‘);
}

حامل لواء المسلمين في غزوة أحد

إنّ حامل لواء المسلمين في غزوة أحد هو مصعب بن عمير -رضي الله عنه-، حيث ثبت في حمل الراية في المعركة، فأقبل عليه أحد فرسان الأعداء الذي يُدعى ابن قمئة، فقطع يده اليمنى بضربة، ولكنَّ مصعباً -رضي الله عنه- كان ثابتاً ويقول: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ)،[١] وبقي يحمل اللواء بيده اليسرى، فهجم الفارس على يده اليسرى فقطعها، فضمّ مصعبٌ اللِّواء بعَضُدَيه إلى صدره وهو يقول أيضاً: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ)،[١] فضربه الفارس ضربةً ثالثةً بالرّمح، فوقع مصعب بن عميْر وسقط اللواء، فقام أبو الروم بن عمير وأخذ اللواء، وبقي في يده حتى دخل المدينة بعد انصراف المسلمين، ونقل محمد بن عمر عن أبيه أنّه قال: إنَّ الآية التي كان يردّدها مصعب رضي الله عنه- لم تكن قد نزلت بعد، حتى جاء في بعض الروايات أنَّ مصعباً قد أُيِّدَ بمَلَكْ.[٢]

وقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حينَ انصرفَ من أُحُدٍ، مرَّ على مُصعبِ بنِ عُميرٍ وهو مقتولٌ، فوقفَ عليهِ ودَعَا لهُ ثم قرأَ: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلً)،[٣] ثمَّ قالَ: أشهدُ أن هؤلاءِ شهداءٌ عندَ اللهِ فأْتُوهُمْ وزُورُوهُم، والذي نفسي بيدِهِ لا يُسَلِّمُ عليهم أَحَدٌ إلى يومِ القيامةِ إلا رَدُّوا عليهِ)،[٤][٢][٥] وقد نقل ابن عبد البرّ -رحمه الله- اتّفاق أهل السِّيَر على أنَّ حامل الراية في غزوتي بدر وأُحد هو مصعب بن عمير -رضي الله عنه-، وقد قُتل مصعب يوم أُحُد على يد ابن قمئة الليثي الذي قتله وهو يظن أنَّه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، حتى أنَّه رجع إلى قريش وأخبرهم أنَّه قتل محمّداً، وكان عُمر مصعب عندما قُتل أربعين سنة أو أكثر بقليل، وقيل إن قوله تعالى-: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ)،[٣] نزلت به وبأصحابه، وقد أعطى الرسول -صلى الله عليه وسلم- الراية بعد استشهاد مصعب إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ورجالٍ من المسلمين.[٦]