نادية سعد الدين

عمان- هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، منشأة سكنية فلسطينية في القدس المحتلة، لتضاف إلى نحو 122 منشأة مقدسية دمرتها وشردت سكانها في أقل من شهر واحد، وأكثر من 3700 منزل ومحل وموقع تاريخي وديني هدمته منذ العام 1967، وذلك ضمن سياستها الرامية إلى تهويد مدينة القدس وطمس معالمها العربية والإسلامية.
ويواصل الاحتلال “تنفيذ سياسة هدم منازل المقدسيين لتفريغ الوجود الفلسطيني في المدينة والقضاء على الهوية الفلسطينية”، وفق منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك قياساً على هدم البناية السكنية المكونة من ستة طوابق إثر اقتحام القوات الإسرائيلية حي “الصلعة” بجبل المكبر، جنوبي القدس المحتلة.
وقد أدى ذلك إلى اندلاع المواجهات العنيفة بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال التي أطلقت القنابل الصوتية والمسيلة للدموع باتجاههم، فيما رد المواطنون بإطلاق المفرقعات باتجاه القوات الإسرائيلية.
ورأت دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير أن “سلطات الاحتلال تستهدف تهويد القدس المحتلة، ومنع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق حدود العام 1967 وعاصمتها القدس”.
وطبقاً للمعطيات الفلسطينية الرسمية؛ فقد قامت سلطات الاحتلال “بإصدار مئات أوامر هدم المنازل القائمة ومخالفات البناء لأكثر من 25 ألف وحدة سكنية فلسطينية، أي حوالي ثلث الوحدات السكنية القائمة في القدس المحتلة”.
وقد تسببت أعمال الهدم التي تنفذها قوات الاحتلال في “تشريد الآلاف من المواطنين المقدسيين وتركهم بلا مأوى، كما أن إخلاءهم القسري من مدينتهم بحد ذاته مخالفة للقانون الدولي وانتهاك لقواعده”، وفق الدائرة الفلسطينية.
وتشير التقديرات الفلسطينية إلى أنه “منذ العام 1967؛ هدمت سلطات الاحتلال، أكثر من 3,700 منزل فلسطيني ومنشآت أخرى في القدس المحتلة، بما في ذلك بعض المواقع التاريخية والدينية مثل حارة المغاربة في البلدة القديمة”.
استكمال حلقة التهويد
وتقوم سياسة الاحتلال على “منع حدوث أي امتداد عمراني فلسطيني عن طريق مصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات، حيث اعتمدت السلطات الإسرائيلية سلسلة من سياسات التخطيط الهيكلي الرامية إلى منع أبناء الشعب الفلسطيني من البناء على أرضهم أو توسيع المنشآت القائمة”.
وقالت دائرة شؤون المفاوضات في تقرير أصدرته حديثاً إن “سلطات الاحتلال تسمح للفلسطينيين في البناء والعيش على 13 % فقط من مساحة القدس المحتلة”.
وتعد تراخيص البناء في المنطقة مكلفة جداً، بحيث يكاد يكون من المستحيل الحصول عليها نظراً للقيود الإسرائيلية المفروضة والإجراءات العنصرية والسياسات التمييزية التي تتبعها حكومة الاحتلال في هذا الخصوص مما يعطيها الحجة لهدم منازل الفلسطينيين الذين يضطرون إلى البناء لمواجهة النمو الطبيعي لعائلاتهم دون الحصول على تراخيص بناء.
وقد ترتب على السياسات العنصرية الإسرائيلية، بحسب الدائرة، “اكتظاظ سكاني كبير في القدس المحتلة، مرشح للزيادة مع الازدياد الطبيعي للسكان في المدينة”.
ومنذ العام 1967 حتى الآن؛ ارتفع عدد السكان الفلسطينيين داخل ما يسمى الحدود البلدية لمدينة القدس كما حددتها سلطات الاحتلال من 68،600 إلى 361،000 نسمة، بزيادة قدرها 190 %.
وبالرغم من أن المقدسيين يشكلون أكثر من 40 % من سكان القدس، إلا أن سلطات الاحتلال تخصص ما نسبته 10 % فقط من موازنة المدينة لتوفير الخدمات لهم، نظير ذهاب معظمها لأكثر من 220 ألف مستوطن في شرقي القدس، ضمن مستوطنات تشكل حلقة تحيط بالمدينة وتعزلها عن بقية الضفة الغربية المحتلة.
وقد تسببت سياسة التضييق الإسرائيلية في أن قرابة 78 % من الفلسطينيين المقدسيين يعيشون تحت خط الفقر، فيما يعيش 200 ألف فلسطيني في المدينة بدون شبكات مياه مناسبة.
فيما يلقي جدار الفصل العنصري بظلاله الثقيلة على الحياة الاقتصادية للمقدسيين، حيث تسبب الجدار ونظام الإغلاق في فرض قيود مجحفة وعسيرة على الأنشطة التجارية في القدس المحتلة، التي تشكل مركز الثقل الاقتصادي في فلسطين، وفي المناطق المحيطة بها وعلى حركة التجار منها وإليها”، وفق الدائرة.
بيد أن آثار الجدار الديمغرافية والاجتماعية والسياسية تفوق ذلك بكثير؛ إذ عزل حوالي 140 ألف مقدسي عن مدينتهم لأن المناطق السكنية التي يقيمون فيها باتت تقع خارج نطاقه، مما أدى إلى تفكيك الترابط الاجتماعي وتقويض نسيج الحياة الاجتماعية للفلسطينيين الذين يقطنون على جانبيه.
ويزيد من ذلك أن جدار الضم والتوسع يحد من المساحة المتوفرة التي يحتاجها الفلسطينيون للنمو، ويسهل من إقامة المستوطنات وتوسيعها، كما يقطع شبكة النقل الوطني الذي يربط أجزاء الضفة الغربية بالقدس وببعضها البعض، مما أدى إلى تدفق الفلسطينيين المقدسيين إلى مركز المدينة.
سياسة التمييز العنصري
وبغية استكمال حلقة التهويد حول القدس؛ عمدت سلطات الاحتلال إلى مصادرة الهويات وسحب حقوق الإقامة وحظر لم شمل العائلات المقدسية، من أجل إحداث أغلبية ديموغرافية يهودية في القدس.
وطبقاً لمعطيات منظمة التحرير؛ فقد “صادرت سلطات الاحتلال نحو 14،600 بطاقة هوية من المقدسيين الذي يتمتعون بحق الإقامة الدائمة في القدس منذ العام 1967، مما ألحق ضرراً مباشراً بأكثر من 20 % من العائلات الفلسطينية في مدينة القدس المحتلة”.
في حين تتمثل أحد الآثار المباشرة التي تخلفها سياسة الإغلاق الإسرائيلي على القدس المحتلة في “منع أربعة ملايين مواطن مسيحي ومسلم من أبناء الشعب الفلسطيني من الوصول إلى أماكنهم المقدسة وكنائسهم ومساجدهم الواقعة في المدينة، فضلاً عن حرمانهم من تلقي الخدمات الطبية التي لا تتوفر سوى في القدس”، طبقاً لمنظمة التحرير.