أنواع الندبات في الجسم وأسبابها ظهورها وطرق علاجها

كما تترك الحياة التي يعيشها الإنسان، والظروف الصعبة التي يمرُّ بها، آثاراً وجروحاً في روحه، فإنَّها تترك أيضاً آثاراً في جسده. والتي تسمى بالندبات. فما أنواع الندبات وأسباب ظهورها هذا هو محو نقاشنا في هذه المقالة فتابعوا معنا.

عوامل الطبيعة، والحوادث، والحروق، وحتى تطور جسم الإنسان الطبيعي، والتبدلات والتغيرات التي تطرأ عليه، كلها أسباب تؤدي إلى ظهور ندبات، وكأنَّها طريقة الحياة لتوثِّق مرورها وعبورها على جسدك؛ لذا كان من الضروري أن نعرف إلى أي درجة يمكن عَدُّ ظهور مثل هذه الندبات مقبولاً، ومتى يكون وجودها إشارةً إلى شيء آخر، فضلاً عن معرفة الأسباب التي تؤدي إلى ظهورها، وطرائق علاجها.

ما هي الندبات وكيف تتشكَّل؟

عند تعرُّض أنسجة البشرة لإصابة ما، فإنَّ البشرة المحيطة بها ستعمل على علاج هذه الإصابة، فتُنتج الخلايا الليفية المختصة بالعلاج، حُزَماً من الخلايا الليفية الضامَّة المكوَّنة من الكولاجين، وهذه الحُزم التي تظهر على سطح البشرة بلون مائل إلى الأبيض، هي التي تأخذ شكل الندب.

تُشير الندبات إذاً، إلى علامات ظاهرة بوضوح على الجلد عند شفاء جرح أو إصابة ما، فهي النسيج الذي ينتج عند العلاج الطبيعي الذي تقوم به البشرة، وهو الذي يربط بين حواف الجرح ويعمل على إصلاحه.

تبدأ الندبات بلون أغمق من لون البشرة؛ حيث تظهر أولاً باللون الأحمر، ثم تصبح باللون الوردي، لتتلاشى بعدها مع مرور الوقت وتصير بلون أغمق أو أفتح من لون البشرة.

نوع الندبة أمر يتوقف على موقعها، وعلى نوع الجلد، وعمر الشخص، ونوعية الإصابة، وأشياء أخرى عدة.

من الجدير بالذكر، أنَّ 100 مليون مريض سنوياً حول العالم، وفي الدول المتقدمة، يعانون من الندبات.

أنواع الندبات:

يمكن تصنيف الندبات وأنواعها ضمن الآتي:

1. الندبات الضمورية:

هي الندبات التي تنتج عادةً عن حب الشباب، أو الجدري، أو التطعيم، وتكون مسطحة على مستوى البشرة أحياناً، أو على شكل حفر صغيرة مع ضمور في البشرة تحتها، وتظهر هذه الندوب وتتشكل بسبب أضرار في الدهون المتوضعة تحت البشرة، وفي الكولاجين، وفي الإيلاستين، ولهذا التصنيف من الندبات أنواع هي:

