من رائدات التشكيل المصري: تحية حليم وزينب السجيني…الاحتفاء بالحياة الإنسانية

القاهرة ـ «القدس العربي»: في مسيرة الفن التشكيلي المصري العديد من تجارب الفنانات التشكيليات المؤثرات في تاريخ هذا الفن. بداية من اقتران مسيرتهن الفنية بمواقف سياسية واجتماعية ــ رغم تباين هذه التجارب ــ حيث ارتبط الفن لديهن بفكر تحرري، واكب لحظات التحرر الوطني وقتها، إضافة إلى انتهاجهن أساليب فنية، تتواصل مع إرث مصر الحضاري، بدون […]

Share your love

من رائدات التشكيل المصري: تحية حليم وزينب السجيني…الاحتفاء بالحياة الإنسانية

[wpcc-script type=”2f405ee9869c45d4d316e998-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»: في مسيرة الفن التشكيلي المصري العديد من تجارب الفنانات التشكيليات المؤثرات في تاريخ هذا الفن. بداية من اقتران مسيرتهن الفنية بمواقف سياسية واجتماعية ــ رغم تباين هذه التجارب ــ حيث ارتبط الفن لديهن بفكر تحرري، واكب لحظات التحرر الوطني وقتها، إضافة إلى انتهاجهن أساليب فنية، تتواصل مع إرث مصر الحضاري، بدون تقليده أو استنساخه، بل جعله يتماس مع الحس الاجتماعي والقضايا المثارة وقتها. نذكر من هؤلاء.. إنجي أفلاطون، جاذبية سري، تحية حليم وزينب السجيني، وغيرهن على اختلاف هذه التجارب الفنية والبيئة التي أنتجتها، ما جعل من صاحباتها رائدات في هذا المجال. وقد أقيم مؤخراً بالتزامن معرضان لكل من تحية حليم وزينب السجيني، من خلالهما تم استعراض أهم أعمالهما التي تكشف عن عالمهما الفني والفكري.

البيئة المصرية وناسها

أقيم في غاليري بيكاسو معرض لمجموعة من أعمال تحية حليم (1919 ــ 2003)، التي من خلالها يمكن اكتشاف العالم الذي تدور فيه مخيلة الفنانة وعالمها الفني. بخلاف ما اشتهرت به حليم من لوحات جسدت الحياة في بلاد النوبة قبل زوالها، حيث زارت تحية حليم النوبة، ضمن وفد ضم عددا من الفنانين والمفكرين عام 1961 في رحلة استمرت لمدة شهر، تنقلت خلالها بين قرى النوبة، من خلال دعوة ثروث عكاشة وزير الثقافة والإرشاد القومي وقتها، لتوثيق الحياة والآثار النوبية، قبل عمليات التهجير وغرق النوبة القديمة بعد إنشاء السد العالي ــ رحلة حكومية ليس أكثر ــ ورغم ما حملته تلك الفترة من أعمال تشايع توجهات الدولة، حتى أن الفنانة حصلت على جائزة الدولة التشجيعية عام 1968 عن إحدى لوحات تلك المرحلة، وعنوانها «الخبز من الصخر» التي رسمتها عام 1965، إضافة إلى لوحة بعنوان «أفراح السد العالي» التي مثلت فيها عبد الناصر على أحد المراكب يلبس جلبابا أبيض ومعه رجاله، يقدم سنابل القمح لأهالي النوبة الذى يتقدم أحدهم بذراعيه نحو الزعيم وخلفه النوبيون فى المركب الآخر! إلا أن تجربة الفنانة اتسعت، فكان اهتمامها دائماً ما ينصب على البيئات المصرية، خاصة الريف وناسه، من هنا ترسخ عالم تحية حليم، عن ناس وكائنات وتفاصيل البيئة الريفية، بسطاء وأقوياء، قادرين على إنتاج صيغة حياتية مستمرة منذ قِدم التاريخ المصري. لتتجلى فكرة التواصل مع التراث الممتد، فرعونيا وقبطيا وإسلاميا، وصولاً في النهاية إلى الروح الشعبي،


ولهذا المعتقد الفكري ما يؤكده في لوحاتها، من حيث اللون والأسلوب، فاللون المسيطر في معظم اللوحات هو لون الطين المحروق، إضافة إلى اللون الأخضر، ومن هذين اللونين تتشكل ألوان الطبيعة المصرية، إضافة إلى أزرق النيل. كذلك يبدو أسلوب الفنانة وكأنه في غاية التلقائية، إلا أنه مدروس بعناية، وما اختفاء النسب المثالية وما شابه من التعليمات الأكاديمية، إلا وكان مقصوداً من قِبل الفنانة. كذلك لم تنس تحية حليم أدق تفاصيل المكان، الذي يحوي الشخوص في اللوحة، تأتي دوماً هذه التفاصيل في شكل كبير من الاختزال والإيجاز، فقط إيحاء في الأغلب، فنجد تمجيد لحظات حياتية غاية في التأثير، كالأم التي تمشط شعر طفلتها، أو رجل وامرأة يتقاربان في مناجاة رقيقة، أو أن تسير أسرة من الفلاحين بين دروب القرية، تتقدمها المرأة ـ الأم والزوجة ـ كل هذه اللقطات يمتزج فيها شكل الأيقونة واللوحة الجدارية، وكأنها رسومات طفلة مدهوشة بما تشاهده وتسجله بفرشاتها وفق هواها.

فتيات الحكايات العجيبة

ويأتي معرض الفنانة زينب السجيني ـ مواليد عام 1930 ـ الذي أقيم في غاليري الزمالك، ليسرد حكايات عن فتيات ونساء يعشن في عالم خاص بهن، أو عالم شيدت الفنانة تفاصيله، التي ينتمي بعضها إلى مفردات معهودة من الطبيعة ومخلوقاتها، ولكنها في المجمل تشكل عالماً مختلفاً، عجائبياً وطفولياً إلى حدٍ كبير. مجتمع النساء هذا ـ لا وجود لرجل في اللوحات ـ تبدو شخوصه متشابهة الملامح، وكأنها أسرة كبيرة واحدة، على اختلاف أعمار النساء وحالاتهن، طفلة، فتاة، امرأة، أما. عالم خاص بهن يعشن تفاصيله وحدهن فقط. هنا نجد اقتراب الفنانة أكثر من أسلوب الفن المصري القديم، سواء من حيث تكوين الجسد، أو تفاصيل الطبيعة ومخلوقاتها.. العصافير، الأسماك، الأشجار والزهور، التي تميل أكثر إلى الاختزال الذي يكاد يقارب الرمز، كما في النقوش الفرعونية القديمة. ورغم استقرار هذا الأسلوب لدى الفنانة منذ زمن، إلا أن لوحاتها لم تزل تحمل طاقة تعبيرية كبيرة، تجسد توازناً وتناغماً بين الشخصيات والبيئة التي يعشنها، إضافة إلى سمة البراءة التي تصاحب الشخصيات وحالاتها المختلفة، والتي لم تغادر نظرة السجيني إلى عالمها الفني حتى الآن.

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!