كل أسرة تتمنى أن تربي أطفالها على الأخلاق الحميدة و الصفات الراقية , و لا شك أن كل أب و أم يواجهوا صعوبات كبيرة جدا أثناء تربية أطفالهم و خصوصا مع زيادة ضغوط الحياة و قلة البركة في الوقت و المال و كل شئ , لذا قد يرتكب الوالدين بعض الأخطاء التربوية أثناء تربية الأطفال دون شعور منهم بحجم التأثير النفسي على أطفالهم , و من ضمن هذه الأخطاء عقاب الأطفال دون أن نوضح لهم الخطأ الذي وقعوا فيه , و لماذا نعاقبهم؟.
دور الوالدين الأساسي:
إن الدور الأساسي للوالدين هو تعليم الأطفال الأشياء الصحيحة و جعلهم يعتادوا عليها , حتى يستطيعوا بعد ذلك معرفة الصواب و الخطأ, فعلينا التأمل لحظة , لو كان الأطفال يدركون الصواب و الخطأ و يتعلموا من مرة واحدة لما كان الله رفع عنهم القلم , و لكانوا مثل الكبار يحاسبون , ولكن لأنهم لم يدركوا بعد الأخطاء بنفس القدر الذي يدركه الكبار لم يجعل الله عليهم عقاب إذا فعلوا شئ غير صحيح مثل ترك الصلاة مثلا , لذلك لا تعاملوهم على إنهم كبار إلا إذا أصبحوا كبار فعلا , فما هي الوظيفة الأساسية للأب و الأم ؟ بالطبع تربية الأبناء , و ما يعني بالضبط تربية الأبناء؟ يعني تعليمهم الصواب و الخطأ ولكن بطرق تربوية صحيحة حتى تصلهم الرسالة واضحة , و حتى إن عرفوا جيدا ما هو الصواب و الخطأ , هذا لا يعني أنهم لن يرتكبوا هذا الخطأ , بل الأطفال في السن قبل البلوغ يكون فضولهم غالبا على عقولهم , فربما يرتكبوا الأخطاء فقط من باب تجربتها أو حتى تقليد الكبار , لذا لا تكلوا أو تملوا من تعليم الأطفال و تكرر نصحهم و لا تعاقبوهم إلا إذا كنتم تعرفون كيف تعاقبوهم.
متى نعاقب الطفل؟
لا تعاقبوا أطفالكم أبدا على فضولهم و حب إستطلاعهم و شغفهم المعرفي بل الواجب عليكم توجيههم للطريقة الصحيحة للتعلم و الإكتشاف بأمان , و إنما تعاقبوهم إذا ارتكبوا الخطأ و هم يعرفوا أنه خطأ و بعد أن تكونوا شرحتم لهم عدة مرات لماذا هذا خطأ و أيضا سألتموهم عن سبب إرتكابهم لذلك الخطأ.
مثال:
الأم دخلت على الطفل و رأته يرمي ملابسه على الأرض و يفرغ محتويات الدولاب
- الأم التي لا تتبع الطرق التربوية في التعامل مع طفلها: ستصرخ و تعاقب الطفل و تقول له: “ما هذا أنت غير منظم و ملابسك النظيفة كلها هكذا على الأرض لن تأخذ حلوى اليوم و لن تخرج معي غدا لأنك أخطأت خطأ كبير”.
- أما الأم التي تتعامل مع أطفالها بالطرق التربوية الصحيحة: فقبل أن تعاقبه ستتأكد من أنه يعرف أن إلقاء الملابس النظيفة من الدولاب على الأرض خطأ , و لابد أن تسأله لماذا فعل ذلك؟ فبكل هدوء ستسأله: “لماذا فعلت ذلك؟” و تسمع رده و على أساس أسبابه لإرتكاب هذا الخطأ يكون رد فعلها , فإجابته ستوضح للأم إن كان يفهم لكن يريد أن يجرب , أو أنه لا يفهم لماذا لا يجب إلقاء ملابسنا على الأرض , و ربما كان هدفه الأساسي تقليد أمه و تطبيق الملابس بنفسه في الدولاب و تنظيمها كما يراها هي تفعل.
إذا لا تجعلوا لسان حال أطفالكم ينطق بهذه العبارة:”أنا عاوز أفهم!” لأن معظم المربين قد يعاقب الطفل على إرتكاب الخطأ بل و الأشد من ذلك يعاقب على تكرار الخطأ دون أن يكون قد وضح للطفل أصلا ما هو الخطأ الذي إرتكبه و لماذا هذا الشئ خطأ؟
البديل:
شئ مهم جدا هو إعطاء الطفل بديل لما يريد أن يفعل بدلا من تحريم كل شئ عليه و منعه من تجربة الأشياء , فمثلا لو أن أحد الأطفال أراد الرسم على الحائط و الأم وضحت له أن هذا خطأ و أن هذا سيجعل الحائط متسخ و غير نظيف , فربما يجد هذا الطفل إستمتاع معين في الرسم على مساحة كبيرة كالحائط فأفضل وسيلة هنا هي تعليق ورقة كبيرة على الحائط أو سبورة مثلا و تركه يرسم على الورقة و بدلا من أن نقول له: “لا ترسم على الحائط” , نقول له: “انتظر إن كنت تريد أن ترسم على مساحة واسعة فيمكنك أن ترسم على هذه الورقة التي علقتها لك” , وبهذا نحل المشكلة دون التصرف بشكل غير تربوي يتسبب في كبت الطفل لإحتياجاته مما يعيق نموه النفسي.
وأخيرا عليكم التمهل و التفكير جيدا قبل عقاب الطفل و التسرع في التصرف معه بعد إرتكابه أي خطأ , بل عليكم سؤاله عن سبب إرتكاب هذا الخطأ , ثم توضحوا له الخطأ الذي وقع فيه و إن كنتم ستعاقبوه عليكم توضيح الأمر له جيدا جدا ليعرف لماذا يعاقب؟