يوم الأرض العالمي: مُحاكاة حقيقية للأرض وحلول لمشكلاتها

تشير أحدث تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أنَّ نحو 7 ملايين شخصٍ يموتون سنوياً بسبب التعرض لجسيماتٍ دقيقةٍ موجودةٍ في الهواء الملوَّث، التي تخترق بعمقٍ الرئتين والقلب والأوعية الدموية، مما يسبب العديد من الأمراض، مثل: السكتة الدماغية، وأمراض القلب، وسرطان الرئة، وأمراض انسداد الشعب الهوائية المزمنة، والتهاب الجهاز التنفسي، بما فيها الالتهاب الرئوي. فما هو اليوم العالمي للأرض؟ وكيف تأسّس؟ ومتى نحتفل به؟ وما هي فعالياته؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.

Share your love

من جهةٍ أخرى، تعدّ ظاهرة الاحتباس الحراري من أولويات القضايا البيئية، وتجدر الإشارة إلى أنَّ الاحتباس الحراري لا يعني مجرد الارتفاع في درجات الحرارة، إنَّما له أثرٌ رئيسٌ على حصول التغيرات المناخية في جميع أنحاء العالم؛ مما يؤثر على عناصر الطقس، كمعدلات هطول الأمطار.

أما فيما يخصّ الغازات الدفيئة التي تعمل على امتصاص الأشعة تحت الحمراء، وإصدارها إلى الغلاف الجوي، مما يعمل على تسخين الأرض بما يُناسِب قدرة الكائنات الحية للعيش على سطحها، وبالرغم من دورها الهام في الحفاظ على حرارة الأرض؛ إلا أنَّ ازدياد نسبتها بشكلٍ كبيرٍ بسبب الممارسات البشرية الخاطئة (استخدام الوقود الأحفوري)، أحدث خللاً في التغير المناخي.

ويتوقع البنك الدولي أنَّ نفايات العالم ستزيد بمعدل 70% بحلول عام 2050، وسيقفز توليد النفايات السنوية على مستوى العالم من 2.01 مليار طن عام  2016 إلى 3.4 مليار طن خلال السنوات الثلاثين المقبلة؛ وذلك نتيجةً لتوسع المدن السريع، وتزايد عدد السكان. يُلحِق سوء إدارة النفايات الضرر في صحة الإنسان والبيئة المحلية، ويزيد من التحدّي المناخي.

ولا ننسى الاستمرار في ذوبان الجليد، وارتفاع منسوب المياه في المحيطات، واتساع ثقب الأوزون، وغيرها الكثير من القضايا البيئية.

يدل كلُّ ما سبق على أنَّ كوكب الأرض يُعاني الكثير، فالأرض مُستنزَفةٌ تماماً، وتحتاج إلى الكثير من المساعدة، والاهتمام المُضاعف، والوعي الجماعي العميق، والمبادرات الإنسانية الخلاقة.

ولعلَّ اليوم العالمي للأرض، يعدُّ واحداً من الفعاليات الهامة التي تصبّ في مصلحة الحفاظ على التوازن البيئي لكوكبنا.

فما هو اليوم العالمي للأرض؟ وكيف تأسّس؟ ومتى نحتفل به؟ وما هي فعالياته؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.

1. اليوم العالمي للأرض:

اليوم العالمي للأرض: حدثٌ سنويٌّ يُقام للاحتفال ببيئة الكوكب الصحية، ويهدف إلى زيادة الوعي لدى الناس في جميع أنحاء العالم بشأن التلوث، وتشجيعهم على أن يكونوا أكثر صداقةً للبيئة؛ فقد يعني هذا زيادة الكمية التي يريدون تدويرها، أو التطوع لإنشاء مشروعٍ أخضر محلي، أو تركيب الألواح الشمسية في منازلهم.

يُعدُّ يوم 22 نيسان من كلِّ عامٍ، اليوم العالمي للأرض، ويُحتفَل به في جميع أنحاء العالم من خلال: التجمعات، والمؤتمرات، والأنشطة الخارجية، والمشاريع الخدمية.

2. تاريخ اليوم العالمي للأرض:

ازداد الوعي بين الأمريكيين في أواخر الستينيات فيما يخص القضايا البيئية، وسعى عالم البيئة والسيناتور الأمريكي، “غايلورد نيلسون”، إلى تحفيز حركة الحفاظ على البيئة، وعُدَّت حادثة التسرب النفطي الضخم عام 1969 في سانتا باربارا، في كاليفورنيا، وما أحدثته من ضررٍ، بمثابة مصدر إلهامٍ له لتنظيم حركة “تعليمٍ بيئيٍّ” وطنيةٍ، تُركّز على تثقيف الجمهور حول البيئة.

وظّفَ “نيلسون” عالم البيئة “دينيس هايز”، وهو طالب دراسات عليا في جامعة هارفرد، للمساعدة في تنظيم يوم الأرض الأول الذي حدث في 22 نيسان 1970.

