4 أسئلة ينبغي أن تطرحها على نفسك قبل قبول الترقية الوظيفية

لا يجرؤ الكثيرون على المطالبة بزيادة رواتبهم، وقد تتردد في ذهنك أسئلة مثل: "كيف أستهل الحديث؟ وما المبلغ الذي يجب عليَّ المطالبة به؟ وهل يجب أن أخبر بذلك قسم الموارد البشرية أم أطلبها من المدير مباشرة؟"؛ لكن تخيل لو وفرت على نفسك كل هذا العناء وعرض عليك مديرك ترقية دون أن تطلبها.

ربَّما قد يكون هذا حلماً بعيد المنال بالنسبة إلى الكثيرين، لكنَّه مع ذلك يستأهل منك الغوص في أعماق ذاتك للبحث عن أجوبة قبل القبول بمثل هكذا عرض؛ فأنت في النهاية تريد ضمان انعكاس هذه الفرصة إيجاباً على مسيرتك المهنية وراحتك الشخصية.

قد تجد صعوبة في اتخاذ هذا القرار لكون التطرق إلى موضوع المال مسألة حساسة؛ لكن وبغضِّ النظر عن مقدار ما نجنيه، يبقى الإنسان طمَّاعاً ويتوق إلى المزيد ضماناً للمستقبل.

لا تتحدد قيمة المرء بما يملك، وإلَّا سيصبح سلعة تُباع وتُشترَى؛ فعلى سبيل المثال: تستنزف تجربة الطلاقِ الشخصَ مادياً، فيشعر بانتقاص رجولته لاعتقاده أنَّ الثروة من مقاييس الرجولة، لكن لهذا التفكير تبعات خطيرة؛ وتكمن المشكلة في أنَّ الكثيرين يفكرون بالطريقة نفسها، ويقيسون نجاحاتهم بحجم رصيدهم في البنك وليس بمقدار سعادتهم واكتفائهم؛ ونستنتج من ذلك أنَّ الشخص قد يشعر أنَّه سيفوِّت عليه فرصة النجاح إن لم يقبل الترقية.

المال لا يعادل النجاح:

تتمثل الأهداف النمطية لمعظم الأشخاص في العمل بجد وتحقيق أفضل أداء وجني مزيد من المال، وقد تضمن لك الترقية هذا كله، لكن قد تكون لها تداعيات على مسيرتك المهنية وسعادتك، وربما على عائلتك أيضاً؛ لذا نورد فيما يأتي 4 أسئلة يجب أن تطرحها على نفسك قبل قبول الترقية:

1. هل المنصب الجديد مناسب لمواهبي ومهاراتي وخبراتي؟

غالباً ما يرافق الترقية تولي مسؤوليات وظيفية تتطلب مواهب ومهارات مختلفة، وعادة ما تتطور وظيفتك بإلقاء مزيد من المهمات الإدارية على عاتقك مع صعودك درجاتِ السلم الوظيفي.

غالباً ما تعني الترقيات في الشركات الكبيرة بالنسبة إلى العديد من المهنيين -كالمستشارين أو المحامين أو المحاسبين- تغييراً جذرياً في عملك اليومي المعتاد؛ لكن إن كنت قانعاً وسعيداً بمنصبك الحالي في خدمة العملاء على سبيل المثال، فلن ترغب في ممارسة عمل لا ترتاح فيه حتى لو كان ضمن خطة الترقية.

فكر ملياً فيما إذا كانت الوظيفة الجديدة مناسبة لك ولأهداف حياتك، وفيما إذا كنت متحمساً لتطبيق مواهبك ومهاراتك وخبراتك بطريقة جديدة، وفيما إذا كنت ستجد مجموعة المسؤوليات الجديدة مُرضِية أم مرهقة، وفي مدى توافقها مع أهدافك المنشودة.

2. هل تعمل الوظيفة الجديدة على تعزيز نشاطي أم زيادة عزلتي؟

كلما صعدنا السلم الوظيفي درجة، ازدادت توقعاتنا حول المنصب الجديد؛ وقد نحب أعباء المنصب الجديد وتشعُّب شبكة علاقاتنا المهنية، لكن قد تضنينا ساعات العمل الطويلة والهاتف الذي لا يتوقف عن الرنين، حتى أنَّنا لا نرتاح ليلاً من مَهمَّة الرد على الرسائل الإلكترونية، وقد لا نجد الراحة حتى في أيام العطل والإجازات جراء تراكم الأعمال.

