المرح في العمل، أهميته، فوائده، طرق الاستمتاع به

"لا أريد أن أذهب إلى عملي، لا أرغب في التعامل مع زملائي الموظفين ذوي الوجوه المُتجهّمة، لا أرغب بجوِّ الجديّة والروتين القاسي، أريد قليلاً من المرح والمتعة، فلماذا لا يجتمع المتعة والعمل سويّاً؟". هذا الحديث الداخلي اليومي لكلِّ موظفٍ مع نفسه قبل ذهابه إلى عمله. فما أهمية المرح في العمل وماهي فوائده وما هي الطرق لجعل عملنا أكثر متعةً ومرحاً؟ هذا ما سنتعرّف عليه بين أسطر هذا المقال.

نحن بحاجة إلى السعادة:

دعونا نتّفق بدايةً على أنّ للسّعادة الكثير من الفوائد الصحيّة، فهي تحمي القلب وتُعزّز النظام المناعي وتجعل الشخص أكثر مقاومةً للتّوتر وللأمراض وكما أنّها تطيل العمر.

بالمقابل، تُسبّب التّعاسة وغياب الشّغف والمتعة أمراضاً في الجهاز المناعي وبالإضافة إلى الآثار النّفسية السلبية كالاكتئاب والقلق.

ولأّنّنا نقضي ساعات طويلة من أوقات يومنا في عملنا، فلزاماً علينا أن نكون سعيدين ومستمتعين أثنائه، لأنّنا إن لم نكن كذلك فستتأثّر صحتنا النفسية والجسدية سلباً وسيطال التأثير كلّ مفصلٍ من مفاصل حياتنا.

هل يجتمع المرح مع العمل؟ وما أهمية هذا المزيج؟

المرح في العمل

من أصعب المهام المُلقاة على الإنسان، إيجاد التوازن بين ضغوطات العمل والحياة خارج العمل، ولكي يُحقِّق هذه المهمة عليه أن يكون في بيئة عملٍ مريحةٍ وممتعة، لأنّ بيئة العمل الضاغطة والمُرهقة ستسبّب خللاً في توازن حياة الإنسان.

فمن أهمّ الدروس التي تتبنّاها الشركات الكبرى، أنّ الموظفين المُستمتعون في العمل هم موظفون لديهم ولاءٌ للشركة وبالتالي يكونون قادرين على إعطاء إنجازات مُبدعة ومُبتكرة، أي أنّ مفتاح نجاح الشركات الكبرى هو قدرتها على تأمين مناخ عملٍ مريحٍ وممتعٍ للموظفين.

1. السعادة مُعدية:

تُعدّ السعادة ظاهرةً مُعدِية، وفي حال غُذِّيت بشكلٍ صحيح فستنتشر في جميع أنحاء الشركة، وعادةً ما يكون الموظفين المَرحين نموذجاً متميّزاً بين زملائهم ودافعاً لهم على تبنّني منهج المرح في حياتهم.

2. الموظفون المَرِحون موظفون ناجحون:

في الحقيقة إنّ الموظفين المرحين أكثر إنتاجيةً وأكثر نجاحاً وأكثر ثقةً بالنّفس من زملائهم، فعندما يشعر الشخص بالشغف والمتعة في عمله ستتولّد لديه طاقةٌ مُضاعفة من أجل القيام بمهامه؛ الأمر الذي سيُطوّر من مهاراته وتقدّمه الوظيفي.

3. يتمتّع الموظفون المرحون بسلوكٍ إيجابي ولا يخافون من ارتكاب الأخطاء:

يميل الموظفون غير المرحين إلى تبنّي سلوكٍ سلبيّ يؤثّر في أعمالهم ويُضعِف من إنتاجيتهم على عكس الموظفين المرحين الذين يعتمدون سلوكاً إيجابياً يدفع بهم إلى النجاح، بالإضافة إلى كونهم أشخاصاً يتعلّمون من أخطائهم بدلاً من الخوف منها، لأنّهم يعدّون الأخطاء أداةً تعليميّةً قويّةً جداً تؤدي إلى نجاحٍ غير متوقع.

4. يُضفي المرح جواً من روح العمل الجماعي:

يساهم المرح في العمل على تحسين العلاقات بين الموظفين فيشكّلون مع مديرهم كياناً واحداً، مما يقوّي ولاءهم للشركة وإنتاجيتهم، وبالتالي المساهمة في تحقيق نجاحٍ باهر للشركة.

5. الموظفون المَرحون مبدعون:

الابتكار عصب أيّ عملٍ ناجحٍ في الحياة، ويميل الموظفون المَرِحون لأن يكونوا أشخاصاً مبدعين مُلهِمين شغوفين ومغامرين عقلانيين.