فبعد توظيفه لـ “هايز”، أقنع “نيلسون” النائب الأمريكي “بيت مكلوسكي” (Rep. Pete Mccloskey) لكاليفورنيا، ليكون رئيساً مشاركاً. ومع وجود 85 عاملاً، تمكنوا من حشد 20 مليون شخصٍ من جميع أنحاء الولايات المتحدة في 22 نيسان 1970، حيث نظّمت الجامعات احتجاجاتٍ، وتجمّعَ الناس في الأماكن العامة؛ للتحدث عن البيئة، وإيجاد طرائق للدفاع عن الكوكب.

قال نيلسون لوكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA) في الذكرى العاشرة ليوم الأرض: “بدى واضحاً في ذلك اليوم، أنَّ الأمريكيين قد فهموا الأمر، وكانوا قلقين للغاية بشأن تدهور بيئتنا، والتبديد الطائش لمواردنا”.

ساهم اليوم الأول للأرض في تمرير “قانون الهواء النظيف”، و”قانون تحسين جودة المياه”، و”قانون الأنواع المهددة بالانقراض”، والعديد من القوانين البيئية الأخرى.

نُظِّم عام 1990 يوم الأرض العالمي، بحضور 200 مليون شخصٍ في أكثر من 140 دولة. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا اليوم دوليَّ النطاق.

تضمَّنت الأنشطة، بحلول القرن الحادي والعشرين، زيادة الوعي بشأن عددٍ من المخاوف البيئية المتزايدة، خاصةً خطر الاحتراز الحراري، والحاجة إلى مصادرٍ نظيفةٍ ومتجددةٍ للطاقة.

3. يوم الأرض العالمي الحديث:

3. 1. يوم الأرض العالمي لعام 2000:

شمل يوم الأرض لعام 2000، 5000 مجموعةٍ بيئيةٍ و184 دولة. ونُظِمت حملةٌ ركزت على الاحتباس الحراري والطاقة النظيفة.

حيث تعمل الكميات المتزايدة من غاز ثاني أكسيد الكربون، والغازات الأخرى التي تُطلَق في الغلاف الجوي بواسطة الصناعة والنقل وإنتاج الطاقة من حرق الوقود الأحفوري؛ على تعزيز ما يُعرَف بظاهرة الاحتباس الحراري.

وبلغت نسبة الزيادة 46٪ عما كانت عليه قبل الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، حيث كانت مستويات ثاني أكسيد الكربون حوالي 280 جزءاً في المليون. في حين بدأت المستويات بالارتفاع عندما بدأ البشر بحرق كمياتٍ كبيرةٍ من الوقود الأحفوري من أجل تشغيل المصانع وتدفئة المنازل. الأمر الذي أدّى إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون، وغيره من الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي.

ويقول العلماء أنَّنا بحاجةٍ إلى خفض المستوى إلى 350 جزءٍ في المليون، للحفاظ على الكوكب صالحاً للعيش.

ولمعالجة ظاهرة الاحتباس الحراري:

  • يجب العمل في اتجاه استخدام مصادر الطاقة البديلة والمتجددة، عوضاً عن الوقود الأحفوري، وترشيد استخدام الوقود في وسائل النَّقل؛ وذلك عن طريق اختيار وسائل النَّقل التي لا تحتاج وقوداً، مثل: الدراجات.
  • زراعة الأشجار التي تمتص ثاني أكسيد الكربون عن طريق عملية البناء الضوئي.
  • ترشيد استهلاك الكهرباء والمياه السّاخنة.
  • إعادة تدوير أو إعادة استخدام بعض المنتجات، ومن هذه المنتجات: الورق، والبلاستيك، والزجاج، والألمنيوم، والصُّحف. وبهذا يمكن منع انبعاث 2400 رطلٍ من غاز ثاني أكسيد الكربون للغلاف الجوي سنويّاً.
  • استبدال المصابيح الكهربائية العادية، واستخدام المصابيح الفلورية المُدمَجة. حيث تستهلك مصابيح الفلور طاقةً أقلّ بثُلثين من المصابيح العادية، وتعطي حرارةً أقل بنسبة 70%.

3. 2. اليوم العالمي للأرض لعام 2010:

في الذكرى الأربعين ليوم الأرض، اجتمع 225 ألف شخصٍ من أجل مسيرةٍ مناخيةٍ، وأطلقت شبكة يوم الأرض حملة لزراعة مليار شجرة، حيث تحققت في عام 2012.

3. 3. يوم الأرض العالمي لعام 2019:

إنَّ موضوع يوم الأرض لعام 2019 هو “حماية أنواعنا”. ويهدف إلى لفت الانتباه إلى الانقراض السريع للأنواع في عالمنا اليوم، والذي يرتبط مباشرةً بالأنشطة البشرية.

