أهمية مهارة القراءة وفوائد القراءة السريعة

أتذكَّر عندما كنت صغيراً في المرحلة الابتدائية أنَّهم علَّمونا أن القراءة من أفضل الهوايات، حتَّى جعلناها هوايةً تلاشت مع مرور الوقت بين دروب المغريات الأخرى؛ وحين كبرت، وددت لو أنَّهم ردَّدوا على مسامعنا أنَّ المطالعة من الضروريات، فلربَّما وضعناها في مقامها، ولربَّما كان حالنا أفضل اليوم.

Share your love

القراءة ضرورةٌ وليست هواية، وذلك إن أردنا الارتقاء الحقيقي بالفرد والمجتمع نحو آفاقٍ جديدة؛ شأنها شأن الحركة والرياضة بالنسبة إلى العضلات، إذ كلَّما تمرَّن الإنسان أكثر، زادت قوَّته البدنية، والدهون المحيطة بعضلاته لتبرز أكثر وتقوى على مواجهة الحياة.

لو شاهدت سباق 200 مترٍ يتنافس فيه ثمانية لاعبين في الميدان، ستدرك أنَّ الفوز للأقوى والأسرع، إذ سيفوز المتسابق صاحب الانطلاقة الأقوى، وستساعده في ذلك عضلاته المفتولة وتدفعه نحو الأمام بخطىً ثابتة، متفوِّقاً على منافسيه.

إن كانت الرياضة تقوِّي العضلات، فالقراءة تقوِّي العقل، وتنمِّي الأفكار، وتفتح نوافذ الخيال على عوالم المعرفة، وتزيل دهون الجهل المتراكمة، وتُبرِز معها قوة الحجة بالفكر والمنطق؛ ويا حبَّذا لو جمع الفرد بين القوتين، والسبيل إلى ذلك: تنظيم الوقت بين ممارسة الرياضة والقراءة، فيكون قوي البنية وقوي الفكر.

إنَّ القراءة ترفع من جودة الحياة، وترفع من مستوى الذكاء العاطفي؛ ممَّا يعطي الإنسان مرونةً أكثر في التعامل مع الآخرين وتشكيل علاقاتٍ إنسانيةٍ متينة، ليكون له تأثيرٌ في محيطه ومجتمعه.

إذا كان الشغف هو الأساس، فإنَّ القراءة هي الحل، وقيل: إذا واجهتك مشكلةٌ من أيِّ نوع، طالع كتاباً أو كتابين حولها وستجد لها حلَّاً.

قصةٌ واقعيةٌ عن أثر القراءة في حياة البشر مهما كانت مكانتهم ومهما بلغوا من العلم:

حان وقت القصة التي وعدتكم بها في نهاية المقالة الأولى من سلسلة المقالات: “عشر لكسر الحجر”. تقول القصة:

“كان أستاذ الجيولوجيا في جامعةٍ بريطانية على وشك الإفلاس، حتَّى بعث له صديقه من فريق المنقبين عن الحفريات في العراق ألواحاً عمرها آلاف السنين، تعود إلى الحضارة البابلية. كانت هذه ألواحاً حجريةً تحتوي على كتاباتٍ خطَّها أغنى رجلٍ في بابل آنذاك، وقد كانت خلاصة تجربته في الحياة، وقصة تحوُّله من شابٍ يبحث عن عملٍ إلى أغنى رجلٍ في تلك الحقبة. لقد كان شاباً يرفض العبودية للوظيفة، وبنى صرحاً له، وكتب قوانين المال التي تعلَّمها عبر الزمن. خمس قوانين طبَّقها الأستاذ الجامعي وكانت سبباً في انتشاله من حافة الإفلاس والتشتت العائلي إلى بحبوحة العيش.

العلم ليس له حدود، فأستاذ الجيولوجيا رغم كلِّ المعارف التي يمتلكها في ميدانه، إلَّا أنَّه كان ضعيفاً من ناحية علم الاقتصاد، وكان الحل للمعضلة في القراءة، وكأنَّه طالع كتاب “فن التعامل مع المال” مختزلاً في بضع عباراتٍ منقوشةٍ على الحجر، حيث قرأ خلاصة تجربة رجلٍ عصاميٍّ ارتقى في السلم الاجتماعي من الأسفل إلى الأعلى حتَّى تربَّع على عرش الأثرياء، حتَّى أنَّ ملك البلاد حينها طلب منه أن ينقل خبرته إلى التجار في المدينة.

