‘);
}

هارون الرشيد

أنعم الله -عزّ وجلّ- على أمة الإسلام بعددٍ من العظماء الذين كان لهم أثرٌ عظيمٌ في رِفعة أمة الإسلام، وازدهارها، ومن أبرزهم الخليفة هارون الرشيد رحمه الله، وحاول غُزاة التاريخ كثيراً تشويه صورته بأنّه قضى مُلكه في المُجون، وشُرب الخمر، والاهتمام بالجواري، وقال عنه ابن خلّكان: (كان من أنبل الخلفاء، وأحشم الملوك ذا حجٍّ، وجهادٍ، وغزوٍ، وشجاعةٍ، ورأيٍ)؛ أي أنّه كان على عكس ما صوّره أعداء التاريخ، فكان معروفاً بالشجاعة، والنُبل، والدفاع عن الأمة الإسلامية بالجهاد في سبيل الله تعالى، وقال عنه منصور بن عمّار أيضاً: (ما رأيت أغزر دمعاً عند الذكر من ثلاثةٍ: الفضيل بن عياض، والرشيد، وآخر)، ووُلد هارون الرشيد في مدينة الري التي كانت تحت إمرة والده، وكان أميراً أيضاً على جميع خُراسان، عُرف الرشيد بالشجاعة من صغره، وكان عابداً، وَرِعاً، حيث ذكر الخطيب البغدادي: (أنّه كان من عادته أن يصلّي في اليوم مئة ركعةٍ، ولا يمتنع عنها إلّا لأمرٍ طارئٍ)، وكان يقصد بيت الله الحرام حاجّاً في أغلب الأعوام، كما عُرِف هارون الرشيد بحبّه للعلم والعلماء، فرُوي أنّه ارتحل بولديه الأمين والمأمون إلى الإمام مالك بن أنس؛ حتى يسمعوا منه الموطأ، ممّا جعل له محبةً كبيرةً من العلماء، حتى تمنّى أحدهم لو زاد الله تعالى في عمر الرشيد من عمره، وكان مُلكه عظيماً، والرخاء في عهده كبيراً.[١]

البرامكة

كان البرامكة من المقرّبين جداً من هارون الرشيد؛ حتى إنّ يحيى بن خالد بن برمك هو من قام برعاية هارون الرشيد في طفولته، وكان لا يناديه إلّا بقول: يا أبي، فعندما تولّى هارون الرشيد الخلافة، وامتلك زمام الأمور في الدولة، عيّن يحيى على وزارته، وقال له: (قلدتّك أمر الرعية، وأخرجته من حقي إليك، فاحكم في ذلك بما ترى من الصواب، واستعمل من رأيت، وأعزل من رأيت)، فهو تفويضٌ كاملٌ له للقيام بأمورالدولة أحسن قيامٍ، حتى كان لقبهم زهرة الدولة العباسية؛ لما كان من حُسن قيادتهم للجيش، وتدبيرهم لأمور الدولة،[٢] وحدث أن تغيّر الحال بين هارون الرشيد والبرامكة، ممّا أدى إلى حدوث ما يُسمّى بنكبة البرامكة، ممّا دفع المؤرّخين إلى تأليف الإشاعات، فمنهم من قال ببراءة للبرامكة، وأنّ سبب النزاع كان نزوة غضبٍ من هارون الرشيد، ومنهم من افترى قصصاً غير حقيقة ولا أصل لها.[٣]