وشمل: التغيرات المناخية، وإزالة الغابات، والاتجار والصيد غير المشروع، والزراعة غير المستدامة، والتلوث، والمبيدات الحشرية.

تُقدِّر شبكة يوم الأرض، التي تدير حدث يوم الأرض، أنَّنا نفقد الآن الأنواع بمعدل 1000 إلى 10000 ضعف المعدل الطبيعي.

ستختفي العديد من الأنواع قبل أن نتعلّم عنها أو عن الفوائد التي تجلبها لنُظمنا البيئية ولكوكبنا. فالخسارة كبيرةٌ لدرجة أنَّ رفاهية ومستقبل الأنواع البشرية مهددة.

إلا أنَّه لا يزال بإمكاننا إنعاش العديد من أنواعنا المتدهورة والمُهدّدة، إذا عملنا معاً لبناء حركةٍ عالميةٍ موحدةٍ من المستهلكين، والمتعلّمين، والقادة المُلهِمين، والعلماء؛ من أجل المطالبة باتخاذ إجراءات فورية.

3. 4. اليوم العالمي للأرض 2020:

يُعدُّ العمل على تغير المناخ، القضية الأكثر إلحاحاً في الذكرى الخمسين ليوم الأرض. حيث يمثل تغير المناخ أكبر تحدٍّ لمستقبل البشرية، وأنظمة دعم الحياة التي تجعل عالمنا صالحاً للسكن.

في نهاية عام 2020، من المتوقع أن تزيد الدول من التزاماتها الوطنيّة باتفاقيّة باريس لعام 2015 بشأن تغيّر المناخ. لقد حان الوقت الآن للمواطنين للدعوة إلى طموحٍ عالميٍّ أكبر من أجل معالجة أزمة المناخ.

ما لم تتقدم كلُّ دولةٍ في العالم إلى العمل بخطواتٍ جديّةٍ، فإنَّنا سنرسل الأجيال الحالية والمستقبلية إلى مستقبلٍ خطير.

4. حماية الكوكب تبدأ بكَ:

إليكَ عشر خطواتٍ بسيطةٍ، تضمن لكَ مشاركةً فعّالةً في الحفاظ على كوكبنا:

  • التقليل، إعادة الاستخدام، وإعادة التدوير. بمعنى: قلل الأشياء التي تتخلّص منها. تساعد هذه الخطوات في الحفاظ على الموارد الطبيعية ومساحة مكب النفايات.
  • التطوع: تطوع في حملاتٍ تنظيفيةٍ تخدم مجتمعك.
  • التعليم: عندما تزيد من تعليمك، يمكنك مساعدة الآخرين على فهم أهمية وقيمة مواردنا الطبيعية.
  • الحفاظ على المياه: كلَّما قلَّ استخدامك للمياه، قلَّ جريان المياه ومياه الصرف الصحي، التي تصب في المحيط.
  • اختيار الاستدامة: تعرّف على كيفية اتخاذ خياراتٍ ذكيةً للمأكولات البحرية بدلاً من مأكولات الصيد البرّي الجائر.
  • التسوّق بحكمة: اشترِ كميةً أقلّ من البلاستيك، وأحضر حقيبة تسوقٍ قابلةً لإعادة الاستخدام.
  • استخدام لمبات إضاءةٍ طويلة الأمد: تقلّل المصابيح الكهربائية المُوفّرة للطاقة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. أطفِئ الضوء أيضاً عندما تغادر الغرفة.
  • زراعة الأشجار: حيث توفّر الأشجار الطعام والأكسجين؛ فهي تساعد على توفير الطاقة، وتنظيف الهواء، ومكافحة تغير المناخ.
  • عدم إرسال مواد كيميائيةٍ إلى المجاري المائية: اختر مواد كيميائيةً غير سامة في المنزل والمكتب.
  • ركوبٌ أكثر للدراجة، وقيادةٌ أقل للسيارة.

الخلاصة:

لدى قضية الحفاظ على الكوكب منظورٌ نفسيٌّ عميق؛ فذلك الإنسان الذي يرمي الأوساخ في شوارع مدينته وحاراتها، هو إنسانٌ ينقصه الإحساس بالانتماء، ويفتقد الإحساس بمسؤوليته تجاه بلده ووطنه، فهو إنسانٌ فاقدٌ لهويته، ويحيا في الدنيا بلا هدف.

يُعدُّ العمل على تعزيز حسّ المواطنة لدى هؤلاء الأشخاص، خطوةً قويةً في طريق الحفاظ على كوكبنا، وأملاً في إيجاد حلولٍ فعّالة للتحديات البيئية. كما يُعدُّ التركيز على التوعية البيئية للمواطنين، خطوةً في سبيل خلق مجتمعٍ واعٍ، ومُدركٍ لحقوقه وواجباته، وساعٍ إلى النهوض بكوكبه إلى أرقى المراتب.

 

المصادر:  1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 5 ، 6

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!