مضيق تلقى به الفرس أسوأ هزائمهم التاريخية.. وانسحبوا

سنة 480 قبل الميلاد، خاضت حضارة اليونان القديمة معركة بقائها ضد الغزو الفارسي الذي قاده الملك زركسيس الأول (Xerxes I)

سنة 480 قبل الميلاد، خاضت حضارة اليونان القديمة معركة بقائها ضد الغزو الفارسي الذي قاده الملك زركسيس الأول (Xerxes I) المعروف في الشرق بخشايارشا الأول، حيث سعى الأخير لخوض غمار حرب من أجل إخضاع بلاد اليونان بعد الفشل الذريع الذي عرفه والده داريوس الأكبر (Darius I) أثناء الحملة الفارسية الأولى على المنطقة ما بين عامي 492 و490 قبل الميلاد والتي تحطمت خلالها الجيوش الفارسية على صخرة فيالق هوبليت (Hoplites) أثينا وبلاتايا في خضم ملحمة ماراثون (Battle of Marathon) الشهيرة ليجبر بذلك الفرس على التقهقر والتراجع.

نقش حائطي يجسد ملكا فارسيا في مواجهة أحد جنود الهوبليت
نقش حائطي للملك الفارسي داريوس الأكبر
قضى زركسيس الأول سنوات في الإعداد لهذه الحملة العسكرية، حيث جمع أعدادا هائلة من الجنود والسفن الحربية، وبدأ غزوه لليونان في حدود العام 480 قبل الميلاد عقب عبوره لمضيق هيلسبونت (Hellespont)، المعروف حاليًا بمضيق الدردنيل، ودخوله أراضي تراقيا ومقدونيا القديمة وثيساليا.
نحت جداري للملك الفارسي زركسيس الأول
لوحة فنية للرسام الألماني فون كولباخ تجسد معركة سالاميس

تعرض الفرس منذ البداية لنكسات عديدة، فبعد أن حققوا نصرًا صعبًا بالترموبيل (Battle of Thermopylae) خسروا عشرات آلاف من الجنود، بحسب ما نقله المؤرخ هيرودوت ضد قوات ملك أسبرطة ليونيداس الأول (Leonidas I) قليلة العدد.

وواصل الفرس لاحقًا تقدمهم فخرّبوا أثينا وأحرقوا الأكروبول.

رسم تخيلي لمعركة ماراثون
رسم تخيلي لمعركة التيرموبيل

وأمام هذا الوضع، اجتمع الأثينيون وحلفاؤهم وقرروا تجميع قواتهم عند جزيرة سالاميس (Salamis Island) لتوكل بذلك للأميرال ثيميستوكليس (Themistocles) مهمة إعداد خطة لتدمير السفن الحربية الفارسية المقدر عددها بنحو 800 سفينة.

رسم تخيلي للملك الفارسي داريوس الأكبر

وأمام التفوق العددي الكبير للسفن الحربية الفارسية، مقارنة بسفنه البالغ عددها قرابة 370 سفينة والمكدسة بالخليج الساروني، فضّل الأميرال ثيميستوكليس استدراج الفرس لخوض غمار معركة حاسمة وإنقاذ اليونان، فأرسل أحد العبيد نحو الملك زركسيس الأول حاملا معه عددًا من المعلومات الخاطئة التي استدرج بفضلها الأسطول الفارسي نحو مضيق سالاميس الموجود بين جزيرة سالاميس ومدينة بيرايوس (Piraeus) الساحلية.

رسم تخيلي لمعركة ماراثون

في الأثناء، أبحرت السفن الفارسية نحو مضيق سالاميس واحتشدت في المياه الضيقة خلال سعيها لسده إيمانا منها بإمكانية فرار الأسطول اليوناني عبره. وبسبب ذلك، تكدّست سفن الفرس بمنطقة ضيقة وشلّت حركتها فأصبحت فريسة سهلة ومكشوفة لسفن اليونانيين التي اندفعت نحوهم وأغرقت المئات منها وأسرت وقتلت الآلاف من البحارة الفارسيين. لاحقًا، شنّ الحلفاء اليونانيون هجوما على منطقة بسيتاليا (Psyttaleia) وطردوا الفرس منها ليعرف بذلك الملك زركسيس الأول خسارة فادحة.

إثر هذه الهزيمة القاسية، فضّل ما تبقى من السفن الفارسية المشتتة الانسحاب ومغادرة المناطق القريبة من مضيق سالاميس، وبفضل ذلك نجت المدن اليونانية من الغزو.

فمع خسارته لعدد هائل من سفّنه وفقدانه لجانب كبير من الإمدادات البحرية، تخوّف الملك الفارسي زركسيس الأول من إمكانية محاصرته وقتله ببلاد اليونان، ففضّل وقف العملية العسكرية والانسحاب برفقة الجانب الأكبر من قواته نحو آسيا، تاركا مهمة قيادة ما تبقى من جنوده ببلاد اليونان لجنراله ماردونيوس (Mardonius).

أثناء عملية الانسحاب، شاهد زركسيس الأول حليفته أرتيميسيا الأولى (Artemisia I) ملكة هاليكارناسوس وهي تُغرق بالخطأ إحدى سفنها، فظن أنها أغرقت سفينة يونانية فنطق بجملته الشهيرة: “رجالي أصبحوا نساء ونسائي أصبحوا رجالًا”.

خلال العام التالي، تعرّض ما تبقى من الجيش الفارسي ببلاد اليونان لهزيمة بمعركة بلاتيا (Battle of Plataea) انتهت بالقضاء عليه ومقتل الجنرال ماردونيوس لتكلل بذلك آخر محاولات الفرس لغزو اليونان القديمة بفشل ذريع.

Source: Tamol.om
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!