فوائد المرح في العمل:

1. تصبح أكثر سعادةً:

عندما تكون مرتاحاً ومستمتعاً في عملك، فستميل لأن تكون أكثر سعادةً وإنتاجيّة. في حين يسبّب العمل الروتينيّ التقليديّ المُرهق الممل، الاكتئاب والقلق والأمراض العضوية.

2. تصبح صحتك العقليّة أفضل:

إنّ ممارستك لعملٍ تحبه ويجلبُ لك المتعة، ينعكس إيجاباً على صحتك العقلية ويَقيكَ من مشكلات الذاكرة والخرف التي تحدث مع تقدّم العمر.

3. تتطور وتنمو أكثر:

يُعزّز عملك الممتع قدراتك على التعلّم، كاشفاً عن أجمل ما لديك من مواهب وطاقات مانحاً إيّاك حياةً غنيًّةً متوازنة، دافعاً إيّاك إلى النمو في كلّ يومٍ أكثر وأكثر.

4. تزيد إنتاجيتك:

تمتّعك بعملك يزيد من دافعك وبالتالي تزداد إنتاجيتك، ويُشعِرك بأنّك مُنتمي وملتزم بهذا العمل إلى أقصى حدٍّ.

5. تعيش أكثر:

لكَ حرية التصديق، لكن أثبتت الدراسات أنّ ممارستك لعملٍ تحبّه ويجلبُ لكَ المتعة يجعلك تعيش لفترة أطول.

6. تشتعل طاقتك:

يعدّ عملك المَرِح مولّداً للطاقة، حيث تشعر أنّ طاقتك وأفكارك المتجددة لا تنضب وأنّه مع كلّ يومٍ يزداد شغفك والتزامك له. أمّا في العمل الممل ستشعر أنّ طاقتك تُستَنزف وأنّ أفكارك وإبداعك لا يُستخدمان.

7. تتلألأ ثقتك بنفسك:

عندما تقوم بفعل شيءٍ يُشبِهك يُترجم ميولك وشغفك وقدراتك، ستزداد حينها ثقتك بنفسك كثيراً. فقيامك في عملٍ تحبّه أشبه بوقوفك ثابتاً على قدميك الاثنتين بينما قيامك في عملٍ لا تحبّه أشبه بوقوفك على قدمٍ واحدة، فقد تنجح، لكن لن تكون مرتاحاً مطلقاً ولن تشعر في يومٍ من الأيام بالسلام والرّضا.

8. يُعزِّز لديك الثبات والقدرة على مقاومة المشكلات:

عندما تحبّ عملك وتستمع به فإنّ طاقة مقاومتك للصعوبات تكون أكبر بكثير بالمقارنة مع إن كنت في عملٍ لا تحبّه. فالشغف يولّد الإصرار.

9. يُضيء جميع جوانب حياتك:

عندما تعمل في عملٍ روتينيّ مملٍّ قاتل لشغفك سينعكس ذلك على حياتك الشخصية، فتصبح كئيباً وفاقداً للطاقة في عملك وفي منزلك، وقد تُصاب بأمراض عضوية خطيرة، إنّ المال وفرص التقدّم المهني هامّين، لكن لا تنسى ذاتك وشغفك واسأل نفسك باستمرار: “ما الذي يضيئني؟”، “ما الأمر الذي سيُحفِّزني لتقديم أفضل ما عندي؟”.

اليوم العالمي للمرح في العمل:

المرح في العمل

للتأكيد على أهمية الاستمتاع خلال ساعات العمل ودور ذلك في زيادة الإنتاجية والشعور بالرضا الوظيفي يحتفل العالم سنوياً باليوم العالمي للمرح في العمل يوم 1 نيسان / أبريل من كل عام.

طرائق للاستمتاع في عملك:

1. غيّر عقليّتك:

