معرض «الجمالية» للمصري خالد الأباصيري: شخوص منسيّة يُحيها الفن

القاهرة ـ «القدس العربي»: يعد حي (الجمالية) من أقدم أحياء القاهرة، كما أنه يمتلك تاريخاً خلدته البنايات الأثرية والأعمال الأدبية، وربما أشهرها أعمال نجيب محفوظ، الذي اختصر مصر أو العالم في هذه الحارة الشعبية أو تلك. ويأتي معرض الفنان خالد الأباصيري، والمعنون بـ«الجمالية» الذي أقيم في غاليري الزمالك للفن، ليحكي عبر بورتريهات شخوصه عن هذا […]

معرض «الجمالية» للمصري خالد الأباصيري: شخوص منسيّة يُحيها الفن

[wpcc-script type=”7fc5c29e39f9c5c4343ecc08-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»: يعد حي (الجمالية) من أقدم أحياء القاهرة، كما أنه يمتلك تاريخاً خلدته البنايات الأثرية والأعمال الأدبية، وربما أشهرها أعمال نجيب محفوظ، الذي اختصر مصر أو العالم في هذه الحارة الشعبية أو تلك. ويأتي معرض الفنان خالد الأباصيري، والمعنون بـ«الجمالية» الذي أقيم في غاليري الزمالك للفن، ليحكي عبر بورتريهات شخوصه عن هذا الحي مرّة أخرى، راسماً تفاصيلها وحيواتها من خلال فن النحت.

من خلال تفاصيل الشخوص وأفعالهم نستطيع تخيّل العديد من الحكايات والحوارات الدائرة التي لا تنتهي.

الذاكرة الحيّة

ما بين الجلوس إلى مقهى، والتباري حول لعبة القوة بين الرجال، ومرور بائع العرقسوس، إضافة إلى رسم خريطة وحكايات للحي العتيق، حيث المهن القديمة التي اندثرت أو كادت تندثر، كالكواء والسقا وعازف الربابة، إضافة إلى فرقة شعبية متكاملة وقد حضر عازفوها فرادى، كل منهم في لقطة قريبة توضح تفاصيله، ومدى ارتباطه بآلته، وكأن كل منهما ــ العازف والآلة ــ يُشكلان معاً جسداً واحداً لا ينفصم.. مزمار، عود، أو رِق. لم يكتف الفنان برسم تفاصيل الحي من الخارج، بل يصل إلى محاولة الدخول إلى البيوت، حيث تجلس المرأة في زيّها البيتي تقوم بطحن الدقيق. من خلال تفاصيل الشخوص وأفعالهم نستطيع تخيّل العديد من الحكايات والحوارات الدائرة التي لا تنتهي، كل ذلك يمكن في النهاية التقاط صورة فوتوغرافية ثابتة لتسجيل ما كان من أحداث، من خلال مصوّر الحي المعهود (المصوّراتي) وكأنه يطالع كل هؤلاء ويحتفظ بالذاكرة البصرية للمكان، ليعيد استعراضها في ما بعد، تماماً كما فعل الفنان من خلال هذه المنحوتات الحيّة.

فعل الحكي

ويبدو أن حالة الحكي تلازم الشخصيات دوماً، فعبرها يمكن أن تستمع وتصيغ العديد من حكايات لا تنتهي، عن الشخصية وتاريخها وحياتها، ولك أن تتخيل أيضاً تفاصيل رحلتها اليومية، منذ طلوع النهار وحتى سير الشخص وحيداً، بعيداً عن الصخب اليومي، وهو عائد إلى بيته، يضع آلته أو أدواته، ويعلّق سترته، وينام استعداداً ليوم آخر، وهكذا من تفاعل وتداخل الشخوص، يمكن رسم لوحة كاملة للحي، لوحة ربما لم توجد حقيقة الآن، لكنها قادرة دوماً على إثارة الحكايات وتفاصيلها من جديد.

التقنية

وتبعاً لوجهة نظر الفنان في تجسيده لشخوصه، فهم يعيشون في ذاكرته، بدون أن يمسسهم سوء أو نسيان، فهم دوماً في حالة فعل/حركة. وعندما يجتمعون في لقطة مشهدية نلمح صخب الحي العتيق وروحه تتجسد بدورها شيئاً فشيئا.
إضافة إلى الحرص على إظهار أدق تفاصيل الشخصية، من خلال ملامحها أو ملابسها التي تختلف من شخص لآخر، ما بين الجلباب البلدي والطربوش، أو الجاكيت فوق الجلباب، كما في حال الطبّال والمصوّر، على اعتبار كونهما من أهل الفن.
من ناحية أخرى استخدم الفنان عنصر اللون، حتى تقترب الشخصية أكثر من المتلقي ــ ألوان الملابس ــ كل هذا بعيداً عن تجسيد الشخص من منظور وقائعي، بل هناك تغيّرات في نِسب أجزاء الجسم، فلن تكون مطلقاً تجسيداً حقيقياً، هناك مسحة من التكعيب في تشكيل الجسد وتفاصيله والأكسسوارات التي يستعين بها، سواء في ملابسه أو أدوات مهنته، ليس تكعيباً مُبهماً أو استعراضياً، بل تشكيلاً يؤكد حالة الاستدعاء من الذاكرة. هنا تبدو الصعوبة والحِرفية في هذا الشكل، فالأمر لا يقتصر على استنساخ أجساد أو مجرد التذكير بها، بل الإيحاء بأنها آتية من زمن مختلف، مضى ولن يعود، لكن يمكن من خلال الفن وحده أن تنهض هذه الشخصيات من جديد، وتعيش حياتها ولو لبعض الوقت من خلال وعي المتلقي، وقبله روح الفنان، الذي يحتفظ بها ــ الشخصيات ــ ويبعثها ثانية، فلا يطولها النسيان.

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!