الصيف .. موسم هروب الازواج

 

ومن خلال هذا الاستطلاع سنحاول تلمس القضية ووضع ايدينا على الحقيقة من خلال نساء عايشن هذه الوضعية واكتوين بنارها فكانت افادتهن على النحو التالي بقدر عقد البعض لآمال عريضة على عطلتهم السنوية، التي ينتظرونها طوال اشهر السنة، للتنفيس والترويح عن انفسهم من تعب سنة كاملة، بقدر اتساع خيبة املهم وهم يتحسرون على ضياع عطلة لم يقضوها كما تشتهي الانفس، لان الرياح لم تجر بما تشتهي سفن اجازتهم.
لا اعرف طعم الاجازة
بتنهيدة طويلة، تتحسر فاطمة على مواسم العطلة الصيفية التي تعتبر انها قد ضاعت منها قبل وبعد ان ولجت قفص الزوجية، وتوضح فاطمة بانها منذ ان وعت على هذه الدنيا والعطلة مرتبطة في ذهنها بايام معدودة تقضيها بين بيتها وبيت جدتها. ورغم المحاولات التي بذلتها للخروج على هذا التقليد العائلي لدى بلوغها سن المراهقة الا انها وجهت بمعارضة شديدة من لدن والدها الذي كان لا يخفي رفضه المبدئي لقضاء اي من بناته الثلاث للاجازة السنوية بعيدا عنه.
وتؤكد فاطمة انها لم تخف يوما امتعاضها من اصرار والدها على احترام هذا التقليد الاسري الخانق، لكنها كانت مجبرة على الانصياع لرأي الاغلبية، وكلها امل في ان تتمكن ذات يوم من التخلص من هذا القيد الاسري، لتحلق مثلما يحلو لها بعيدا عن البيت ومطاردة الاهل.
وكانت تمني النفس بتحقيق رغبتها الدفينة هذه، واكتشاف عوالم جديدة عندما تكبر وتتزوج.
مرت السنوات بفاطمة سريعا، فاكملت دراستها وعملت في وظيفة بسيطة، الى ان التقت بمن سيصبح شريك حياتها، واعتقدت انها ستتحرر اخيرا من هذه العقوبة الصيفية، لكن مع الاسف الشديد قضت اول اجازة بعد زواجها تطبب حماتها المريضة والاجازة التي تلتها تركها زوجها بصحبة امه وسافر مع اصدقائه بدعوى انها كانت حاملا، والعطلة التي بعدها قضتها مع طفلتها الصغيرة في بيت والديها بينما هو قد سافر مع صديقه الذي تبرع بشراء تذكرة ذهاب واياب مع لوازم الاقامة. وهكذا كانت خيبة فاطمة كبيرة وهي تحاول ان تستمر بحياتها وان كان الشعور بالتحسر لا يفارقها وحاولت طمأنة نفسها بان الحياة لا تزال امامها وانه سيأتي الوقت الذي ستقضي فيه العطلة التي تتمناها.
التغير المفاجئ
»أنا محسودة من أهلي« بهذه الكلمات تعكس »أم محمد« مشاعرها تجاه زوجها تقول: »تزوجت منذ أربع سنوات وكانت حياتنا مدعاة للتفاؤل والامل.. فقد كان زوجي مثالا في الالتزام وتضيف: »ما ان يحل موسم العطل بقدوم فصل الصيف حتى ابدأ انا وزوجي بوضع برنامج صيفي سياحي حيث الاستجمام والمتعة والترفيه والتسوق وقد كانت عطلنا دائما تسير على احسن ما يرام ولا يشوب افقها اي سحابة كدر، لكن وبعد مرور عامين كاملين بدأت الامور تأخذ منحى آخر بحيث اصبح يقضي اجازته السنوية مع اصدقائه دون تقديم اي تفسيرات مقنعة لنا، ومع الحاحي الشديد اخبرني انه يريد ان يستمتع باجازته بعيدا عن الاسرة وهمها، واستنشاق هواء العزوبية ولو مرة واحدة في السنة. وهكذا انشغل بنفسه واصدقائه واصبحت انا والاولاد في ذيل اولوياته.
ومع ذلك تقول ام محمد انها مازالت تتشبث ببعض الامل فلربما يستدرك زوجها خطأه ويعرف ان لذة الاجازة لا تكمل الا بحضور العائلة.
هروب الازواج من البيت
بدلا من ان تكون العطلة فضاء للاستجمام وقضاء اوقات طيبة وممتعة، فانها تتحول في بعض البيوت الى مصدر للخلافات العائلية المستمرة، خاصة وان الجميع يتطلع الى الاستمتاع اقصى ما يكون الاستمتاع بتلك الايام المعدودة من السنة وان تم ذلك على حساب اشخاص آخرين. في العطل الصيفية، تكثر شكاوى الزوجات من تهرب الازواج من تحمل مسئولياتهم تجاه اسرهم، وكأن العطلة امتياز رجالي، حيث تعود بعض الازواج على قضاء معظم اوقاتهم في المقاهي الى جانب اصدقائهم، يتسامرون ويلعبون الورق ويدخنون الشيشة ولا يعودون الا في ساعة متأخرة من الليل، بعد ان يكون الاولاد قد ناموا، ليمضوا بقية السهرة امام شاشة التلفزة، متناسين ان لاطفالهم الحق عليهم.