  1. ندبات مكسار الثلج: سُمِّيت بهذا الاسم لأنَّ البشرة تبدو وكأنَّها مثقوبة بأداة حادة كمكسار الثلج، وهي ناتجة عن الأضرار العميقة في الطبقة السفلية للبشرة، والتي تُحدثها الرؤوس السوداء أو البيضاء.
  2. ندبات مضلعة: تكون أعرض من ندبات مكسار الثلج، ولها حواف شديدة الزوايا، وتحدث بسبب ظهور كثيف لحب الشباب، الذي يدمِّر الكولاجين في أنسجة البشرة، وهناك أيضاً ندبات شبيهة بالموجات، وتكون على شكل حفر مستديرة الحواف، تبدو كمُنخفضات على سطح الجلد، وتحدث هذه الندبات عادةً بسبب التهاب الجلد، الذي يُسبب تضرراً وشداً لطبقة الأدمة السطحية، وهذا ما يدفع البشرة إلى إنتاج الحُزم الليفية.
  3. ندبات علامات التمدد: تظهر بسبب الشد الذي يُحدث أضراراً في الألياف، أو بسبب كسرٍ في النسيج الضام، ناتجٍ عن نموٍ أو تقلصٍ سريع في الجسم، ويحدث هذا عادةً بسبب الحمل، أو زيادة الوزن، أو فقدان الوزن بسرعة، أو في المراهقة، أو في حالات كمال الأجسام؛ حيث تكون على شكل حُزم خطيَّة ضامرة في البشرة، ففي بداية الأمر، تكون هذه الندبات حمراء أو وردية أو بنفسجية اللون، ويمكن علاجها، وإذا تُركت من دون علاج تُصبح بيضاء أو فضية، وفي هذه المرحلة تُصبح أقلَّ استجابة للعلاج.

2. الندبات الضخامية:

هي الندبات الأكثر انتشاراً، وتظهر على شكل عناقيد مرتفعة وسميكة ومتغيرة اللون، ويعود سبب ظهورها إلى الإفراط في إنتاج الكولاجين في مكان الجرح، ولا يتجاوز هذا النوع من الندبات منطقة الجرح.

يكون لون هذه الندبات أحمر في البداية، وتستمر في النمو 6 أشهر، وترتفع في أثنائها عن سطح البشرة، ومع مرور وقت طويل يبهت لونها وتتسطح، وتظهر هذه الندبات في أماكن من الجسم أكثر من غيرها، مثل: الظهر، حزام الكتفين، خلف الأذن، كما أنَّ فئة الشباب أكثر عرضةً من غيرها للإصابة بهذا النوع، وتجدر الإشارة إلى إمكانية تحسُّنها مع مرور الوقت من دون علاج أو تدخُّل طبي، ولكن من الممكن أن يصل هذا الوقت إلى عام أو أكثر.

3. الندبات الجدروية أو الكيلويد:

تحدث أيضاً نتيجة الإفراط في إنتاج الكولاجين في مكان الإصابة أو الجرح، كردِّ فعل عنيف من الجلد لعلاج الجرح وإعادة بناء خلاياه، غير أنَّ هذا الإنتاج يكون أكثر من الإنتاج في حالة الندبات الضخامية، ويستمر هذا الإنتاج حتى بعد شفاء الجرح، ليمتد خارج منطقته.

تبدو هذه الندبات كالورم، فهي سميكة وليفية، ولهذا السبب تُسمَّى جدروية، ومن الممكن أن تسبب هذه الندوب الحكة والألم، ويكون لونها أغمق من لون البشرة المحيطة بها؛ حيث إنَّ لها لوناً أحمر أو بنفسجياً، ويبهت هذا اللون مع مرور الزمن.

توجد مناطق في الجسم أكثر عرضة لظهور هذه الندبات فيها، كالصدر والأعناق، وإذا ما ظهرت على المفاصل تؤدي إلى إعاقة الحركة، ومن المهم أن نعرف، أنَّ ندبات حب الشباب من الممكن أن تتحول إلى ندبات جدروية، كما أنَّ لون البشرة قد يتسبب في تحويل الندبة إلى جُدرة، كما أشارت الدراسات، إذ تنتشر هذه الندبات أكثر عند أصحاب البشرة السمراء.

4. ندبات الانكماش:

ترافق هذه الندبات، الحروق من الدرجة الثانية أو الثالثة، وتحدث بسبب فقدان كمية كبيرة من الأنسجة، وقد تؤدي هذه الندوب إلى إعاقة حركية، إذا كانت فوق المفاصل، أو إذا ظهرت على مساحة واسعة من الجلد؛ حيث ينكمش الجلد في المناطق المحروقة، وتحتاج هذه الندوب إلى تدخل جراحي لفك الأنسجة المشدودة، وترقيع الجلد.

