‘);
}

مميزات الخطابة السياسية في العصر العباسي

نشطت الخطابة السياسية في مطلع العصر العباسي الأول، فقد كانت أداةً في بيان حق العباسيين في الحكم لضّغط على أبناء عمومتهم في محاولةٍ منهم للاسئثار بالخلافة دونهم، فكانت الخطابة تؤكّد على الدوام حقهم فهم الذين قوّضوا حكم بني أميّة وحطّموه في ثورتهم، ومن ذلك ما جاء في خطبة أبو العباس السفاح حين بويع بالخلافة في الكوفة من حديثه عن قرابتهم للرسول عليه الصلاة والسلام مستدلًا بذلك أيضاً على الآيات القرآنية التي خصّت أهل بيت النبي فقال: (بنا هدى الله الناس بعد ضلالتهم وبصّرهم بعد جهالتهم وأنقذهم بعد هلكتهم)، وفي خطبته هذه أيضاً تحدّث عن ظلم الأمويين وكيف تداركهم الله بهم بأن جاءو فردوا الحقوق إلى أصحابها، وبوجه عام ضعفت الخطابة السياسية بشكلٍ عام لأنّ العباسيين عمدوا إلى سياسية البطش وتكميم الأفواه والبطش بكل من تحدثه نفسه بالخروج عليهم فكانت سياستهم الإذعان أو السيف، ولأنّ الخطابةَ فنٌّ كلامي يزدهر متى ما سُمح للناس بأن يعبروا بحريّةٍ عن آراءهم وهموهم إلا أنّ هذا العصر منعت فيه الأحزاب من المشاركة فضعفت وضعفت معها الخطبة السياسية،[١] أما في العصر العباسي الثاني فقد ضعفت فيه ضعفًا شديدًا وأصبحت نادرة فيه.[٢]

مميزات الخطابة الحفلية في العصر العباسي

ضعفت الخطابة الحفلية في العصر العباسي الأول لأنّ وفود العرب لم تعد تَفِد على قصور الخلفاء كما كانت في عهد بني أمية، فلم تعد هنالك وسائل اتصال بين الخليفة والرعية، ولذلك اقتصرت الخطابة الحفلية على بعض المناسبات فيقوم الخطباء للتعزية بموت خليفةٍ أو التهنئة لمن تولّى الخلافة إذ كان يعقد لمن تولى حفلٌ كبير يؤمّه رجال الدولة فيتقدم خطيبٌ مفوّهٌ يبارك هذه الخلافة ويمتدحها ويدعو إلى الطاعة والمبايعة للخليفة الجديد، وقد تضاءلت الخطابة الحفلية ولم يعد لها شأنٌ يُذكر،[١] أما في العصر العباسي الثاني فقد ضعفت الخطبة الحفلية ولم يظهر منها سوى شظايا قليلة متناثرة لا يمكن تبين ملامحها بوضوح.[٢]