هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين

هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين؟ ، ما هي علاقة الفلسفة والدين؟ ، ما هو الفرق بين الفلسفة والدين؟ ، ما العلاقة بين الفلسفة والدين حسب ابن رشد؟

mosoah

هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدينهل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين

هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين؟ وهل الفلسفة والدين متناقضين؟ وما هي علاقة الدين بالفلسفة وعلاقة الفلسفة بالدين؟ كل تلك تساؤلات تدور في عقل الباحث عن الحق والمعرفة الصادقة ليصل لليقين ويُكَون إيمان حقيقي، قوي لا يتزعزع، لهذا من خلال موقع الموسوعة سنعرف هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين.

هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين

في الفترة بين 570 و495 قبل الميلاد نشأ مصطلح على يد عالم الرياضيات الأشهر فيثاغورس -مازال هذا المصطلح موضع جدال ونقاش حتى يومنا هذا- وهو مصطلح الفلسفة أو philosophia … تعريف المصطلح الحرفي هو “حب الحكمة” فبالتأكيد ليس هُناك خلاف على الفلسفة كمصطلح، لكن الخلاف جاء من روافدها واتجاهاتها الفكرية والمذهبية التي نشأت على إثرها جماعات رأي اتخذ البعض منهم العنف للتعبير عن أراءهم المتعارضة مع كل الآراء الأخرى.

  • فعندما نبحث هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين يجب أن نعرف أولًا ما هو تعريف الدين وتعريف الفلسفة وما هو الفرق بين الفلسفة والدين.

ما هو تعريف الدين؟

هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين

بالرغم من عدم وجد تعريف علمي شامل كامل محدد للدين، إلا أن هناك عدة محاولات لاصطلاح مصطلح لهُ، مثل: هو النظام الاجتماعي الذي يشتمل على ممارسات وسلوكيات ونصوص وأماكن مقدسة تعود كلها لمركزية واحدة تربط الكون المادي بالظواهر الخارقة للطبيعة.

  • الدين يجب أن ينطوي على عقيدة راسخة، ومن هنا يمكن أن نتطرق لمصطلح “العقيدة” والعقيدة هي الحقيقة التي لا تقبل أي شك، فهي الشيء الذي انعقد عليه القلب … قد تُشير العقيدة إلى تمسك واعتزاز الشخص برأيه فلا يقبل أي شك به.

ما هو تعريف الفلسفة؟

هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين

كما ذكرنا في الفقرة الأولى فإن كلمة الفلسفة أو philosophia تنقسم لشقين “حب” و “حكمة” فتعني جملة واحدة: حب الحكمة.

  • تشمل الفلسفة عدة ممارسات تعتمد كلها على فكرة طرح الأسئلة عن كل شيء وأي شيء، فأدوات الفلسفة هي:
    • العرض المنهجي.
    • الحُجج المنطقية.
    • المناقشات النقدية.
    • الاستجواب.
  • تعريف سقراط للفلسفة: هي البحث العقلي عن الأشياء والحقائق المؤدية للخير.
  • مما سبق نجد أن الفلسفة في جذورها تتمركز حول عدة محاور هامة هما (الحكمة، الخير، الحقيقة) إذن لماذا تتعارض الفلسفة مع الدين!
  • تعد الفلسفة أحد أقدم العلوم الإنسانية التي عرفة قبل ميلاد المسيح بخمسة قرون، وارتبط اسمها بالتشكيك في كل شيء بما في ذلك الأديان السماوية! لذلك ارتبطت بالظواهر الإلحادية والمعارك الفكرية، لهذا نتساءل هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين؟

هل يمكن التوفيق بين الدين والفلسفة

بعد أن تعرفنا على معاني الفلسفة والدين والمحاور الرئيسة التي نشأت الفلسفة سعيًا لها، سنبحث الآن عن هل هناك تعارض بين الدين والفلسفة؟ من خلال دراسة الغاية الأولى للفلسفة وهي الحكمة.

الحكمة في القرآن

إن كانت الفلسفة تسعى للوصول للحقيقة والحكمة والخير فلن يكون هناك التعارض بين الفلسفة والدين إلا إذا كان هناك خلاف في عقائدهم، لذلك سنبحث عن الحكمة في الإسلام، فسنجد نصوص قُرآنية عدة ذكرت فيه، مثل:

﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ  [البقرة: 151]. 
  • نجد النص القرآني في صورة البقرة موضحًا رسالة الرُسل وهي:
    • الكتاب: المقصود به الرسالة السماوية.
    • الحكمة: هي المقصد الأول للفلسفة والفلاسفة.
    • المعرفة: جاءت الفلسفة لطرح الأسئلة والبحث المنهجي للوصول للعلم والمعرفة كسبيل للخير، وذكر الله تعالى في الآية السابقة الغاية الثالثة للرسل وهي (يُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ).
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [لقمان: 12].
  • عند البحث في القرآن الكريم نجد سورة كاملة باسم شخص لم يكون من الأنبياء أو الرُسل وهو لقمان، كل ما ميز لقمان وجعل وصاياه وأقواله ومواعظه يتدارسها المسلمون في كل زمان ومكان هو أن الله وهبه نعمة عظيمة وهي الحكمة.
قال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ [الزخرف: 63].
  • نجد في الآية 63 من سورة الزخرف توضيح الرسالة التي جاء بها المسيح عيسى عليه السلام وهي الحكمة والمقصود بها هنا النبوة، فالنبوة مترادف في القرآن الكريم مع الحكمة والنبوة هي التبليغ برسالة الله -عز وجل-ليسود دينه في الأرض .
قال تعالى: ﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: 251].
  • نجد هنا النعم التي أنعم الله -عز وجل- على نبيه داود -رضي الله عنه- بها فكانت منها الحكمة.

من الفقرات السابقة نتوصل أن رسالة كل نبي من أنبياء الأديان السماوية الثالثة -الإسلام والمسيحية واليهودية- كانت نشر الخير في الأرض فوهبهم الله -عز وجل- الحكمة لتحقيق رسالتهم، مما يجعلنا نرد على سؤال هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين، أن الدين والفلسفة متوافقان في الأساس لكن سنبحث الآن عن جذور الخلاف بين الدين والفلسفة.

ما هي علاقة الفلسفة والدين

هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين

إن الإنسان بفطرته يبحث عن الحقيقة والأسباب التي أدت للوصول لنتائج، فمنذُ اجتماع البشر في قديم الزمان قبل ميلاد المسيح وقبل ظهور الأديان السماوية ظهر بين هؤلاء البشر من يبحثون عن إجابات للرد على الأسئلة المحيرة المتعلقة بـ(ما وراء الطبيعة، الظواهر الكونية، أسباب الخلق، المعنى من الحياة..).

  • فكان للفلاسفة والمفكرين دور هام جدًا في البحث عن الردود المنطقية لتلك الإجابات، لكن إجاباتهم ظل بها حلقة مفقودة تمنع تكاملها، تلك الحلقة التي جاءت الأديان لتُكملها وتجيب عن أسئلة الفلاسفة بالردود القاطعة من وحي الله خالق السموات والأرض.
  • فلا يمكن أن نتساءل هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين، لأنهم في أساسهم متوافقين، فقد جاء الدين ليرشد الفلاسفة الذين يسعون حقُا للوصول للحقيقة.
  • كان ذلك أحد التفسيرات الضمنية في العلاقة بين الفلسفة والدين حسب ابن رشد.

أسباب الخلاف بين الدين والفلسفة

في عصور مظلمة من حياة الشعوب والأمم -التي اجتمعت ونشأت لتبحث عن المعرفة والحكمة للوصول للخير والسلام، ثم جاء الدين ليرشدها للوصول لها- سيطر على حكمها طُغاة لا دين لهم ولا فلسفة، كان ربهم هو المال والسلطة، ومستعدون أن يدفعن أي شيء في سبيله، فكان تسلسل الأحداث كالآتي:

  • بداية النزاع بين الفلاسفة والدين، عندما اعتبر الطُغاة أن الدين سُلم للوصول للسلطة.
  • بدأ الفلاسفة استخدام أدواتهم العقلية والبحثية للوصول للحقيقية وتحرير أفرد الشعب من القيود التي قيدهم بها حاكمهم ليقهرهم باسم الدين.
  • هنا ظهرت تهمة ابتدعها رجال السياسة للقضاء على الفلاسفة باسم الدين وهي “الهرطقة” وهي عبارة عن إدخال معتقدات جديدة لنظام مستقر بمحاولة تغير أساسيات له أو إضافة أسس جديدة.
  • فكانت تلك التهمة رخصة للقضاء على الفلاسفة باسم الدين، حيثُ اعتبروا أن حكمهم عقيدة ومن يخالفه زنديق.
  • فعند السؤال هل يمكن التوفيق بين الفلسفة والدين، يجب أن نعرف أنه لا خلاف بين الدين والفلسفة لكن الخلاف بين الفلاسفة ورجال الدين المُستغلين له، أو بين الدين والفلاسفة البحثين عن التشكيك المجرد.

فكل فيلسوف حقيقي هو باحث عن الحقيقة التي جاءت الأديان لتسطرها خطوطًا واضحة، فمن رفضها كان في الأساس مُخادع لذاته.. وجاءت الأديان للتحرر العباد من عبادة العباد لعبادة رب العباد، فمن اعتبرها سلم للسلطة لا ينتمي للدين.

Source: mosoah.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!