الزوجان المشاحنات اليومية

 

ومن الاسباب الهامة للمشاحنات الزوجية الابتعاد عن الفهم الواقعي والعملي للحياة الزوجية ونقص المعلومات والثقافة عن العلاقات الزوجية والانسانية. وفي هذا الصدد يقول الاخصائي النفسي الدكتور فاضل النشيط ان المشاحنات التي قد تصادف الزوجين في حياتهما اليومية تعبر عن شحنة زائدة ناتجة عن احباطات ومشكلات طارئة تفرغ ضد الطرف الاخر وقد تكون لسبب تافه لا علاقة للطرف الاخر به. ويشير الدكتور النشيط الي ان تلك المشاحنات لا تعبر بالضرورة عن وجود خطر ما يهدد العلاقة الزوجية ويمكن ان يمحوها الزمن بالصبر والحكمة الا انه لا ينكر انها قد تعتبر مرحلة مبكرة من مراحل العنف الاسري. ويوضح ان العنف الناتج عن تلك المشاحنات لا يكون ايذاء جسديا بالضرورة بل قد يكون برفع الصوت او صفق الباب او التلفظ بكلام لا يجوز التفوه به او حتي الانسحاب الغاضب من المكان.
ويؤكد انه لا يوجد بيت يضم طرفين غريبين عن بعضهما لا يحوي شيئاً من الاختلاف ولا يوجد توافق بنسبة مائة بالمائة وذلك يعبر عن اختلاف التوجهات والمستويات المادية والثقافية والاجتماعية ويؤكد انه لا بد من وجود عدم التوافق في بعض الامور نظرا لانه لا يوجد زوجان توأم في الطباع والاخلاق والآراء.
ويضيف الدكتور النشيط ان السؤال ?هل يؤدي ذلك الي حدوث مشاحنات ام لا يعتمد علي المستوي الاجتماعي والتعليمي والمادي والمشاكل المادية الحالية وكيفية النظر لمختلف الامور والاحداث الطارئة في مسار الحياة الزوجية.
ويمضي الدكتور فاضل النشيط قائلا بان القاعدة في الزواج ليست حدوث المشاحنات والمشكلات لكن القاعدة هي وجود اختلاف فكري لا يؤثر علي العلاقة الزوجية حيث تبقي مع وجوده سوية وطبيعية. ويري ان تدخل الاقارب او اطراف اخري عند حدوث سوء تفاهم بين الزوجين قد يكون ايجابيا عندما يكون المتدخل محترفا ويضيف ان التدخل قد يؤدي الي نتيجة عكسية وقد لا يتمتع بالسرية مما يجعله غير محبذ في حل ما يطرأ من خلافات بين الزوجين.
ووفقا لتجاربه مع الحالات التي ترد اليه يري الدكتور النشيط ان كثيرا من الحالات تأتي متأخرة بعد تأصل الخلاف كما ان الطرفين لا يفضلان عادة التكلم عن جذور المشكلة واصلها بل يتطرقان الي ملابساتها السطحية فقد يكون الزوج عصبيا مثلا وتلك هي المشكلة الاساسية الا انهما يحومان حول النتائج المترتبة علي هذه العصبية مما يجعلهما في حلقة مفرغة لا يمكن من خلالها حل المشكلة جذريا.
ويبين الدكتور النشيط ان اتخاذ اسلوب الصمت ازاء اي خلاف قد يعني ان الطرف مغلوب علي امره او انه شاعر باليأس من ايجاد حل للمشكلة او انه يسعي بنوع من الحكمة الي تهدئة الموضوع لكن ذلك قد يوحي للطرف الاخر بالتجاهل مما يفاقم حجم المشكلة. ويضيف ان مجتمعنا كأي مجتمع عربي يعاني من قلة وعي وكثير من حالات عدم التوافق في اختيار شريك الحياة كما توجد العديد من المشكلات مثل كثرة الاولاد وضيق المكان والمستوي الثقافي المتدني.
ان القاعدة في حل المشكلات الزوجية كما يشير الدكتور النشيط انه عندما يكون احد الاطراف او الطرفين ثائرا او مشحونا فلا يمكن بأي حال النقاش وايجاد حل فلا بد ان تهدأ الامور ثم يناقش مصدر الخلاف كما يحبذ عقد جلسات حوارية والاستعداد للاخذ والعطاء واشراك اطراف عائلية كالاطفال لان اي مشكلة تؤثر علي المحيط الاسري بأكمله.ولا يمكن عند البحث عن حلول لتخفيف حدة المشاحنات الزوجية اغفال خطورة اختلاق الاعذار والتهرب من المسئولية عن طريق تبرير التقصير والاخطاء لمجرد الخلاص من تحمل نتيجة الخطأ.
وفي هذا الصدد تقول دراسة حديثة ان الاساليب الدفاعية النفسية عند الرجل او المرأة او كليهما تعتبر عاملا مساعدا مثاليا لترسيخ وتجذير سوء الفهم ويتلخص ذلك في اعتياد احد الطرفين بشكل لا شعوري علي التخفف من القلق الناتج عن ارتكاب خطأ بان ينسبه لجهات خارجية وهذا يسمي في علم النفس عملية ?الاسقاطŒ.
