انظر لنفسك قبل أن تنتقد زميلًا في العمل

سواء كان ذلك الشخص موظفاً أم رئيسك أم زميلاً لك في العمل أم البائع؛ تمهَّل قليلاً في المرة المقبلة قبل أن تصدر حكماً بحق شخص ما؛ إذ إنَّ الانتقادات التي نوجهها للآخرين تعبِّر عمَّا يجول في نفوسنا أكثر منها عمَّا يجول في نفوس أولئك الناس. يمكنك استعمال قدرتك في الذكاء العاطفي لجلب ما هو مخفي في وعيك؛ فعندما تفهم نفسك ودوافعك الحقيقية، يمكنك التعامل بصدق واحترام مع الآخرين. وهو ما تستطيع أن تفعله باتباع الخطوات الآتية:

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن كوتش الذكاء العاطفي “سوزان كلارين” (Suzan Klarain)، والذي تُخبرنا فيه عن تجربتها في تنفيذ بعض الخطوات التي تساعد على عدم التسرُّع في انتقاد الآخرين.

تُعَدُّ أكثر علاقاتك إثارة للقلق بعضاً من تجليات قلقك اللاواعي والشكوك الذاتية، والنقص الذي تراه في موظفك؛ هو انعكاس لما يقلقك بأن يراه الآخرون نقصاً فيك أنت. والشيء الذي تجده مزعجاً في زميلك في العمل؛ هو الشيء الذي تريد تغييره في شخصيتك وسلوكك؛ لذا في المرة القادمة التي تحكم فيها على شخص ما لأنَّه لا يلبِّي توقعاتك؛ تمهَّل قليلاً وفكِّر: كيف يكون هذا الأمر بالنسبة إليك؟

على سبيل المثال، إذا شعرت بالإحباط بسبب موظف لا يستجيب بالسرعة الكافية، فمن المحتمل أنَّك قلق من أن يظن الآخرون أنَّك أنت مَن لا يستجيب. لقد دربت ذات مرة مديرة وصفت نائب رئيسها بأنَّه مديرٌ كثيرةٌ مطالبه، ويمارس أسلوب الإدارة التفصيلية. لقد كانت تشعر بالإحباط في كثير من الأحيان، وذلك بسبب ما فسرته على أنَّه انتقادٌ لا داعي له لكل التفاصيل؛ فأصبحت متوترة مع تزايد استيائها من ملاحظات رئيسها.

أدركت في أثناء المناقشة التي أجريناها لاكتشاف الذات أنَّها دائماً ما كانت تنتقد نفسها بشدة، وعندما قدم لها رئيسها ملاحظاته عن عملها، أثار ذلك صوت الانتقاد في داخلها. وقد أثبت ذلك شكوكها الذاتية عن قدراتها لا شعورياً، وازدادت ردود فعلها الدفاعية. ودون أن تدرك ذلك إدراكاً واعياً، كانت تستجيب كما لو كانت تحت التهديد، وأنَّها تهاجم العدو المتصور بأفكار مهينة. ومن خلال هذه الرؤية، كانت قادرة على النظر بموضوعية أكبر في كيفية تفسيرها للموقف.

لقد أدركت أنَّ تفسيرها لملاحظات رئيسها يتعلق بها أكثر من رئيسها. وبفضل الوعي الذاتي الجديد، تمكَّنت من تقدير نوايا مديرها وإجراء محادثة صادقة ومحترمة عن جوانب أسلوب مديرها التي وجدت أنَّها غير مستفزة؛ لذا فقد أصبحت العلاقة أكثر صحة.

يحدث هذا دائماً لأنَّ عواطفك تفحص البيئة باستمرار بحثاً عن علامات الخطر على ذاتك وشعورك بقيمتك الذاتية. وعندما تتعرض إلى التهديد العاطفي، تكوِّن تلقائياً رأياً فورياً عن شخص ما أو موقف ما. واعتقادك أنَّ تفسيرك للأشخاص والأحداث هو التفسير الحقيقي، هو شكل من أشكال الحماية الذاتية؛ وكل هذا يحدث تلقائياً ودون وعيك (أدعو هذا الأمر “الوعي التلقائي”).

