هل يعني عدم نجاحك في عمر معين أنَّك لن تنجح أبداً؟

هل لدى البشر تاريخ انتهاء صلاحية؟ وهل هناك عمر معين يجب أن نستسلم فيه، ونتوقف عن السعي وراء أحلامنا؟. هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة ميليسا (Melissa)، والذي تحدثنا فيه عن حقيقة العمر المناسب للنجاح.

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة “ميليسا” (Melissa)، والذي تحدثنا فيه عن حقيقة العمر المناسب للنجاح. هل لدى البشر تاريخ انتهاء صلاحية؟ وهل هناك عمر معين يجب أن نستسلم فيه، ونتوقف عن السعي وراء أحلامنا؟

نبدأ في إهمال طموحاتنا في مرحلة معينة من الحياة، ونتلقى بعض دروس الحياة القاسية، ونرى أقراننا يستقرون، ونتلقى تعليقات نقدية من الأصدقاء والعائلة؛ وعند الشعور بالضيق بسبب ضغوط الحياة اليومية، نتوقف ونتساءل عمَّا إذا كان الوقت قد حان للتحلي بالواقعية.

لا مزيد من اللهو والمرح، ولا مزيد من أحلام اليقظة؛ إذ ينبغي علينا تقبل الأشياء كما هي، سواء شئنا أم أبينا.

إذا كنت تفكر بهذه الطريقة، فهناك مقالة رائعة كتبها المخرج الحائز على جائزة الأوسكار آنج لي (Ang Lee) في عام 2006 عن “حلمه الذي لا ينتهي”، وإليك فحوى هذه المقالة:

“عندما تقدمت لدراسة الأفلام في جامعة إلينوي (University of Illinois) عام 1978، اعترض والدي بشدة، واقتبس لي جملة من إحصائية تقول: “يتنافس 500 ألف فنان كلَّ عام على 200 دور متاح في مسرح برودواي”؛ ولكن رغم نصيحته، استقليت رحلة إلى الولايات المتحدة؛ ممَّا أدى إلى توتر علاقتنا، لدرجة أنَّنا قد تبادلنا في العقدين التاليين مجتمعين أقل من مئة عبارة في محادثاتنا.

عندما تخرجت بعد عدة أعوام، بدأت أتفهم قلق والدي؛ إذ لم يكن أحد يسمع عن تايوانيين قادمين ليعملوا في صناعة الأفلام الأميركية.

لقد عانيت منذ عام 1983 ست سنوات من الألم واليأس والحيرة، وكثيراً ما كنت أساعد طواقم الأفلام في تجهيز ونقل معداتهم، أو أعمل كمساعد للمحرر، وبقيت أتنقل بين مهام متنوعة، وكانت تجربتي الأكثر إيلاماً عندما روجت لنفسي عند أكثر من ثلاثين شركة إنتاج مختلفة، ثمَّ قُوبِلت بالرفض الصارم في كلِّ مرة.

في ذلك العام، بلغت الثلاثين من العمر، ولكنِّي لم أستطع حتى إعالة نفسي؛ وقد أخذت أفكر وأسأل: “ماذا يمكنني أن أفعل؟ هل أنتظر أكثر، أم أتخلى عن حلمي في صناعة الأفلام؟”؛ وهنا أحب أن أشير إلى دعم زوجتي الذي لا يقدَّر بثمن.

لقد كانت زوجتي زميلتي في الكلية، وكانت متخصصة في علم الأحياء، وذهبت بعد التخرج للعمل في مختبر أبحاث صيدلانية صغير، وكان دخلها متواضعاً للغاية؛ وقد كان لدينا في ذاك الوقت مسؤوليات كثيرة، كان أهمها ابننا الأكبر (هان) وتربيته.

لقد توليت حينها جميع الأعمال المنزلية -الطهي والتنظيف ورعاية ابننا- لتقليل شعوري بالذنب، بالإضافة إلى قراءة الأفلام ومراجعتها وكتابة النصوص؛ وكنت أجلس كلَّ مساء بعد تحضير العشاء مع (هان) وأقصُّ عليه قصصاً مختلفة، بينما كنَّا ننتظر أن تعود والدته إلى المنزل مع قوتنا (دخلنا)؛ وقد كان هذا النوع من الحياة يهز كرامتي كرجل.