كلما زادت ساعات العمل، تناقص الوقت الذي تقضيه بصحبة العائلة والأصدقاء؛ فتجد نفسك في نهاية المطاف وحيداً، وقد يصل الأمر ببعض الناس إلى درجة الاكتئاب؛ لكن هل تستحق هذه الترقية أن تخاطر بصحتك الجسدية والذهنية والنفسية؟

اسأل نفسك في حال قبلت الترقية: هل بإمكانك تحقيق التوازن بين عملك وحياتك العائلية؟ هل يتطلب المنصب الجديد الانتقال إلى مدينة أو منطقة جديدة من المدينة؟ هل ستستطيع عائلتك التكيف مع الأمر؟

فكر فيما إذا كان الحصول على المنصب الجديد سيحسن من شعورك بالانتماء أو يُشعِرك بمزيد من العزلة؛ إذ يختلف كل شخص عن الآخر في احتياجاته، لذا عليك التفكير وتحديد الأفضل والأنسب لميولك ورغباتك.

3. هل ستعزز الوظيفة الجديدة شعوري بالحرية أم تقيده؟

قد يجد بعض الناس هذا السؤال سخيفاً لأنَّ الكثيرين سيجيبون مباشرة أنَّ المال يشتري الحرية، لكنَّ الحقيقة بعيدة كل البعد عن ذلك؛ فرغم أنَّ المال قد يحسن نمط حياتك، ويمكِّنك من تجربة شتى أطباق الطعام، وقضاء إجازاتك برفاهية، والتنعم بالعيش في منزل أجمل؛ لكن في الوقت نفسه، يتطلب جني مزيد من المال العمل المضني، ممَّا يعني كثيراً من الاجتماعات، وعدم وجود وقت كافٍ تقضيه مع الأسرة والأصدقاء، وحرمانك من نيل ما يكفي من النوم، أو حتى إهمال لياقتك الجسمية.

قد لا تقيد الترقيات الوظيفية حريتنا المالية، لكنَّها قد تحد من وقتنا وتقيد حريتنا في السعي إلى فعل ما نجد فيه شغفنا؛ فإذا كان المنصب الجديد أكثر تطلباً من المنصب الحالي، فهل تستحق الزيادة في الأموال هذه المقايضة؟ هل تفضل الحصول على إجازة ممتعة ورخيصة لمدة 10 أيام أم إجازة تقضيها برفاهية لمدة ثلاثة أيام؟

يقع على عاتقك أن تختار الأهم بالنسبة إليك، والذي ستحدد بناء عليه صورة مستقبلك المالي وقراراتك المهنية.

4. كيف ستعزز الأموال الإضافية من جودة حياتي؟

في الواقع، كلما جنيت مزيداً من المال، تناقص اهتمامك به؛ ولنؤكد لك الأمر، تخيل الفارق الذي يُحدِثه تقديم هدية مالية بما قيمته 10000 دولار لعائلة متوسطة الدخل مقابل عائلة ثرية. قد تجد العائلة الأولى في هذا المبلغ مصدر بهجة وسعادة كبيرة، حيث يمكِّنهم من قضاء إجازة لعدة أيام أو تلبية احتياجاتهم المنزلية؛ بينما قد تضع العائلة الثانية المبلغ جانباً دون اكتراث.

قد يحسِّن هذا المبلغ حياة كلا الأسرتين إلى حد ما، ولكنَّ نتائجه تكون فورية وعظيمة على الأسرة الأولى؛ لذا قبل أن توافق على زيادة مرتبك، فكر في كيفية استثمار هذه الأرباح الإضافية لتحسين حياتك وزيادة سعادتك، واسأل نفسك عمَّا ستفعله بهذه الزيادة، والأهداف التي ستساعد على تحقيقها، وعمَّا إذا كانت هذه الترقية تمكِّنك من إيجاد الوقت للتمتع بهذا المال واستخدامه جيداً؟

في الحقيقة، بمجرد تلبية حاجاتنا، يتضاءل تأثير المال في نوعية حياتنا؛ كما تشير الدراسات الحديثة إلى أنَّ زيادة المرتب لا تزيد من سعادة الشخص؛ لذا قبل أن تقبل الترقية التي تندرج تحتها الكثير من أعباء العمل، اسأل نفسك كيف ستستثمر المال الفائض في تحسين نوعية حياتك.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!