التأتأة عند الكبار: أسبابها، وأعراضها، وطرق علاجها

يُعاني نحو 1% من السكان في كل بلد داء التأتأة أو التلعثم وعدم القدرة على الكلام بطلاقة، والذي ربَّما يكون قد أصابهم لسبب أو لآخر. لذلك، سنتحدث في هذه المقالة عن أسباب واعراض التأتأة او التلعثم، ثمّ سنتطرّق لأهم الطرق التي تساعد في السيطرة عليها.

لكنَّ بعضاً يضيق صدرهم به، ويُسبب لهم عائقاً في أثناء ممارستهم حياتهم اليومية، على الرغم من كونهم يتمتعون بالذكاء والذهن المتوقد. ونظراً لأهمية هذه المشكلة وآثارها، خُصِّص يوم 22 أكتوبر من كل عام لاعتباره اليوم العالمي للتأتأة والتلعثم، لرفع مستوى الوعي العام تجاه الأشخاص الذين يُعانون هذا الاضطراب.

ما هي التأتأة أو التلعثم؟

التأتأة نوع من التردد والاضطراب وانقطاع في سلاسة الكلام، حيث يردد الشخص المصاب صوتاً لُغوياً أو مقطعاً ترديداً لا إرادياً مع عدم القدرة على تجاوز ذلك إلى المقطع التالي.

يُلاحظ على المصاب بالتأتأة اضطراب في حركتي الشهيق والزفير في أثناء النطق، مثل انحباس النفس ثم انطلاقه بطريقة تشنجية، كما يصاحبها حركات زائدة عمَّا يتطلبه الكلام العادي في اللسان والشفتين والوجه واليدين. ويُعاني الأطفال التلعثم من عمر سنتين حتى 6 سنوات في فترة تعلُّم الكلام (التأتأة التنموية)؛ وذلك لأنَّ قدرتهم على استخدام اللغة غير كافية لمواكبة ما يريدون قوله، وهذه تأتأة طبيعية تختفي عند اكتمال مفردات اللغة عند الطفل.

لكن تكمُن المشكلة عندما تستمر التأتأة إلى أكثر من هذه الفترة، وإلى المراهقة والشباب.

شاهد بالفيديو: كيف تشجّع طفلك على النطق

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/kM8d0UGMWbI?rel=0&hd=0″]

أسباب التأتأة:

لم ينته الباحثون إلى يومنا هذا من تحديد الأسباب الأساسية للتأتأة، في حين تلعب كثير من العوامل دوراً كبيراً في هذا الشأن منها:

1. التأتأة العصبية:

وهي الأكثر شيوعاً بين الأشخاص البالغين، وتحدث نتيجة لبعض الحالات المرضية مثل السكتة الدماغية أو إصابات الدماغ الأخرى.

2. التأتأة الناتجة عن التوتر:

الإجهاد الشديد أو الضغط العصبي من الأسباب غير المباشرة في التأتأة عند الكبار، فالتوتر يؤثر في نشاط الدماغ ويعطل طلاقة الكلام.

3. التأتأة المتكررة من الطفولة:

التأتأة النمائية أكثر شيوعاً بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وست سنوات، وغالباً ما يتغلب الطفل على تلك الحالة، ولكن بمرور السنوات قد يُعاني الشخص مجدداً من التأتأة، وتظهر من جديد بشكل غير متوقع.

4. التأتأة الناتجة عن تناول الأدوية:

قد يكون التلعثم أحد الآثار الجانبية لبعض الأدوية، وهنا لابدَّ من الاتصال بالطبيب فوراً واستبدال الدواء.

5. العامل النفسي:

يُعتقد أن الحالة النفسية بمثابة السبب الرئيس للتأتأة عند الكبار، وتَعرُّض الشخص للضغط أو الإحراج والتوتر يجعلها أكثر وضوحاً؛ من أهم هذه العوامل النفسية: التوتر والحرمان والخوف وعدم الثقة بالنفس، أو الرهاب الاجتماعي، أو صدمة نفسية (موت قريب أو حادث).

عوامل مُساعدة على التأتأة:

  1. التاريخ العائلي المرضي: تزداد فرصة إصابة الشخص بالتأتأة، إن كان أحد أفراد العائلة يعانون من هذه المشكلة.
  2. العمر: تقل فرصة معاناة الشخص من التأتأة على المدى البعيد، في حال بدأ في ذلك قبل عمر الثالثة والنصف؛ فكلما بدأت الأعراض مبكراً، قلَّت معدلات الإصابة عند الكبر، وعادة ما يتوقف ثلاثة أرباع الأطفال عن التأتأة في عمر 1-2 عام دون الحاجة إلى علاج بالتخاطب.
  3. الجنس: ترتفع معدلات إصابة الذكور بالتأتأة 4 مرات مقارنة بالإناث، ويعتقد الخبراء أنَّ الأسباب عصبية، مُلقين باللائمة على طريقة تعامل أفراد العائلة مع الصبيان مقارنة بالفتيات عند معاناتهم من التعلثم.

