أشرف دسوقي علي: الشعر يمنحني الحرية

أشرف دسوقي علي شاعر ومترجم مصري، حاول من خلال ترجماته إلقاء الضوء على نصوص غير معهودة ونقلها إلى اللغة العربية، بدون الاقتصار على تكرار ترجمات لأسماء شهيرة، أو الاستفادة من شهرتها. عن تجربته الشعرية وأعمال الترجمة كان هذا الحوار.. ■ ما بين الشعر والترجمة أيهما استفاد من الآخر، وكيف بدأت الرحلة؟ □ ولد الشعر من […]

أشرف دسوقي علي: الشعر يمنحني الحرية

[wpcc-script type=”23b678b643d66058a56260e0-text/javascript”]

أشرف دسوقي علي شاعر ومترجم مصري، حاول من خلال ترجماته إلقاء الضوء على نصوص غير معهودة ونقلها إلى اللغة العربية، بدون الاقتصار على تكرار ترجمات لأسماء شهيرة، أو الاستفادة من شهرتها. عن تجربته الشعرية وأعمال الترجمة كان هذا الحوار..

■ ما بين الشعر والترجمة أيهما استفاد من الآخر، وكيف بدأت الرحلة؟
□ ولد الشعر من رحم الاغتراب النفسي مع الأهل والأقارب والأصدقاء ـ سامحتهم الآن ـ فكتبت أول «قصيدة» تحمل التحدي والتمرد، والهجاء، والغريب أن أول من أعجب بها كان هؤلاء الذين هجوتهم، ورغم عشقي للكرة، كان الشعر هو الملاذ، كعمل فردي يمنحني حرية الوحدة والاختيار، بدون تدخل الآخر، فالرواية والمسرحية والدراما، شراكة إجبارية مع الجماهير، في حين يمكن أن تخصك القصيدة وحدك، وفي الوقت نفسه يمكنها أن تفرض وجودها على العالم أجمع. وكان لفؤاد قاعود الفضل في تقديمي للساحة الشعرية عبر مجلة «صباح الخير» نهاية الثمانينيات، غادرت الساحة لمدة لا تقل عن ثلاثة عشر عامًا تقريبا، ثم عدت وجدت مناخًا أرحب فكان «وساوس والسبب ليلي» تلاه «ليس الآن» تجربة تحتوي نثرًا أكثر، ثم «أول الشعر أنتِ»، ومازال عندي «ركلة أولى في القائد إبراهيم»، «وانفعالات التوتر والمستحيل» تحت الطبع. أما الترجمة فكانت ولعًا خاصًا، تندرج تحت شعوري بـ«أحب أن أعرف»، ثم قلت لماذا لا أشرك معي غيري في ما قرأت؟ استوقفتني كارول آن دوفي، أول شاعرة للتاج الملكي البريطاني منذ 300 عام عندما قرأت لها before you were mine»»، تتحدث عن الشعور بالذنب لدى فتاة أصبحت كل شيء في حياة أمها، وكيف حرمت الأم من التلذذ بالحياة بعد أن ولدتها وانشغلت بها، في قصيدة مؤثرة جدًا. كذلك ترجمت «الاحتفال بالحصاد في الأربعين» كتجارب شعرية إنسانية، كما قدمت لمجلة «الثقافة الجديدة» ملفًا للترجمة عن الشاعرات الآسيويات لأقدم لونًا شعريًا نسويًا، ربما لم نلتفت إليه كثيرًا من قبل تحت عنوان «المرأة والتفاحة والشموع في الشعر النسوي الآسيوي الحديث»، علاوة على ترجمة مهمة لمجلة «ضاد» المصرية عن أحد أعمال نجيب محفوظ، وترجمات أخرى عن تشارلز ديكنز، لا شك أن المترجم ـ بداية ـ استفاد كثيرًا من الشاعر، وأري الآن أن الشاعر يحاول الاستفادة من المترجم بوعي تام يحول دون عمليات الاستنساخ.

أما الترجمة فكانت ولعًا خاصًا، تندرج تحت شعوري بـ«أحب أن أعرف»، ثم قلت لماذا لا أشرك معي غيري في ما قرأت؟ استوقفتني كارول آن دوفي، أول شاعرة للتاج الملكي البريطاني منذ 300 عام.