في مرحلة ما، أعطى أقارب زوجتي مبلغاً من المال لزوجتي،  وقد كان الغرض منه إعانتي لفتح مطعم صيني، على أمل أن تساعد الأعمال التجارية في إعالة أسرتي؛ لكنَّ زوجتي رفضت المال؛ وعندما اكتشفت هذا الأمر، بقيت أفكر لعدة ليالٍ وقررت أخيراً: هذا الحلم الذي أحلم به ليس مقدراً له أن يتحقق؛ لذا يجب أن أواجه الواقع”.

“لا تنسَ حلمك”:

“بعد ذلك، وبكلِّ أسى، التحقت بدورة كمبيوتر في كلية مجتمعية مجاورة، وقد فاق اهتمامي بالالتحاق بوظيفة في هذا الوقت جميع الاعتبارات الأخرى، وبدا لي أنَّ المعرفة بأجهزة الكمبيوتر قد تجعلني قابلاً للتوظيف بسرعة؛ لكنِّي بدأت بعدها أشعر بالضيق، واكتشفت زوجتي الأمر بعد أن لاحظت سلوكي غير المعتاد، ورأت جدولاً من الفصول الدراسية مختبئاً في حقيبتي؛ لكنَّها لم تعلق في تلك الليلة.

في صباح اليوم التالي، وقبل أن تذهب لتستقل سيارتها إلى العمل، عادت خطوة إلى الوراء، ووقفت على عتبتنا الأمامية، وقالت: “آنج، لا تنسَ حلمك”.

لقد عاد حينها ذلك الحلم إلى الحياة من جديد، الحلم الذي أغرقته مطالب الواقع؛ وعندما خرجت زوجتي، أخرت الجدول الدراسي من حقيبتي ومزقته ببطء عمداً، وقذفته في القمامة.

حصلت في وقت ما بعد ذلك على تمويل لأحد سيناريوهاتي الخاصة، وبدأت تصوير أفلامي الخاصة؛ ثمَّ بدأت بعض أفلامي تفوز بجوائز دولية.

قالت لي زوجتي: “لطالما آمنت دائماً أنَّك تحتاج فقط إلى جائزة واحدة، وجائزتك هي صنع الأفلام؛ وإذا كنت تريد هذا التمثال الذهبي (الأوسكار)، فعليك الالتزام بالحلم”.

لقد فزت اليوم أخيراً بهذا التمثال الذهبي، وأعتقد أنَّنا قد حصدنا نتائج مثابرتي وتضحية زوجتي التي لا حدَّ لها في النهاية، وأنا الآن أكثر ثقةٍ بأنَّني يجب أن أستمرَّ في صناعة الأفلام؛ وكما ترى، لدي حلم لا ينتهي”.

لا يدور الكون مثلما تريد له أن يدور:

عندما نبذل الجهد للحصول على شيء نريده، نتوقع عادة نتائج متناسبة، ونعتقد أنَّ الجهود الصغيرة تؤدي إلى نتائج صغيرة، وأنَّ الجهود الكبيرة تؤدي إلى نتائج كبيرة؛ ولكن لسوء الحظ، العلاقة بين الاثنين ليست واضحة للغاية.

عندما لا نرى النتائج المرجوة في وقت معين، نقول لأنفسنا أنَّنا لن نحصد ما نريد أبداً، ونفكر مثل “آنج لي” (Ang Lee) في أنَّنا قد بلغنا سناً معيناً، ونتساءل لماذا لم نكن في المكان الذي كنَّا نتمناه؛ ولكي نحصل على إطار مرجعي يفسر كيف يُفترَض أن تسير الأمور، ننظر إلى زملائنا ومن هم حولنا كأمثلة، وإلى عناوين قصص النجاح لمؤسسي الشركات الناشئة الذين نجحوا في العشرينات من عمرهم، والأشخاص الذين حققوا النجاح بمعدلات سريعة بشكل ملحوظ، وكيف حققوا شيئاً مبتكراً للغاية؛ بينما نحن نناضل من أجل البقاء على أقدامنا.

بالطبع، لا يدور الكون بالطريقة التي تريدها، وقد يتخطى الشخص الذي بذل جهداً أقل شخصاً كافح باستمرار، وقد يفشل الشخص الذي يواصل المحاولة بشكل متكرر.

يحب الإعلام التركيز على أولئك الذين حققوا نجاحاً غير عادي في سن مبكرة على وجه التحديد، ويجذب انتباهنا نحو الحالات الاستثنائية والقصص غير العادية التي تبرز؛ ذلك لأنَّه أمر نادر جداً، ولأنَّ الأخبار العادية لا تخلق عناوين لافتة للنظر.