أعراض التأتأة:

  • صعوبة البدء بكلمة أو عبارة أو جملة.
  • تكرار كلمة أو صوت أو مقطع في أثناء الكلام.
  • رجفة أو ارتعاش في العينين والشِّفاه عند التواصل مع الآخرين.
  • تصلُّب الجزء العلوي من الجسم أو الوجه، والإحساس بشد عضلي في الرقبة والمنطقة أسفل الرقبة.
  • النقر بالقدم على الأرض.
  • يُعاني المتلعثم صعوبة في التنفس يُصاحبها خجل شديد، وتعرُّق في أثناء الكلام.
  • إعادة الكلام في أثناء الحديث، في محاولة من الشخص الذي يعاني التأتأة إلهاء من يتحدث إليه وتشتيت تركيزه، حتى لا يُلاحظ تأتأته.
  • التحدث بسرعة لتفادي التأتأة، وهذا خطأ كبير.

لماذا الكلام شيء والغناء شيء آخر!

لاتزال أسباب التأتأة قيد البحث، حيث يجري استخدام تقنيات التصوير لفحص مُصابي التأتأة، ويُستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي تحديداً من بين هذه التقنيات، وذلك بتصوير تركيبة دماغ المصاب في حالة التأتأة.

وتُوضِّح الدراسات التي أجريت على المصابين بالتأتأة، أنَّ هناك مشكلة في الجانب الأيسر من الدماغ، وأنَّ هذه المشكلة تشمل المناطق المسؤولة عن الكلام وتؤثر في الألياف المترابطة في هذه المناطق، فعلى الرغم من أنَّ الخلايا الرمادية موجودة في موضعها، إلا أنَّ الاتصال فيما بينها مُشوَّش ما يؤثر في عديد من العضلات الضرورية للتكلم بطلاقة.

الغناء بالنسبة لهؤلاء لا يُشكل أي مشكلة على الإطلاق؛ ويُفسَّر ذلك بأنَّ الجزء الأيمن من الدماغ مسؤول عن الغناء، في حين أنَّ الجزء الأيسر مسؤول عن الكلام، وهو الجزء الذي تظهر عليه الاضطرابات.

كيف تُسيطر على التأتأة؟

من الوسائل التي ينصح بها الخبراء، والتي قد لا تُخلِّص من التأتأة نهائياً، وإنَّما تساعد على التخفيف منها والتحكم فيها، ما يلي:

1. التحدث ببطء:

تُعَد من أهم النصائح الفعَّالة في علاج التأتأة لدى الكبار؛ فالتسرع يسبب التلعثم واضطراب الكلام. يُنصح بأخذ بضعة أنفاس عميقة والتحدث ببطء للسيطرة على التعلثم.

2. تدريب التنفس:

عندما تشعر أنَّك على وشك التأتأة، اصمت لثوان، وخذ نفساً عميقاً بين كل جملة من جمل الحديث وتدرَّب على ذلك.

من المعروف أنَّ رئتي الإنسان البالغ تتسع لحوالي 2500-5000 سم مكعب، وأنَّ هذه الكمية تكفي لأن يتكلم الإنسان من 10-25 ثانية متواصلة إذا ما استطاع التدرب على ذلك؛ ولهذا كانت تدريبات التنفس عاملاً أساسياً في علاج التلعثم، حيث أنَّها المحرك لعملية الكلام. وهنا يُنصح بالتنفس البطني الذي تُصاحبه عملية دفع للحجاب الحاجز إلى أسفل، ما يُتيح مساحة أكبر للرئتين في التمدد ودخول كمية أكبر من الهواء، وهذه الإزاحة التي تحدث في الحجاب الحاجز يجب أن يُصاحبها بُروز في البطن إلى الخارج، وليس إلى الداخل كما يظن بعضهم.

3. التدريب على التحدث:

يجب عليك محاولة التدرب على التحدث سواء كان أمام الناس أم أمام نفسك؛ يُمكنك أن تقف أمام المرآة وتتكلم، ذلك سوف يساعدك على إدارة المواقف التي تُصاب فيها بالتأتأة.

4. عدم التركيز على التأتأة:

عدم التركيز على مشكلة التأتأة في أثناء التواصل مع الآخرين، فالتعامل تلقائياً وتجاهل التأتأة يُفيد في تقليلها في أثناء الكلام.

5. التدرب بالقراءة:

عبر تقسيم كتاب صغير سهل مقروء إلى جمل بسيطة من ثلاث أو أربع كلمات، مع التركيز على استقبال الحرف الأول من الكلمة ومدِّه قليلاً للتأكيد عليه، ومن ثم تطبيق ذلك أيضاً على الكلام الشفهي، وليكن ذلك مع أحد الموثوق فيهم ممَّن يرتاح لهم مُصاب التأتأة.

6. التوقف عن القلق:

يُعَد الشعور بالراحة والتوقف عن القلق من أهم الأشياء؛ لأنَّ القلق ينتج عنه توقف عن الكلام، أو تكرار للكلمة ذاتها عدة مرات؛ نتيجة الضغط على الحبال الصوتية، لكن عندما تحصل على الراحة يقل الضغط وتبدأ في التحدث طبيعياً.

