التبرع بالكلى: شروطه وأضراره وحكمه الشرعي

تقع الكليتان أسفل القفص الصدري على جانبي العمود الفقري، وتعد من الأعضاء الأساسية في جسم الإنسان ومهمتها تنقية دم الإنسان الذي يمر بداخلها، ويصاب العديد من الأشخاص بأمراض الكلى، أشهرها الفشل الكلوي، فيلجأ الإنسان للبحث عن متبرع، سنحدثكم عنه في هذا المقال بكل تفاصيل وشروط، وأضرار، ومضاعفات، التبرع بالكلى وماحكمه في الشريعة الإسلامية.

ويتوزع الدم في الكليتين على ملايين من الأوعية الدموية الشعرية التي ترشِّحه؛ لذا عندما يتفاقم المرض عند الأشخاص المصابين بمرض الكلى ويصلون إلى مراحله النهائية، يحتاجون إلى إخراج الفضلات من أجسامهم عن طريق جهاز “الديال الدموي”، أو عن طريق “الديلزة الصفاقية”، أو عن طريق “زراعة الكلى” الذي سنحدثكم عنه في هذا المقال بكل تفاصيله وشروطه، وأضراره، ومضاعفاته، وحكمه في الشريعة الإسلامية؛ فتابعوا معنا.

ماهو التبرع بالكلى؟

التبرع بالكلية هو استئصال إحدى الكليتين من متبرع حي، وزراعتها في جسم إنسانٍ توقَّفت كليتاه عن العمل بكفاءة، لذا يستطيع المتبرع أن يعتمد على كليته الأخرى القادرة على أداء جميع الوظائف الحيوية الضرورية.

إنَّ أول عملية زراعة كلية ناجحة من متبرع حي حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1954؛ إذ أجريت عملية التبرع باستخدام الجراحة التقليدية المفتوحة، بينما أصبحت الغالبية العظمى من جراحات التبرع بالكلية في وقتنا الحالي تُجرى باستخدام تقنيات المنظار الطفيف التوغل، ويمكن في بعض العمليات استخدام تقنية مساعدة الروبوت، كما يُعدُّ النوع الأكثر شيوعاً على مستوى إجراءات التبرع من متبرع حي هو “التبرع بالكلية من متبرع حي عن طريق استئصال الكلية”؛ ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها سُجِّل ما يقارب 5000 عملية تبرع بالكلية من متبرع حي سنوياً، فأخذ الكلية من متبرِّع حي يُعدُّ بديلاً لانتظار توفُّر عضو من متبرع متوفى بالنسبة للمرضى.

ويُعدُّ زرع الكلية علاجاً شافياً لمرضى الفشل الكلوي بدلاً من الديلزة طوال العمر، والجدير بالذكر أنَّ عملية زراعة الكلية من متبرع حي لها العديد من الفوائد للمريض؛ إذ تبقى الكلية المتبرَّع بها فترةً أطول عند مقارنتها بعملية زراعة الكلية من شخص متوفى، كما أنَّ مضاعفات هذه العملية تكون أقل.

ما هي شروط عملية التبرع بالكلى؟

قبل القيام بعملية زرع الكلى هناك بعض الشروط التي يجب أن يحققها كلٌّ من المتبرع والمتلقي، وسنذكر لكم أهم هذه الشروط فيما يلي:

1. بالنسبة إلى المتبرع:

  • نمط الحياة الصحي: من أكثر الأمور التي تُعدُّ خطراً على المتبرع التدخين، فيمكن أن يعرضه لخطر الإصابة بالالتهاب الرئوي بعد عملية الزرع، فالتدخين يضر الرئتين.
  • العمر القانوني: لكي يستطيع المرء التبرع بإحدى كليتيه يجب أن يكون عمره 18 فما فوق.
  • إجراء الفحوصات والاختبارات الطبية:

1. 1. اختبارات تقييم صحة المتبرع:

إنَّ إجراء اختبارات تقييم صحة المتبرع والتي تُعدُّ من الاختبارات الأساسية التي يجب أن تُجرى له قبل القيام بعملية زرع الكلى، وتتضمن الفحص الطبي، واختبار تحليل الدم، ويمكن أن تتضمن بعض الاختبارات المطلوبة ما يلي:

  1. اختبارات الكشف عن السرطان.
  2. فحص أمراض النساء، وفحص مسحة من عنق الرحم.
  3. اختبار الأجسام المضادة.
  4. إذا تجاوز المتبرع سن الـ 50 يجب أن يُجرى له تنظير للقولون.
  5. الأشعة المقطعية.
  6. مخطط كهرباء القلب “EKG”.
  7. الأشعة السينية.

