صاح الحاج قاسم متأوهاً من آلام صدره ” أشعر أن جبلاً يجلس فوق صدري ” , “لا استطيع التنفس”, ” أشعر بدوخة و غثيان” , لاحظت زوجته شحوب وجهه و تعرقاً شديداً يغطي رأسه ورقبته .

استدعت زوجته الاسعاف الذي قام بنقله الى اقرب مستشفى , تأكد الطبيب من تخطيط القلب و اعلن بحزم , ” الحاج قاسم لديه جلطة حادة في القلب و يجب إعطاءه الابرة المميعة للدم فوراًً ” , وافق الحاج والحاجة و أخذ الابرة المميعة للدم خلال دقائق , بعد مدة قصيرة شعر بتحسن ملحوظ وبعد ساعة اختفى الألم تماماً . ونام نوماً عميقاً استيقظ بعده كأنه ولد من جديد , وفور إستيقاظه وعد الحاجة فوزية – التي كانت تجلس على الكرسي بجانب السرير- وعدها بالسفر المنتظر الى سوريا لاعادة ذكريات شهر العسل الاول الذي مضى عليه الان 40 سنة !

كيف تتكون الجلطة القلبية؟

الجلطة هي تخثر للدم يحصل داخل الشريان التاجي ويؤدي الى انقطاع و صول الأكسجين والغذاء الى خلايا عضلة القلب مما يؤدي الى شعور بالألم في الصدر او في الذراع اليسرى او الرقبة .الحدث الذي يسبب الجلطة القلبية الحادة هو حصول شق او جرح في بطانة الشريان التاجي , وعادة ما يحصل هذا الجرح على خلفية تصلب شرايين اي ان الشريان يكون فيه تضيق سابق بسيط او متوسط لاحظ – بسيط او متوسط – وليس شديدا , ثم بعد حصول هذا الجرح تهرع الى مكان حدوثه الخلايا الحمراء و الصفائح الدموية و خلايا اخرى و تحاول رأب الصدع في بطانة الشريان بأسلوب ( الفزعة ) المبالغ فيه و يؤدي احتشادها= في داخل الشريان الى احتشاء القلب ( احتشاد يؤدي الى احتشاء ) , ولهذا السبب تعالج الجلطة القلبية بالادوية المميعة( المذيبة) للجلطة لانها تفرق هذه الجموع المحتشدة داخل الشريان و تذيبها= لتسمح للدم بالعودة الى مساره الطبيعي , اي تخيل ان الشريان يشبه الشارع و هناك حادث سير بسيط على طرف الشارع و يهب كل من يسير في الشارع الى محاولة مساعدة المصابين بازدحام و فوضى ومبالغة ويؤدي ذلك الى انسداد حركة المرور في الشارع وعدم وصول اي من السيارات الى هدفها وبالتالي تكون النتيجة النهائية أسوأ من الحدث الاصلي لان هذه السيارات سوف تعيق وصول سيارات الاسعاف المؤهلة لعلاج المصابين و قد لا ينطبق هذا التشبيه تماماً على حالات انسداد الشريان و لكنه قريب جداً لغايات التقريب و التوضيح

ما هو العلاج الرئيسي للجلطة ؟

لأن الجلطة هي تخثر للدم يؤدي الى انسداد الشريان ,فإن العلاج هو فتح مجرى الدم ثانيةً بالسرعة القصوى , لان انقطاع الدم عن عضلة القلب يؤدي الى موت الخلايا القلبية خلال ساعات قليلة فقط وهذه خلايا لا يمكن تعويضها لانها لا تنمو ثانية , فكل دقيقة تمر و الشريان مسدود تؤدي الى موت خلايا قلبية لا تقدر بثمن .يمكن فتح الشريان بطريقتين :الأول :اعطاء ابرة مميعة للدم تذيب الجلطة و تعيد الدم الى مجراه , وهذه فعالة في 70% من الحالات فقط اي انها لا تستطيع اذابة الجلطة في 30% من الحالات , و فائدتها انها متوفرة في كل المستشفيات و لا تحتاج الى خبرة او اجراءات معقدة بل يمكن اعطائها بسهولة , و لكنها تزيد من احتمال النزيف في الدماغ او الجهاز الهضمي .

في حالة فشل هذه الادوية في فتح الشريان فإن المريض يحتاج الى قسطرة عاجلة لفتح الشريان لأن عدم القيام بذلك يؤدي عادةً الى نتائج وخيمة و خراب لجزء مهم من عضلة القلب ثانياً : هي اجراء قسطرة عاجلة و فتح الشريان عن طريق توسيع بالبالون ثم زراعة شبكة ( دعامة ) للمحافظة على المجرى مفتوحاً , وهذه الطريقة اكثر فعالية و نسبة نجاحها تتجاوز 95% عادةً و احتمال النزيف في الدماغ او الجهاز الهضمي اقل لان المميعات المستعملة خلال القسطرة تكون اخف من تلك الموجودة في الابرة المميعة للدم ( مذيبة الجلطات ) , ويجب على من يقوم بذلك ان يكون له خبرةطويلة في هذا المجال وان يتم بسرعة و كفاءة وان يكون هناك استعداد للمضاعفات التي قد تنتج عن الجلطة القلبية , لذلك ينصح المرضى إذا كان لهم حرية إختيار المستشفى ان يذهبوا الى مستشفى مجهز بمختبر للقسطرة لكي يتمكن الاطباء من اجراء ما يلزم دون الحاجة الى تحويل او نقل الى مستشفى آخر وما يترتب على ذلك من إضاعة الوقت و بالتالي ضرر اكثر لعضلة القلب.