتد لخمس سنوات.

وبسبب خلافات سياسية، يعجز لبنان منذ نحو عام عن تأليف حكومة تضع حداً للانهيار الاقتصادي، وتخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة التي استقالت بعد 6 أيام من انفجار ضخم هز مرفأ بيروت في 4 أغسطس/ آب 2020، أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة نحو 7 آلاف آخرين.

** استعداد لتحركات شعبية

ومنذ بداية العام الحالي، نفذ “الاتحاد العمالي العام” 4 تظاهرات شعبية تخللتها إضرابات وقطع طرقات، للمطالبة بتأليف حكومة “إنقاذ” وعدم رفع الدعم إلا مقابل خطة بديلة تحمي المواطنين معيشيا.

و”رغم المطالبات المتكررة لإنقاذ البلاد والعباد، لكن للأسف رُفع الدعم دون خطة بديلة، ولم تتألف حكومة حتى اليوم”، بحسب الأسمر.

إلا أنه أعلن استعداد النقابات والعمال لسلسلة تحركات جديدة (لم يوضحها)، لكنه حذر في الوقت نفسه من وقوع فوضى اجتماعية عارمة في الشوارع.

Source: Aa.com.tr/ar
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!