شاهد بالفديو: كيف تواجه الانتقادات السلبية؟

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/zyABF_qxHn4?rel=0&hd=0″]

هذا الوعي التلقائي مصدره الأساسي الوظائف الفطرية للدماغ. وهذا ينطبق على المديرين الأكثر نجاحاً والأعلى أداءً؛ إذ إنَّ دافعهم وتصميمهم على النجاح يمنعهم من الانتباه إلى أنَّه يُسقِطون شكوكهم الذاتية على الآخرين تلقائياً وبغير وعي؛ كأنَّهم يقولون: “لست أنا بل أنت”.

يمكنك استعمال قدرتك في الذكاء العاطفي لجلب ما هو مخفي في وعيك؛ فعندما تفهم نفسك ودوافعك الحقيقية، يمكنك التعامل بصدق واحترام مع الآخرين. وهو ما تستطيع أن تفعله باتباع الخطوات الآتية:

1. الوعي الذاتي:

يعد تحسين وعيك الذاتي الخطوة الأولى في تثبيط وعيك التلقائي؛ فالعقول مليئة بالفوضى والأحكام والعادات العقلية التلقائية والمخاوف. وإنَّ إخراج هذه الأفكار من رأسك وتدوينها على الورق يوفر مساحة وموضوعية يمكنك من خلالها فحص آرائك وتصوراتك.

اسأل نفسك، “ما مقدار صحة ما كتبته للتو؟ كيف سيرى شخص آخر هذا؟”. يمكن ممارسة كتابة اليوميات بسهولةٍ من خلال تدوين المشاعر التي تظهر خلال اليوم في دفتر ملاحظاتك أو تقويمك أو في أوراق الملاحظات اللاصقة، أو يمكن أن تكون إحدى الطقوس التي تخصص لها وقتاً في بداية أو نهاية اليوم. والأهم هو الكتابة باستعمال الورقة والقلم، وليس باستعمال الهاتف أو الحاسوب؛ إذ ينشط الفعل الحركي المتمثل بالكتابة مناطق الدماغ التي لا تفعلها الكتابة الإلكترونية.

2. تقييم الوعي التلقائي:

بصفتي مدربةً للذكاء العاطفي و”الطاقة الداخلية” (Core Energy)، أوجِّه العملاء من خلال تقييم فريد يساعدهم على النظر “إلى الداخل”، وإيجاد جذور تحديات العلاقات، ووضع حد للمعتقدات التي يُصدرونها بحق أنفسهم والآخرين.

يأخذ هذا التقييم شيئاً مجرداً، مثل آرائك ومعتقداتك عن نفسك والآخرين والعالم من حولك؛ وتحويله إلى شيء ملموس، أي مقياس يمكنك رؤيته وتقييمه؛ وبذلك يكتشف العملاء رؤىً تساعدهم على خلق خيار في طريقة تفكيرهم وشعورهم والتفاعل مع الآخرين.

3. التوقف:

ثمَّة مسافة بين الفعل ورد الفعل؛ فماذا يحدث في تلك المسافة؟ يمكنك أن تكون فضولياً وتسأل نفسك بعض الأسئلة: لماذا يزعجني هذا الشخص؟ وماذا يقول هذا عني وعن الطريقة التي أمارس بها القيادة؟ ومن أين يأتي هذا الحكم؟

4. التنفس:

خذ نفساً عميقاً وقدِّم استجابة أفضل؛ فالمشاعر عادات عقلية، وهذه العادات إما أن تساعدنا أو تؤذينا عندما يتعلق الأمر بقيادة أنفسنا والآخرين. ولتهدئة نفسك – حتى في اجتماع يسوده التوتر – شُدَّ كتفيك لتحرير التوتر والجلوس جلسة مريحة على مقعدك. وأرخِ ذراعيك وخذ نفساً عميقاً مع العد إلى 4 ثم أخرج الهواء مع العد إلى 4. سيمنحك مجرد التنفس مع العد إلى 4 التوقف المؤقت الذي تحتاج إليه ولن يلاحظ أحد أنَّك تقوم بذلك.

5. التنزه:

عندما تشعر بالإحباط، يتملكك التوتر، وهذا يؤدي إلى إفراز هرمون الكورتيزول في جسمك ويؤدي إلى تشوش عقلك؛ فتفقد الصبر والتركيز. في هذه الحالة، يساعد النهوض والتحرك على تبديد الكورتيزول في الجسم؛ إذ يؤدي المشي القوي إلى إرسال الأوكسجين إلى عقلك، وهذا يؤدي إلى تصفية تفكيرك. كما تساعد المشاهد والأصوات والروائح الخارجية على تغيير منظورك؛ فالمشي هو بعض من التأمل في أثناء الحركة.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!