يا ترى كم هي الكتب التي تعِبَ أصحابها في تأليفها وضمَّنوها خلاصة تجاربهم في الحياة، لكنَّها مركونةٌ في رفوف المكتبات؟ هذه في الواقع دررٌ ينبغي أن ننفض عنها غبار النسيان ونفتحها من جديد، وذلك لتفتح أمامنا أفقاً جديداً وعالماً فريداً، لم ولن نتعرَّف عليه بدون القراءة والمطالعة.

حظيتُ بقراءة هذا الكتاب الذي ألَّفه رجل الأعمال الأمريكي (جورج صامويل كلاسون)، والذي أنصح به الجميع من الشباب المقبل على المشاريع، والموظفين، وربات البيوت، وكلِّ فئات المجتمع؛ إذ سيجد الجميع لهم نصيباً من الفائدة في هذا الكتاب الرائع، والذي يتحدَّث عن خمس قوانين للتعامل مع المال. 160 صحفةً أتممتها في خمسة أيام، بمعدل خمسين صفحةً في اليوم؛ إلَّا أنَّني استفدت كثيراً، وأريدكم أنتم أيضاً أن تفعلوا، سيغيِّر فيكم شيئاً نحو الأفضل. إليكم بعض الاقتباسات من الكتاب:

  • إنَّ الفرص الجيدة لا تأتي لأشخاصٍ غير مستعدين لاستغلالها.
  • لا تخلطوا بين النفقات الضرورية ورغباتكم الشخصية.
  • إنَّ ثروة الإنسان لا تكمن في المال الذي يحمله في كيس نقوده، بل تكمن في الدخل الذي يصنعه.

لماذا القراءة السريعة؟ وكيف السبيل إلى تعلُّم هذه المهارة؟

إنَّ كلَّ مهارةٍ يمكن اكتسابها مع الوقت والمثابرة، والقراءة السريعة هي مستوىً متقدِّمٌ من القراءة العادية، والمعتادون على القراءة العادية يجدون أنفسهم قد ارتقوا إلى القراءة السريعة، وهناك بعض الأرقام التي تتيح معرفة الفارق فيما بينهما:

  • في القراءة العادية يستطيع الإنسان إتمام ما بين 200 إلى 250 كلمةً في الدقيقة.
  • في القراءة السريعة متوسط الكلمات التي يمكن قراءتها هي 600 كلمة في الدقيقة.

يتجلَّى مفهوم القراءة السريعة في استيعاب المعنى أكثر من التدقيق في العبارات بالتفصيل. وإنَّ مهارة القراءة السريعة مثل الشجرة، يرويها الإنسان بالتعلُّم والتمرُّن، ويجني ثمارها، ويتظلَّل تحت ظلِّ فوائدها.

فوائد القراءة السريعة:

1. تنمية القدرة الذهنية للقارئ ورفع درجة التركيز أكثر من القراءة التقليدية:

حيث يركِّز القارئ كلَّ اهتمامه على المعلومات بين يديه دون أن يشتِّت تفكيره شيءٌ آخر.

2. زيادة شعور الثقة بالنفس:

الكمُّ الهائل من المعلومات في أيِّ مجال، والذي يكتسبه القارئ، يمنحه إدراكاً أكبر لما يحدث حوله، ويوسِّع من مداركه.

3. توفيرٌ في الوقت والجهد:

أمرٌ واضح لا يحتاج إلى إيضاح، فليس من يقرأ ويستوعب 10 كتبٍ شهرياً كمن يقرأ 30 أو 40 كتاباً في الشهر.

4. منح الراحة النفسية:

لو سألت غالبية القراء لوجدتهم أهدأ بالاً من غيرهم، فهم ذوو نفسيةٍ متزنة، إذ أنَّ شغفهم بالقراءة يجعل من الكتاب مؤنسهم في كلِّ الأوقات، ويبحرون بين صفحات الكتاب الذي ينسيهم الواقع، فيخرجون بذهنٍ أصفى ومعنوياتٍ أعلى.

كانت هذه نبذةً صغيرةً عن أهمية القراءة عامة، وفوائد القراءة السريعة خاصَّة. ولكيلا أطيل عليكم، ولأنَّ الأمر يحتاج إلى تفاصيل أكثر، أضرب لكم موعداً في المقال المقبل حول نصائح لتعلُّم القراءة السريعة.

بالودِّ نلتقي، وبالعلم نرتقي، ودمتم بعافية.

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!