لا ننكر حقيقة أنَّ العمر هام؛ إذ مع تقدمك في العمر، تُغلَق بعض أبواب النجاح، ويصبح الدخول أكثر صعوبة. تعدُّ الرياضة مثالاً واضحاً على ذلك؛ إذ يبلغ متوسط ​​عمر الرجل الحاصل على الميدالية في الألعاب الأولمبية الصيفية 26.2، في حين يبلغ متوسط ​​عمر المرأة الحائزة على الميدالية 25.2.

ولكن، عندما تنظر عن كثب، يختلف متوسط ​​العمر اختلافاً كبيراً بين مختلف التخصصات، وتكون الفروسية مثالاً للفئة الأعلى عمراً، حيث يبلغ متوسط ​​الميدالية في الفروسية 37.5 سنة؛ ونظراً إلى أنَّها لا تعتمد على القوة البدنية، فقد ينجح الرياضيون فيها في سن أكبر.

أمَّا للجمباز متوسط أدنى من ​​العمر، إذ يبلغ متوسط ​​الميدالية في الجمباز الإيقاعي 18.5 سنة فقط؛ فلأنَّها رياضة تتطلب مرونة عالية وتوازناً وقوة، تقل فرص النجاح فيها كلَّما تقدم المرء أكثر في العمر.

لا يتطلع معظمنا -بالتأكيد- إلى أن يصبح رياضياً أولمبياً أو محترفاً؛ لذلك دعونا ننظر إلى العمر والنجاح من منظور عام.

شاهد بالفديو: الاخفاق سرّ النجاح… كيف تحول فشلك إلى نجاح؟

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/ufLN9UHVfDo?rel=0&hd=0″]

تُغلَق بعض الأبواب، وتُفتَح أبواب أخرى:

تشعر بمرور الوقت بتحفيز أقل لتجربة أشياء جديدة، وتميل مستويات طاقتك إلى الانخفاض، وتشعر بمزيد من الاستقرار في الأمور، ويعدُّ التغيير بمثابة اضطراب لمستويات راحتك؛ ولكن رغم ذلك، لا يعني هذا أنَّك لا تستطيع أن تبدأ القيام بأمور جديدة في وقت لاحق، فقد بدأ عدد من الأشخاص تنفيذ أحلامهم بعد فترة طويلة ممَّا قد تكون عليه الآن.

ستان لي (Stan Lee)، كاتب ومحرر أسطوري للكتب المصورة في مارفيل كوميكس (Marvel Comics)، وهو من كتب عن أول بطل هزلي له في سن التاسعة والثلاثين؛ كما قضت جوليا تشايلد (Julia Child) -المعروفة بتحضير مأكولات المطبخ الفرنسي للجمهور الأمريكي- حياتها المهنية المبكرة في العمل ككاتبة ناسخة وباحثة، وكانت تبلغ من العمر 49 عاماً عندما نُشِر أول كتاب لها مكوَّن من 726 صفحة في إتقان فن الطبخ الفرنسي، ممَّا فتح الباب أمام حياتها المهنية في الطهي؛ ثمَّ هناك كولونيل ساندرز (Colonel Sanders)، الذي افتتح أول مطعم كنتاكي عندما كان عمره 62 عاماً.

أعرف أشخاصاً أنشؤوا أعمالاً جديدة بعد التقاعد، في حين يمارس آخرون مهاراتهم الإبداعية في حياتهم المهنية الحالية؛ وقد قابلت شخصاً بدأ تسلق الجبال في الستينيات.

لذا، النجاح ليس ثابتاً، وليس سمة دائمة؛ إذ يمكن لشخص ما أن يكون ناجحاً في الثلاثينيات من عمره، وألَّا ينجح في الأربعينيات؛ ويمكن للشخص الذي يكافح في النصف الأول من حياته أن يجد انطلاقة ويصبح ناجحاً في وقت لاحق.

ومثلما يمكن أن يكون النجاح مؤقتاً، فهو ليس شاملاً أيضاً؛ إذ يمكن لشخص ما أن يكون ناجحاً مالياً بشكل لا يصدق، وألَّا ينجح في حياته الشخصية؛ ويمكن لشخص ما أن يشعر بالرضا في وضعه الحالي، حتى لو لم يكن مناسباً لنموذج نجاح شخص آخر.

التوجه والعمل والظروف:

قد تشعر بالنجاح من الداخل، ولكن ليس من الخارج؛ وقد تشعر أنَّك يمكن أن تكون ناجحاً إذا كانت الأمور مختلفة، أو أنَّك تستطيع تقديم أكثر ممَّا يسمح لك وضعك الحالي بتقديمه.