  • قد يكون سبب عدم استمتاعك بعملك هو حديثك الداخلي مع ذاتك: فما تحمله من أفكارٍ سلبية يؤثر على عملك، لذلك كُن حريصاً على مراقبة أفكارك بخصوص العمل واستبدال الأفكار السلبية بأخرى إيجابية. على سبيل المثال: توقّف عن الشكوى السلبية من وظيفتك مثل: “هذه الوظيفة فظيعة ولن أحصل على وظيفةٍ أفضل أبداً”. بدلاً من ذلك، حاول التركيز على الجوانب الإيجابيّة فيها. فكّر بدلاً من ذلك في شيءٍ من هذا القبيل: “هذه الوظيفة تُرهِقني حقاً لكنّي أتطوّر فيها يومياً وسيكون هذا الأمر مفيداً لي بحيث يدعم خبرتي المهنية”.
  • ابتعد عن الأشخاص السلبيين المُتذمرين وأحط نفسك بأولئك الإيجابيين: على سبيل المثال: لا تنخرط في أحاديث النّميمة، لأنّها ستجعل الوضع سيئاً. بحيث لا تؤدي إلى مشاعر سلبيّة مؤذية فقط بل قد تُسبّب في مشكلة مع رئيسك في العمل.
  • اخلق صورةً ذهنيةً إيجابية: فعندما تشعر بالتوتر في العمل بإمكانك أخذ إجازة ذهنية كأن تتخيّل نفسك مُسترخي ومستمتع في مكانٍ سياحي لطيف، سيساعد هذا السيناريو على خفض حدة توترك.
  • أعطِ قيمة لعملك: فتكمن المتعة في العمل من إحساسك بقيمته. ويكفي أن تتأكّد أنّه مهما بدا عملك بسيطاً إلّا أنّه يخلق فائدةً للناس ويُسراً في حياتهم.

2. أحدِث تغييرات في عملك:

  • إن كنت تشعر بالملل من مهامك المتكررة يوماً بعد يوم فاطلب من رئيسك في العمل أن يوكل إليك مهاماً جديدة تُحرِّض مواهبك وطاقاتك. أو بإمكانك التطوع من أجل خدمة قسم ما في شركتك.
  • نظّم مهامك المختلفة في قائمة تبعاً لأهميتها حتى تُقلِّل من شعورك في الارتباك والتوتر والضياع.
  • عند قيامك في عملٍ ما، أعطِه انتباهك وتركيزك الكامل ودع مخاوفك وتوترك جانباً، فسيبقيك هذا الأمر مُنشغلِاً، ممّا يتيح لك الاستمتاع في عملك بشكل أفضل. إذا كان لديك الكثير من الوقت الضائع، فقد تجد نفسك قلقاً ومتوتراً. لذلك قُم بإحضار أشياء مثل الكتب والألغاز المتقاطعة إلى المكتب تُبقِيك مُنشغِلاً خلال فترة التوقف.
  • اتخذ إجراءات لتغيير وظيفتك للأفضل. إذا كان هنالك تفاصيل لا تحبّها في وظيفتك فاسعى إلى تغييرها. كُن مبادراً ومبدعاً في ابتكار طرق لتحسين بيئة العمل أو جودة الخدمة.
  • خُذ فترات راحة خلال اليوم. قُم بتمديد ساقيك أو المشي أو تناول وجبة خفيفة أو القيام في شيء آخر للاسترخاء.

شاهد بالفيديو: 6 وسائل تحدّ من التوتر في مكان العمل

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”640″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/gJ_eZwWrGKU?rel=0&hd=0″]

3. تطوير التوازن بين العمل والحياة:

  • انسى العمل بعد المغادرة من المكتب. إذا وجدت نفسك تفكّر في وظيفتك بعد ترك العمل، فحاول تجنب ذلك وقُل لنفسك: “لقد فعلت كلّ ما أستطيع اليوم، والآن يمكنني الاسترخاء”. عندما تكون في منزلك ركز على أشياء مثل هواياتك وأصدقائك وأفراد أسرتك والحيوانات الأليفة وغيرها.
  • تطوّع في المجال الذي تحبّه. لا يمكن للجميع تحقيق أحلامهم. فإذا لم تكن في المجال الذي تحبه بالضبط، تابع مشاعرك خارج العمل. كأن تتطوع في منظمةٍ بحيث تتمكّن من تقديم المساعدة والقيمة في هذا المجال.
  • تحوّل إلى العمل عن بعد. في بعض الأحيان، مجرّد الخروج من المكتب يمكن أن يُساعد في جعلك أكثر إيجابية وإنتاجية في وظيفتك. فيمكن أن يساعدك العمل عن بُعد في تطوير توازن أفضل بين العمل والحياة. تعرّف عمّا إذا كان مكتبك لديه سياسات متعلقة في العمل عن بُعد.

الخلاصة:

المتعة والمرح في العمل مطلبُ جميع العاملين، فإن استطعنا التوازن بين حب العمل واحترامه والالتزام به وبين إشاعة الجو اللطيف والدعابة والبسمة في بيئة العمل، سنصل عندها إلى النجاح الذاتي والمهني.

إنّ الحياة نعمة وتستحق منّا التقدير، فلماذا لا نحياها ونحن نعمل فيما نحبّ؟. “البسمة صدقة”، فكم أحوجنا إلى ملء حياتنا بالبسمة، لماذا لا تصبح أسلوباً للحياة بين الناس، وعادةً يومية صحية تُضاف إلى عاداتنا؟ تُحدِث البسمة الصادقة والنية الصافية والدعابة الخفيفة، الفرق الكبير!

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!