كما يجب التأكد من الاستعداد العاطفي والعقلي للشخص المتبرع، ويَتحقق ذلك من خلال مقابلته للطبيب النفسي، والمحامي المختص، وفي حال التأكد من صحة جسم المتبرع، ومن أنَّ فصيلة دمه، وأجسامه المضادة متطابقة تماماً مع المريض؛ عندها تحصل الموافقة على عملية التبرع بالكلية.

1. 2. خلو جسم المتبرِع من الأمراض:

من شروط التبرع بالكلى، خلو جسم المتبرع من الأمراض والحالات التالية:

  1. مرض السكري.
  2. الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة.
  3. الإصابة بأمراض مزمنة في الكلى.
  4. الإصابة بمرض السرطان.
  5. الحمل.
  6. نقص الوزن الحاد.
  7. الإصابة بأحد أمراض القلب.
  8. الإصابة بمرض نفسي.
  9. الإصابة بالتهاب الكبد.
  10. ألا يعاني المتبرع من ارتفاع ضغط الدم.

2. بالنسبة إلى المتلقي:

إنَّ معظم مرضى الفشل الكلوي بإمكانهم إجراء عملية زراعة الكلية؛ إلا أنَّ هناك بعض الحالات التي يمكن أن تعيق إجراء العملية لبعض المرضى وتمنعها، ونذكر لكم من هذه الحالات:

  1. الإصابة بالخرف.
  2. الإصابة بمرض قلبي شديد، أو التعرض لنوبة قلبية حديثاً.
  3. الإصابة بالاضطراب العقلي.
  4. التقدم في السن: يخضع الأشخاص الذين تجاوزت أعمارهم 60 عاماً إلى فحوصات قلبية وجسدية كاملة قبل أن يوافق الطبيب المشرف على القيام بالعملية.
  5. وجود خلل غير معالَج في هيكل القناة البولية.
  6. الإدمان على المخدرات أو الخمر.
  7. الإصابة بالعدوى.

ما هي أضرار ومضاعفات عملية زراعة الكلى؟

هناك بعض الأضرار والمضاعفات الناتجة عن عملية زرع الكلى على كلٍ من المتبرع والمتلقي، وفيما يلي سنذكر لكم أهمها:

1. أضرار ومضاعفات عملية زرع الكلى على المتبرع:

  1. إنَّ التبرع بالكلى أضراره خفيفة على جسم المتبرع على الأمد الطويل، على الأخص في حال مقارنة هذه المخاطر مع المخاطر الصحية التي يمكن أن يعاني منها غيره من الأشخاص.
  2. يمكن أن ترتفع نسبة خطر الإصابة بالفشل الكلوي لدى المتبرعين متوسطي العمر من ذوي البشرة السوداء؛ ولكن لحسن الحظ فإنَّ نسبة ارتفاع هذا الخطر طفيفة؛ إذ إنَّها لا تتعدى الـ 1%.
  3. إنَّ العملية الجراحية الكبيرة لاستئصال الكلية التي يخضع لها المتبرع تشكل الخطر الأكبر المتمثل بتعرضه للنزف، أو العدوى.
  4. إنَّ معدل بقاء المتبرع على قيد الحياة على الأمد الطويل هو المعدل ذاته للأشخاص الآخرين الذين لم يتبرعوا بالكلى.