5. ندبات حب الشباب:

تحدث هذه الندوب عندما لا يتم التئام الحبوب والبثور بشكل صحيح، ونتيجةً لانسداد المسام ببقايا الجلد الميتة والزيت؛ حيث يُسبب حب الشباب ندبات مختلفة، قد تكون من النوع الضامر أو المضلع، ومن الممكن أيضاً في بعض الحالات، أن تصبح جدروية، ولهذا كان لا بدَّ من معرفة أسباب ظهور حب الشباب، لعلاجه علاجاً سريعاً وصحيحاً، حتى لا يترك آثاره في وجهك وبشرتك، فهذه الآثار لن تتوقف هنا؛ بل قد تمتد وتؤثر في تقبُّلك لنفسك.

أسباب ظهور الندبات:

يُعدُّ حب الشباب، من أكثر الأسباب الشائعة لظهور الندبات على البشرة والوجه، فضلاً عن أسباب أخرى مثل، انسداد مسام البشرة بالزيوت التي تفرزها البشرة الدهنية، أو الجروح التي تحتاج إلى وقت لشفائها، أو التعرض فترات طويلة لأشعة الشمس، أو الإصابة بالحروق المختلفة، أو بعد العمليات الجراحية، إضافةً إلى الإصابة بالأمراض الجلدية، كانحلال البشرة الفقاعي أو الجدري، وهناك أيضاً عوامل تزيد من خطر الإصابة بها، مثل: الحمل، المراهقة، العمر فوق 30، الوراثة، العِرق الآسيوي أو الأسود أو اللاتيني.

طرق علاج الندبات:

الهدف من علاج الندبات هو تحسين مظهر الندبة أو محاولة إخفائها، وهذا العلاج بالتأكيد يُصحِّح ويُحسِّن وضع الندبة، ولكن من النادر إخفاؤها تماماً، فما هذه العلاجات؟