يشعر الجميع بذلك في وقت أو آخر، بما فيهم الأشخاص الذين تعتبرهم ناجحين، ولكنَّ الفارق يكمن فيما تفعله؛ لذا إليك فيما يأتي بعض النصائح للوصول إلى النجاح، بغض النظر عن مكانك الآن:

1. حقق أقصى استفادة ممَّا يُتَاح أمامك:

يقضي العديد من الناس -إن لم يكن معظمهم- يومهم في فعل شيء لا يستمتعون به؛ ولكن حتى إذا كنت تفعل شيئاً لا يعجبك الآن، فما الذي يمكنك أن تستخلصه من تجاربك؟

قد يساعدك العمل في خدمة العملاء على صقل مهاراتك في التواصل، وقد يساعدك قضاء الوقت في نشاط تجاري ما على معرفة كيفية عمل المنظمات، وقد تكون الاستفادة من هذه المهارات والمعرفة مفيدة لك في المستقبل؛ كما قد لا تفعل شيئاً يعجبك الآن، ولكن لا يزال بإمكانك التعلم والاستعداد للمستقبل.

2. ترقب الفرص الجيدة:

عندما ينظر شخصان إلى الموقف نفسه، قد يكون لكلٍّ منهما وجهة نظر مختلفة تماماً؛ أي بينما يرى شخص ما المشكلات، يرى الآخر الإمكانات.

لطالما وجدت أنَّ اختيار المخرج لفريق العمل الفني أو لشخص ما للعب شخصية معينة أمر مثير للاهتمام؛ ففي بعض الأحيان، عندما أرى ممثلاً خارج الشاشة لا يبدو وكأنَّه الشخص المناسب لهذا الدور، أجد أنَّ الممثل تمكَّن من تجسيد الشخصية بشكل مذهل عندما أشاهد الفيلم.

يشبه المخرج الجيد شخصاً محظوظاً؛ فهو لديه نظرة خاصة على الإمكانات التي قد يفوتها الآخرون، والشخص المحظوظ محظوظ لأنَّه يحافظ على نهج إيجابي وموقف منفتح بدلاً من الاعتماد على الظروف.

لا شيء مثالي، وتأتي الأشياء الجيدة برفقة أشياء سيئة دائماً، حيث تتشابك المخاطر والمكافآت؛ ولكنَّ السؤال هو: هل يمكنك رؤية كلِّ ذلك من خلال التعرف على الفرص الجيدة، أم لا؟

شاهد بالفديو: تعلم كيف تغتنم الفرص بـ 10 خطوات

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/RHoY22kJjM8?rel=0&hd=0″]

3. مارس العادات الناجحة كلَّ يوم:

قد لا يمتلك شخص ما علامات النجاح الخارجية، ولكنَّه يمتلك عناصر شخص قد يكون ناجحاً، ولكنَّ وضعه الحالي لا يتناسب مع حقيقته، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت لتحقيق ما يريد.

لم يكن الأشخاص المذكورون أعلاه جالسين بانتظار حدوث شيء ما، بل كانوا يستعدون بالفعل لتلك اللحظة الكبيرة مسبقاً قبل أن تأتي أيُّ فرص، وكانوا مشغولين في التمرن والتعلم وصقل مهاراتهم؛ لهذا السبب، قد يحمل الأشخاص الذين يكرسون وقتهم للتميز في مجال ما هذه الصفات نفسها للتميز في مجال آخر؛ إذ يتطلب وجودك في قمة أيِّ مجال في النهاية رؤية وعملاً شاقاً.

ركز على أكبر اللحظات، ولكن لا تنسَ كلَّ اللحظات الصغيرة التي ربَّما قد تبدو غير هامة لكنَّها أدت إلى ذلك النجاح الكبير.

في الختام، لا تستهن بنفسك:

قد تقابل شخصاً أداؤه أفضل من أدائك، مع أنَّكما في العمر نفسه، أو ربَّما قد يكون أصغر منك سناً؛ وقد تستمر في المحاولة والتخبط؛ لكنَّ هذه الأشياء لا تهم الآن، والشيء الوحيد الذي يجب القلق بشأنه هو الخطوة التالية؛ فهل ستجلس وتحزن على الماضي؟ أم ستأخذ الدروس التي جمعتها وتحولها إلى مستقبل أفضل؟

طالما أنَّك تتنفس، فإنَّك تمنح الطاقة والإرادة للقيام بما هو ضروري لك؛ لذا لا تستبعد عن نفسك النجاح بعد تاريخ صلاحية محدد.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!