■ في «الاحتفال بالحصاد في الأربعين» كيف تغلبت على صعوبات ترجمة الشعر إلى العربية؟
□ عندما وجدت أن الأيديولوجيا تحكم الترجمة كما تحكم كل شيء حولنا، وأن كل مترجم يصدر لنا ما يرغب هو في تصديره، وأن الحياد غير موجود ـ علينا أن نعرف مثلا أن كتاب سوزان برنار لم يترجم كاملا، ولا يخفى أن المترجم يتدخل أحيانًا – الترجمان خوان- لظروف خاصة بالنص والترجمة للغة الهدف، يتدخل كثيرون لترويج مفاهيم فكرية وشكلية تخدم انتماءاتهم، قلت فلأتجول لأرى، وجدت أن الشعر العالمي ليس خاليًا من المعنى، وليس تهويمًا مجانيًا، بل الكثير منه يحمل قضايا وهموما إنسانية، فكانت مجموعتي المترجمة «الاحتفال بالحصاد في الأربعين»، تضمنت قصائد لسونيا سانشيز، والكوري كو سانج، أفريل كردي، والهولندية هيستر نيب وقصائد للشاعر الأمريكي غريغوري أور. مشكلات الترجمة لا تنتهي، اللغة الأم واللغة الهدف، البلاغة، التصوير، الموسيقي، الحذف والإضافة، هنا مثلا توقفت كثيرًا أكرر كلمة «أتذكر» أم أبقيها لمرة واحدة فقط؟ وما التأثير الأفضل، كنت أبحث وأقرأ وأتأمل، وجدت قصيدة لدرويش نفس «العتبة – أتذكر- ويكررها، ووجدتها مستساغة في العربية، هنا داخل نص درويش، وهذه ستكون كذلك، فقررت الإبقاء على التكرار.
■ ولماذا كان اللجوء إلى النقد؟ وكيف قرأت المشهد من خلال النقد؟
□ التناول النقدي كان متوازيًا مع التاريخ الشعري، لكنه بدأ فعليًا بقراءة نقدية حول مجموعة منير عتيبة «مرج الكحل» ونشرت في «أدب ونقد» المصرية، ثم توالت الكتابات النقدية منها «ليالي دبي» للسيد حافظ، و«كان الرئيس صديقي» لعدنان فرزات ونشرت في مجلة «البيان». في الإسكندرية أدباء لدى بعضهم أعمال ترقى للعالمية، لكن الآلة الإعلامية المحبطة ترفع أقلامًا رخيصة، ودخلت عالم النقد من منطلق تسليط الضوء على الأعمال التي تستحق وتناقش قضايا إنسانية بالأساس، فالأدب مهمته إنسانية قبل كل شيء، لابد أن يطرح ويناقش قضايا، مع أو حتى قبل إلزامه بالترفيه والتسلية، ووجدت لديّ ما يكفي لعدة كتب نقدية، وبالفعل كان هذا الكتاب، ومازالت لديّ دراسات أخرى تحت الطبع.
■ فازت مسرحيتك «بستان بطعم التجربة» بالمركزالأول لمسرح الطفل، فكيف وجدت تجربة الكتابة للطفل؟ وما تأثير الجائزة على المبدع؟
□ الجوائز المستحقة ترقى بالشاعر والكاتب الحقيقي وتدفعه إلى مسارات أرحب، ولا نتحدث عن الجوائز «سابقة التجهيز بالطبع، لا أنسي تجربتي للكتابة للطفل، وكانت فاتحة خير بفوز مسرحيتي النثرية «بستان بطعم التجربة»، كنت أفكر في كتابة مختلفة للطفل، بعيدًا عن الأساطير وبعيدًا عن معظم الكتابات الساذجة التي رفضت قراءتها طفلا، طرقت موضوعًا جديدًا كأهمية ترسيخ القيم واستخدام التكنولوجيا وتحكيم العقل النقدي لدى طفل هذا القرن المغاير تمامًا لكل ما مضي.
■ المشهد الأدبي الإسكندري يشهد زخمًا وحراكًا ثقافيًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، كيف تراه؟
□ الإسكندرية هي الترمومتر.. الرديء كثير ويطفو معظمه على السطح، وللأسف أكثر ما يحزنني أن المبدعين الحقيقيين يتشكون ويتأوهون على المقاهي وفي الدوائر الصغيرة، ثم تكون المفاجأة أن «كثيرًا» منهم يشترك في نشر نصوص رديئة، ويبقى نفر قليل مازال يقاوم، لكنني أرى أن هذا النفر القليل استطاع كبح جماح هذا التدني، ومازال القمر يشع، رغم تعرضه لمثل هذا الخسوف النادر.

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!