7. السيطرة على معدل الكلمات:

وذلك في الجملة الواحدة، كي ينطق كل حرف نطقاً واضحاً وسليماً.

8. المرونة:

أي التعرض إلى المواقف الطارئة كافة، والتدريب على كيفية ضبط النفس وقت التعرض لها، وذلك محاولة لتجنب التأتأة في أثناء هذه المواقف.

9. التكلم أمام جمهور:

تُعَد هذه الخطوة ذهبيَّة في علاج التأتأة؛ إذ ينصح الخبراء والأشخاص الذين عانوا التلعثم وتجاوزوه، بالتكلم أمام جمهور سواء في (محاضرة أم ندوة أم مؤتمر أم حتى اجتماع لثلة من الأصدقاء)، لما للأمر من دور كبير في كسر حاجز الخوف، وتعزيز الثقة بالنفس ومواجهة التلعثم.

10. أخصائي نطق وتخاطب:

لا مانع من زيارة أخصائي نطق، لعمل الفحوصات اللازمة والخضوع إلى برنامج علاجي مدروس، يكون مُنصبَّاً على تعليم المُصاب مهارات وأساليب الطلاقة الكلامية وتعزيز ثقته بنفسه.

ما يوجد تحت السطح:

ما لا نراه هو الصراع الداخلي والاحتراق النفسي، ومشاعر الخوف والقلق والتوتر ومواقف الإحراج المتكررة، وضعف الثقة بالنفس التي يشعر بها مصاب التأتأة، ومحاولة الهروب من التحدث مع الآخرين ومعاناته مع محيطه.

فمثلاً عندما تكون التأتأة ناتجة عن التنشئة الأسرية العنيفة غير السويَّة، والمعتمدة على أساليب العقاب الجسدي والإهانة والتوبيخ؛ نجد آثاراً نفسية وإحباطات من شأنها أن تُعيق عملية الكلام عند الطفل ممَّا يؤدي إلى التأتأة. وعندما يُصاب الطفل بالتأتأة بدلاً من أن تُحتَوى الحالة وتُعالج من قبل الوالدين، يبدأ الوالدان بالتحذير والوعيد للطفل المُتلعثم واستعجاله النطق، أو ضربه عند التأتأة، أو محاولة إسكاته وإحراجه أمام الآخرين عندما يُريد التكلم، إضافة للتمييز بينه وبين أخوته، ثم تأتي المدرسة لتكمل عليه بالتنمر الذي يُمارسه أقرانه، وبعدم احتواء مُعلِّميه لحالته، ثم الجامعة كذلك الأمر، ثم سوق العمل الذي غالباً ما يرفض تشغيله، حتى عندما يُفكِّر بالزواج يجد التأتأة عائقاً في طريقه وحصوله على هذا الحق الطبيعي كغيره ممَّن في سنِّه.

واجبنا كمجتمع:

أغلب الأشخاص الذين يُصابون بالتأتأة حسَّاسون أكثر من غيرهم، وهؤلاء يجب احتوائهم والانتباه لهذه الناحية في شخصيتهم، ومن الواجب علينا كمُستمعين أن نُعطي مهلة ومساحة من الصبر والهدوء والسلام للمتلعثم، حتى يتمكن من التعبير عن ذاته والوصول إلى غايته؛ فالمستمع غير الصبور يزيد الأمر صعوبة على المتلعثم بمحاولته سدَّ الثغرات له، والتي تكون في كثير من الأحيان محاولة للمساعدة، وبالرغم من ذلك يُنظر إليها من قبل المتلعثم على أنَّها نفاد للصبر، كما يجب أن نُصغي له بكل تركيز دون قطع حديثه أو إبداء أي ردَّات فعل توحي بالضجر منه، ونشجِّعه على أنَّ حالته أمر طبيعي وأنّه قادر على تجاوزها.

في الختام:

أهم خطوات النجاح في مواجهة التأتأة أن تعترف بأنَّ لديك مشكلة، وأن تتصالح معها، وتُقرر: هل ستجعلها تُعيق حياتك أم أنَّك ستتحداها وتنتصر عليها بالإرادة والتّدريب؟ وهل ستتَّخذ ممَّن نجحوا في تجاوز هذه المشكلة قدوة لك؟

واجه المشكلة واعترف بها، قل لنفسك: أنا أُعاني من التّأتأة وسوف أعمل على تجاوزها، وسوف أنجح. وتذكر دائماً أنَّ كثيراً من الشخصيات الشهيرة كانت تُعاني التأتأة، والتي منها الكاتب البريطاني جورج برنارد شو، والعالم اسحاق نيوتن، والممثل بروس ويليس والممثلة نيكول كيدمان، والفيلسوف اليوناني أرسطو، سيطروا على التأتأة ولم يتركوها تُعيق حلمهم، فكانوا أرقاماً صعبة في مجالاتهم.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!