التغذية الراجعة المحيطة:
بعد أن اكتشفت الفرصة السانحة لتقديم معونة و استشارة احترافيتين لنفسي مضيت في بناءِ نموذجٍ للاستطلاع و التقييم حول شخصيتي و أدائي و أرسلته بالبريد إلى زملاء عملي و مديريّ السابقين.
أجل، بعد أن اشتغلوا معي يداً بيد طوال سنوات فلا ريب في أنّهم يعرفون معرفةً جيدة نقاط قوتي و ضعفي، و جعلهم يخبرونني بما أجيد القيام به و ما ينبغي عليّ تحسينه فرصةٌ لا تقدّر بثمن.
التغذية الراجعة المحيطة 360-degrees feedback: هي التغذية الراجعة المتلقّاة من كل المستويات التنظيمية المحيطة بك – من زملاء و تابعين و رؤساء- بالإضافة إلى تقييمك الذاتي، و كذلك بعض المصادر الخارجية مثل الزبائن أو المزوّدين أو أصحاب المصالح في المؤسسة. و تدعى “التغذية المحيطة” بأسماء متعدّدة تدور حول المعنى المذكور، و منها ” التغذية المتعدّدة المصادر”
استطلاع التطوير الذاتي:
في الشركة التي كنت اعمل لديها كانت عملية المراجعة المعتادة تتجه من الأعلى إلى الأسفل -أي من المديرين و حسب- و لذلك كان تركي العمل فرصةً مثالية لزملائي و أعضاء فريقي كيّ يطلعوني على النواحي التي تحتاج إلى تحسين. و هكذا قدمت إليهم الاستطلاع الذي اهتممت بجعله موجزاً مركّزاً حتّى لا يخافوا من تضييعه أوقاتهم، و جعلتُ بياناته مفتوحة النهايات حتّى يتاح لكل امرئٍ كتابة ما يريد بالحجم الذي يريد. و هذه بعض الاسئلة التي طرحتها في الاستطلاع:
• تحدّث عن مساهماتي في أحد المشاريع التي ترى انّني أبليت فيها بلاءً حسناً أو أنّني كنت عنصراً مساعداً لك في تأدية واجبك أو مفيداً في تقدّمك و نموّ معارفك و خبراتك.
اختر مشروعاً تجدهُ واضحاً حقاً في ذاكرتك و اشرح أسباب إعجابك بأدائي.
للعلم: البيانات المقدّمة هنا يمكن أن أستخدمها في خلاصة سيرتي الذاتية لدى التقدّم للتوظيف.
الشهادات الشخصية إضافاتٌ رائعة لخلاصة السيرة الذاتية. إن كان لديك تاريخٌ من إنجاز المشاريع بنجاح فلا تتردّد في أن تطلب من الشهود توثيق جهودك و منجزاتك.
• تحدّث -بالتفصيل لو سمحت- عن أبرز ثلاثة أمور ينبغي أن أطوّرها تطويراً احترافياً حتّى أصبح شخصاً أفضل للعمل معه. كيف يمكن أن أكون أفضل كمدير أو موظف أو متواصل أو مبدع؟
تحدّث عن ثلاثةٍ من الأمور التي ترى أدائي فيها رديئاً، أو يحتمل المزيد من التحسين.
لم يشر الجميع إلى ثلاثة أمور، و لكنّ معظمهم أشار إلى أمرٍ واحدٍ على الأقل ينبغي عليّ اكتسابه أو تطويره. و بعد النظر في لائحة الإجابات وجدت أمامي مجموعة أمورٍ لم أكن اهتمُّ بتطويرها بالرغم من أهميتها الكبيرة في زيادة قيمتي في مواقع العمل.
• ما هي في رأيك أفضل ثلاثة خصال لدي؟ لاحظ يا عزيزي أنني أطلب هنا تغذيةً راجعة من أجل تطوير احترافي، و أرجو إذاً أن تستبعد إجاباتٍ مثل “حذاؤك أنيق!”
من المفيد جداً معرفةُ المرء معرفةً دقيقة لما لديه من خصالٍ و مهارات جيدة. و تبدو أهمية هذه المعرفة خصوصاً عندما تجد نفسك في مقابلة و يُطلب منك ذكر ما بين ثلاث و خمس صفات تصف بدقّة شخصيتك أو نقاط قوّتك. لن تضطر عندئذٍ إلى التردّد و التأمّل و التصحيح فأصدقاؤك قد أكدوا لك الأمر من قبل.
• أرجو أن تشاركني معرفتك فتطلعني على أفضل نصيحةٍ رأيت أثرها الكبير في تطوّر أدائك و تقدّمك مهنياً.
لدى كل إنسان شذراتٌ من الحكمة الأثيرة التي يلمس أثر التمسك بها في تيسير حياته، أو في تحصيل ما يصبو إليه من زيادة الأجر أو الترقي في المناصب. ترى كم ستستفيد أنت لو عرفت ” أسرار النجاح” لدى كلّ المحيطين بك؟
على عتبة الرحيل:
يمكنك إجراء الاستطلاع الآنف ذكره و أنت ما تزال تعمل لدى الشركة، و لكننا نلاحظ هنا أنّ الناس سيكونون أكثر انفتاحاً على ذكر ما لديك من محاسن و مساوئ و أنت تهمّ بالمغادرة و ذلك لأنّهم لا يحسبون حساب العمل إلى جانبك.
و ضمن أسئلة الاستطلاع طلبت من الناس تزويدي بعناوينهم الإلكترونية (غير عناوين العمل) و ذلك حتّى أحافظ على توسّع شبكة علاقاتي الاحترافية التي أعتمد عليها عندما يحين الوقت للقيام بالتغيير الوظيفي التالي. و بالطبع كان طلب العناوين اختيارياً متلطفاً لا إلحاح و إحراج فيه لأحد.
إذاً عندما تدخل الوظيفة الجديدة التالية احرص على أن تعرف من زملائك و رؤسائك و مرؤوسيك النواحي التي تحتاج إلى تطويرها بحيث تستطيع تسريع مسيرتك إلى النجاح و تحصيل ما يرافقها من ترقياتٍ و زيادات.
المصدر :مجلة عالم الإبداع