ومن جانبها تقول الباحثة الاجتماعية عائشة النعيمي ان حدوث الخلافات في الحياة الزوجية يعتبر امرا صحيا كونها تشعرنا بقيمة الاستقرار كما انه ليس بالضرورة ان يصبح احد الزوجين نسخة من الآخر لان في ذلك مسخا لشخصيته.
وتري ان الاختلاف في شخصيتي الزوجين مصدر غني للحياة الزوجية شريطة ان يحترم كل منهما الآخر واختلافاته. وتشير النعيمي الي ان كلا الزوجين وليد بيئة اجتماعية مختلفة وله افكاره وقيمه واهتماماته واسلوب حياته وبالتالي فان وجود جوانب مشتركة بينهما لا يلغي الاختلافات الموجودة في جوانب اخري والتي تبرز خلال الحياة المشتركة والاحتكاك اليومي في كل التفاصيل.
ويتطلب تجاوز سوء الفهم بين الزوجين اعتماد الاسلوب الذي يؤدي الي حله وليس تصعيده واولي الخطوات هي ضبط النفس والتفكير في اسباب المشكلة وفي كل كلمة قبل التفوه بها ومن ثم مناقشة الطرف الاخر والاستماع لرأيه بهدف فهم وجهة نظره وليس الرد عليه وحسب ومن ثم يأتي دور تقييم الموضوع المختلف عليه بموضوعية وهذا يتطلب قدرا من المرونة والتسامح في العلاقة للوصول لقناعة مشتركة وليس فرض رأي والاصرار عليه.
وتضيف النعيمي انه في حال عدم التوصل لقناعة مشتركة فلا بأس من تأجيل الموضوع لفترة وقد يجدي الصمت في حال كون احد الطرفين في مزاج عصبي او عندما لا يمتلك رؤية واضحة للموضوع المختلف عليه.
وتؤيد الباحثة الاجتماعية بوزارة الصحة بشري مطر وجهة النظر القائلة بضرورة التأسيس الصحيح للزواج قبل خوض تجربته وذلك باتخاذ جميع الاجراءات الوقائية في المرحلة السابقة للارتباط حيث يتوجب علي كلا الطرفين التعرف بدقة علي شخصية الآخر. كما تشدد علي اهمية الاختيار العقلاني والا يقتصر التفكير في شريك الحياة علي الناحية العاطفية مشيرة الي انه لا وجود لانسان خال من العيوب او ملاك لا يخطئ وان هذا الاعتقاد يجعل من الصعب التعايش مع الطرف الآخر علي انه شخص له من العيوب مثلما له من الميزات.
وترجع مطر فشل الكثير من الزيجات القائمة علي الحب لهذا السبب مضيفة ان الحب والتقارب عامل ايجابي في الزواج لكنه يكون سلبيا اذا وضع المحبوب في هالة من المثالية.وتلخص حلول الخلافات الزوجية في ان العلاقة بين زوجين هي علاقة تكيف مع الطرف الآخر ومع حياة جديدة مختلفة بما فيها من مسئوليات وايضا بما فيها من ظروف متغيرة تتطلب من الفرد القيام باستجابات تكيفية.وتقسم مطر انواع الاستجابات حيال الظروف الطارئة الي الهجوم والمواربة وتفادي المواجهة المباشرة والهرب والاستسلام وتختلف نوعية الاستجابة تبعا لشخصية الفرد والموقف الذي يواجهه.
ومن واقع تعاملها مع العديد من الخلافات الزوجية تقول انه في معظم الحالات يري كل طرف الاخر من منظاره الخاص كما ان الرجل غالبا ما يتوقع من زوجته ان تتقبل تصرفاته بنفس طريقته وليس كامرأة وبالتالي يشكو من ان زوجته تأخذ الامور بحساسية زائدة.وتري مطر ان الحوار الصريح البسيط في تعابيره المسالم الذي يعبر عن احساس الشخص دون انتقاد او هجوم والقائم علي الحب هو الاسلوب الامثل لتجنب المشكلات بالاحتواء وتجاوز الخلافات والمشاحنات البسيطة.
ومن الملاحظات الواقعية في مجتمعاتنا ان هناك افراطا في تطبيق مفاهيم العين والحسد والسحر وتأثيراتها في الحياة الزوجية كما ان هناك ركونا الي الصمت والتجاهل في مواجهة المشكلات الزوجية مما يؤدي الي تفاقم تلك المشكلات وتطورها وعدم السير في طريق الحل الصحيح بينما يؤكد المختصون اهمية خلق حوار بين الزوجين ووضع اسس صحيحة لعلاج اي سوء فهم قد يطرأ وعدم الانتظار حتي تتراكم المشكلات وبالتالي المشاعر السلبية بينهما.
 

المصدر: بوابة المرأة

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!