2. أضرار ومضاعفات التبرع بالكلى على المتلقي:

تشمل هذه الأضرار جميع المخاطر الصحية التي يمكن أن تترافق مع عملية زرع الكلى، والتي تكون مرتبطةً بشكلٍ مباشر بالجراحة نفسها، بالإضافة إلى رفض الجسم العضوَ المتبرَّع به، والآثار الجانبية المرافقة لتناول الأدوية اللازمة لمنع جسم المتلقي من رفض الكلية المتبرع بها، ومن أهم أضرار عملية التبرع بالكلى على المتلقي نذكر أيضاً:

2. 1. الأضرار والمضاعفات المرافقة للعملية:

تتمثل هذه الأضرار بالنزيف، والجلطات الدموية، والعدوى، وانسداد أنبوب الحالب الذي يصل الكلية بالمثانة، والسكتة الدماغية، والنوبات القلبية، ورفض الجسم الكلية المتبرَّع بها.

2. 2. الآثار الجانبية لتناول أدوية منع رفض الجسم للكلية:

في بعض الحالات يمكن أن يتناول المريض أدوية منع رفض الجسم للكلية طوالَ الحياة، وينتج عن هذه الأدوية أعراضٌ جانبية مختلفة هي:

  1. ارتفاع نسبة الكوليسترول.
  2. ارتفاع ضغط الدم.
  3. حب الشباب.
  4. زيادة الوزن.
  5. داء السكري.
  6. العدوى.
  7. تساقط الشعر أو نمو الشعر الزائد.
  8. هشاشة العظام.

ما هي النصائح التي يجب اتباعها من قبل المتلقي للحفاظ على الكلية الجديدة؟

1. ممارسة الرياضة بانتظام:

للرياضة دور كبير جداً في مساعدة المتلقي على الحفاظ على ثبات وزنه وتجنُّب السمنة، كما تساهم الرياضة في تعزيز صحة القلب والرئتين، وتساعد على تحسين المزاج.

2. الالتزام بالحمية الغذائية:

يجب على كل من أجرى عملية زراعة الكلية اتباع نظام غذائي يعتمد على تناول كميات قليلة من السكر، ومراقبة مستوى السكر في الدم في حال الإصابة بمرض السكري، وتناول كميات قليلة أيضاً من الدهون والملح في حال الإصابة بارتفاع ضغط الدم.

3. الانتباه إلى الحالة المزاجية والصحة النفسية:

يجب الانتباه إلى التغيرات النفسية التي يمكن أن يمر بها متلقي الكلية الجديدة، الذي يمكن أن يعاني من الاكتئاب أو القلق بسبب تناوله للأدوية المثبطة للمناعة، أو الشعور بالذنب نتيجة التغيرات النفسية التي يمكن أن يلاحظها على الأشخاص المحيطين به، أو الشعور بالقلق تجاه النمط الحياتي الجديد.

شاهد بالفديو: 6 إرشادات هامة لتحسين الحالة المزاجية

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/fPX8kizrHLQ?rel=0&hd=0″]

4. الالتزام بتناول الأدوية المثبطة للمناعة:

يمكن لجسم متلقي الكلية الجديدة أن يرفض العضو الجديد نتيجة رد الفعل المناعي؛ لذا يتوجب عليه تناول الأدوية المثبطة للمناعة بالرغم من تأثيراتها الجانبية التي ذكرناها لكم مسبقاً، لتجنب أي خطر يمكن وقوعه.

حكم التبرع بالكلى:

إنَّ الشريعة الإسلامية تجيز التبرع بالأعضاء والأنسجة، وتعدُّه نوعاً من العمل الخيري والصدقة؛ إذ تضمَّن قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ذو الرقم “99” الصادر في 6/11/1402 هجري بالإجماع “جواز نقل عضو أو جزئه من إنسان حي مسلم أو ذمي إلى نفسه إذا دعت الحاجة إليه، وأمِنَ الخطر في نزعه، وغلب على الظن نجاح زرعه”، كما قرر المجلس بالأكثرية ما يلي:

  1. جواز تبرع الإنسان الحي بنقل عضو منه أو جزئه إلى مسلمٍ مضطر إلى ذلك.
  2. جواز نقل عضو أو جزئه من إنسانٍ ميت إلى مسلم إذا اضطر إلى ذلك، وأُمنت الفتنة في نزعه ممن أُخِذ منه، وغلب على الظن نجاح زرعه فيمن سيزرع فيه.

وبذلك أعزاءنا القراء نكون قدمنا لكم أهم النقاط الأساسية والإجراءات الواجب اتخاذها والشروط اللازمة لعملية زرع الكلى.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!