  • المعالجة السطحية: تُستخدم هذه الإجراءات، والتي تُسمَّى أيضاً إعادة تسطيح الجلد، لإزالة طبقة الجلد الميتة والتالفة، وهذا ما يفسح المجال لتشكيل جلد جديد وصحي، وتشمل هذه المعالجات كلاً من:
    1. تسحيج الجلد: تُستخدم هذه المعالجة في حالة الندبات الصغيرة، وندبات حب الشباب، والندبات الناتجة عن العمليات الجراحية؛ حيث إنَّها تعتمد على تسحيج الجلد بواسطة آلة كهربائية تقوم بكشط الطبقة العليا من الجلد، للكشف عن بشرة جديدة سليمة وأكثر نعومة.
    2. التقشير الكيميائي: يقوم على استخدام مواد كيميائية لإزالة الطبقة السطحية من الجلد؛ الأمر الذي يقلل من الأضرار الناتجة عن التعرض لأشعة الشمس والتصبغات، ويُعالج الندبات السطحية.
    3. إعادة التسطيح بالليزر: إمَّا باستخدام ليزرات الجروح؛ أي الليزرات الاستئصالية التي تعمل على إزالة الطبقة العليا من الجلد، وإمَّا باستخدام الليزرات غير الجرحية، والتي يعتمد عملها على حث إنتاج الكولاجين، ومن الجدير بالذكر، أنَّه في إعادة التسطيح بالليزر، يتم استخدام الضوء المركز للتقليل من مظهر ندبات حب الشباب.
  • العلاج بالحقن: لهذا العلاج أنواع عدَّة أيضاً:
    1. الحشو الجلدي: تشمل حمض الهيالورونيك، والحشوات شبه الدائمة، والحلول الاصطناعية، وتُستخدم هذه الحقن في تفريغ الندبات المكتئبة.
    2. حقن الكولاجين: تُستخدم هذه الطريقة لملء المناطق الفارغة بالكولاجين، الذي هو بروتين طبيعي، مع العلم أنَّه يجب التأكد من عدم إصابتك بحساسية تجاه الكولاجين، قبل أخذ هذه الحقنة.
    3. حقن الكورتيزون أو حقن الستيروئيدات: يستخدم لعلاج ندب الجدرة أو الندبات المتضخمة؛ حيث يُقلل من حجمها بكسر ألياف الكولاجين، كما أنَّ خصائص هذا النوع من الحقن، المضادة للالتهاب، تساعد على التخفيف من الحكة والاحمرار والتورم الذي يظهر كأعراض للندبة، فضلاً عن تثبيطه لردِّ الفعل الالتهابي الزائد، والذي يسبب الندبة السميكة، ويُستخدم هذا العلاج بعد إغلاق الشق الجراحي بأسبوعين، كما يمكن استخدامه بعد عام أو عامين، في حال بقيت الندبة نشطة؛ أي سميكة ومرتفعة وذات لون أحمر. تُستخدم هذه الحقن في ندبة الجدرة والندبة المتضخمة؛ حيث تعمل على ترميم الندبة وجعل لونها فاتحاً.
  • الجراحة: تُستخدم في الحالات المتأخرة، والتي لم تنجح معها العلاجات التقليدية، ويمكن اللجوء إلى الجراحة في علاج جميع أنواع الندبات، ولها أنواع عدة:
    1. الجراحة البردية: تعتمد على استخدام النيتروجين السائل لتقليل حجم الندبة، وإزالة الآفات الجلدية السطحية؛ وذلك بتجميد الطبقة السطحية للجلد بكمية منه.
    2. ترقيع لكمة: يتم فيها استبدال الجلد المليء بالندبات بطعوم صغيرة من الجلد، كما في حالة علاج ندبات حب الشباب العميقة.
    3. مراجعة الندبة الجراحية: تتكون الندبات أحياناً نتيجة لشفاء غير لائق، أو بسبب ظروف أخرى تعرَّض لها المريض، وهنا يتم التدخل الجراحي التجميلي لإصلاح هذا الخطأ، ويتم تحت التخدير الموضعي.
  • العلاج بضمادات الضغط: يُقلل هذا العلاج من سماكة الندبة بفعل تطبيق ضغط ميكانيكي عليها، ويمكن استخدامه بعد وقت قصير من إغلاق الجرح، أو في أي مرحلة تكون فيها الندبة نشطة.
  • العلاج بالسيلكون: يكون على شكل ضمادات أو كريم يُدهن على الندبة، وللسيلكون مفعول قوي على الندبة في جميع مراحلها، فهو يُقلل من سماكتها وبروزها.
  • علاج الندبات المدمج: وذلك من خلال دمج أكثر من نوع علاج، للحصول على أفضل النتائج، فمثلاً، يمكن استئصال ندبة وحقنها بالستيروئيدات.
  • العلاج الإشعاعي: يُستخدم في حال لم تنجح أيٌّ من طرائق العلاج الأخرى مع الندبة، وفي المراحل المتقدمة من ندبات الجُدرة.

في الختام:

الندبات التي تتركها الطبيعة على جسم الإنسان أمر طبيعي، ولا يجب أن يكون هذا أمراً مثيراً للخجل أو للقلق، وما دام علاج هذه الندبات ممكناً، في حال تركت أثراً سلبياً عند أصحابها، فالمشكلة إذاً محلولة، ولكنَّ الجدير بالذكر، أنَّ علاج أي ندبة علاجاً صحيحاً وسليماً يتطلب تشخيصاً طبياً، لتحديد نوع وسبب الندبة، ومن المهم جداً عدم إهمال أي ندبة تظهر على الجسم، وخاصةً إذا ظهرت فجأة ومن دون سبب؛ إذ قد يكون ظهورها إشارةً على أمراض أخرى أخطر وأكثر ضرراً؛ لذا لا تتردد أبداً، وقم بزيارة الطبيب، واحصل على التشخيص الصحيح، فصحتك كنز وواجبك أن تحافظ عليه.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!