وتحتج احدى الزوجات بان زوجها اصبح خبيرا في الهروب من البيت خلال العطلة الصيفية، حيث لا يهتم بامر اخراج اطفاله في نزهات او مرافقتهم الى نادي الالعاب، ويترك مسئولية القيام بذلك ملقاة عى عاتقها لوحدها، متعللا بانها – اي الزوجة – ادرى بما يرغب فيه الاطفال، وانها اكثر قدرة على تلبية متطلباتهم التي لا تنتهي.
ولا تخفي تذمرها من ان استسلامها لهذا الوضع الذي تسميه شاذا، جعل الجميع يستمرئ اللعبة، فالزوج تخلص نهائيا من هذا الحمل الثقيل، بينما تعود الاطفال على مطالبتها هي فقط بتلبية رغباتهم خلال العطلة وتكون عرضة لاحتجاجهم عند ادنى تقصير من جهتها، ويكون مفروضا عليها ارضاء الجميع، على حساب راحتها النفسية والجسدية، اذ تؤكد انه من الصعب والمرهق جدا الحصول على رضا ثلاثة ابناء في سن المراهقة، لكل واحد منهم احتياجاته ورغباته الخاصة به.
ياحسرة على الاجازة في اوروبا
وفي موقف آخر تقول ام عبدالله »لقد ضاعت اجازتي يوم ولوجي عش الزوجية او بالاحرى سجن الزوجية، لقد كنت فيما مضى اقضي اجازتي السنوية مع اهلي في فرنسا واسبانيا ولندن، نتمتع بالطقس اللطيف ونجدد حيويتنا المفقودة في حياتنا المعاشة. لكن وبعد زواجي اصبحت العطلة بالنسبة الي هم ثقيل لا استطيع حمله في غياب رجل ليس له عمل سوى السهر مع اصدقائه في الفنادق والمنتجعات والقيام ببعض الرحلات المكوكية الى بعض الدول الاوروبية بينما انا اقضي اجازتي مع اولادي في صيف لاهب مشبع بالانقطاعات الكهربائية وفوران الاعصاب وعندما اطلب منه ان يسمح لنا بالذهاب معه في عطلة صغيرة الى اي مكان يراه مناسبا، يجيبني بان امكانياته محدودة رغم ان راتبه كبير جدا وانه من الضروري اللجوء الى والدي لاقتراض المال، وهذا ما لم ولن افعله ابدا«.
مجرد خادمة
الوجه الثاني للعطلة، يتمثل في معاناة اسر مع العطلة الصيفية، اذ يعتبرها العديدون جحيما فعليا، فهم لا يتمتعون باية عطلة كما هو متعارف عليها، بقدر ما يكونون وسيلة لقضاء اشخاص اخرين لعطلة ممتعة على حسابهم الخاص.
من ذلك الاستياء الذي لا تخفى ملامحه على مريم، والتي لا تتردد في ابداء استيائها بمجرد التطرق الى طريقة قضائها لاجازتها السنوية.
فمريم متضايقة جدا من ان بيتها الجميل يتحول في فصل الصيف الى مرتع للضيوف، حيث تستضيف مجبرة اصحاب زوجها القادمين من السعودية وقطر ويتعين عليها الترحيب بهؤلاء الزوار طيلة ايام العطلة مع ما يتطلبه ذلك من القيام بواجب الضيافة من اكرام الضيوف والسهر على راحتهم.
وعبثا حاولت مريم التعبير عن غضبها لوجود هؤلاء الغرباء تحت سقف بيتها الا ان زوجها يقنعها بان الاهتمام باصدقائه يدخل ضمن الواجبات والاصول التي لا ينبغي التمرد عليها.
وهكذا تمضي مريم اجازتها في المطبخ تحضر وجبات الطعام لضيوف زوجها وقلما تخرج للترويح عن نفسها اما السفر الى مكان آخر فيعد من رابع المستحيلات.
واخيرا، فان هروب الازواج والتملص من مسئولياتهم تجاه الاسرة في الاجازة الصيفية او حضورهم الغائب من شأنه ان ينسف بالعلاقة الاسرية ويعرضها للتفكك والانهيار مما يتمخض عنه نتائج اجتماعية خطيرة، لتصبح فاتورة باهظة التكاليف لن يدفعها الزوج لوحده بالطبع بل يتحملها المجتمع بالكامل!!.
 المصدر: بوابة المرأة
Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!