تركيا واليونان ستستأنفان مفاوضات الحدود البحرية لأول مرة منذ سنوات.. من الذي تراجع؟

إسطنبول- "القدس العربي": وافقت تركيا واليونان على استئناف "المفاوضات الاستكشافية" حول الخلافات العميقة بين البلدين في بحر ايجه وشرق المتوسط لأول مرة منذ توقفها

Share your love

تركيا واليونان ستستأنفان مفاوضات الحدود البحرية لأول مرة منذ سنوات.. من الذي تراجع؟

[wpcc-script type=”08499f65ec11450f740c998a-text/javascript”]

إسطنبول- “القدس العربي”: وافقت تركيا واليونان على استئناف “المفاوضات الاستكشافية” حول الخلافات العميقة بين البلدين في بحر ايجه وشرق المتوسط لأول مرة منذ توقفها قبل أكثر من 4 سنوات وذلك بعدما وصل التصعيد العسكري بين البلدين في الأسابيع الأخيرة إلى ذروته، ما ولد خشية دولية من حصول صدام عسكري خطير وهو ما دفع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو للتدخل بقوة عبر حراك دبلوماسي واسع أجبر الطرفين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مجدداً.

وطوال الأسابيع الماضية، حشدت تركيا واليونان سفنهما الحربية في شرق البحر المتوسط، وأطلق الجانبان تهديدات متبادلة وصلت حد التلويح باستخدام القوة العسكرية، إلى جانب فرنسا التي أرسلت طائرات وسفنا حربية ولوحت بالقوة ضد تركيا، قبل أن تعود كافة الأطراف للغة الدبلوماسية مجدداً في مشهد دفع الكثيرين للتساؤل عن الطرف الذي قدم تنازلات وما إن كان أحد الأطراف قد رضخ بالفعل للتهديدات.

التراجع “التكتيكي” لتركيا واليونان جاء بدرجة أساسية بفعل ضغوط من قيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأكبر دوله الولايات المتحدة الأمريكية على نحو خاص، حيث وجد الحلف نفسه أمام استحقاق تاريخي بضرورة تفادي أزمة يمكن أن تتحول إلى مواجهة عسكرية كارثية بين عضوين من الحلف وهو ما قد يؤدي إلى دخول أطراف دولية أخرى وصولاً ربما لتفكك الحلف وبالتالي منح هدية مجانية لروسيا التي تترصد بالحلف ودوله عن قرب.

وفي هذا الإطار، ضغطت قيادة الحلف بقوة على الجانبين التركي واليوناني وبعيداً عن تسجيل نقاط أو الدخول في أحاديث عن تراجع طرف على حساب آخر، ارتكز التحرك على قيام الجانبين بخطوات متبادلة وسريعة لتخفيف التوتر ومنع أي احتمال لحصول مواجهة عسكرية بين الجانبين.

وعلى مدار الأيام الماضية، عقد ممثلون عن تركيا واليونان داخل المقر الرئيسي للحلف في بروكسل ستة اجتماعات متتالية اعتبرت بمثابة “اجتماعات تقنية” من قبل خبراء عسكريين وتهدف بدرجة أساسية إلى وضع آليات لفض الاشتباك وضمان عدم حصول أي احتكاك ربما يتطور على مواجهة عسكرية وهو ما نتج عنه تخفيف التحركات العسكرية وتقليل انتشار الطائرات والسفن الحربية في المناطق المتنازع عليها.

والأربعاء، قال أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ إنه تم إحراز “تقدم جيد” في المفاوضات العسكرية اليونانية التركية الرامية إلى تجنب اشتباكات في شرق البحر المتوسط، وقال إن المسؤولين العسكريين من الجانبين عقدوا ستة اجتماعات في مقر حلف شمال الأطلسي في محاولة للاتفاق على “آلية لفض النزاع” بهدف منع الاشتباكات الجوية أو البحرية العرضية، مؤكداً أن “هذه الاجتماعات مستمرة وقد تم إحراز تقدم جيد.. هذه محادثات عسكرية تقنية. إنها تكمل الجهود الدبلوماسية التي تقودها ألمانيا لحل النزاع الأساسي”.

وإلى جانب المباحثات العسكرية التي كانت تهدف فقط لعدم حصول اشتباك بين الجانبين، كانت ألمانيا تعمل على محاولة التأسيس لمفاوضات تتناول أصل النزاع وإعادة طرفي النزاع إلى المباحثات التقنية والسياسية التي تهدف إلى بحث الخلاف على الحدود البحرية والمناطق الاقتصادية الخالصة والجرف القاري، في محاولة لإنهاء جذور الخلاف.

وفي هذا الإطار أيضاً، لم يظهر أي جانب أنه رضخ أمام تهديدات الجانب الآخر، حيث يعتقد أن أطراف التصعيد الثلاثة الرئيسية (تركيا واليونان وفرنسا) وصلوا إلى قناعة جماعية أن الأزمة لا يمكن حلها عسكرياً وأن التهديدات لن تثني أي طرف للتراجع بشكل كامل وأن مواصلة المناورة والتحشيد العسكري يمكن أن يؤدي إلى أي احتكاك أو حادث عرضي غير مقصود وبالتالي توسعه ليتحول إلى مواجهة عسكرية واسعة لا يرغب بها على الإطلاق أي من أطراف الصراع الذين حاولوا استخدام المناورات العسكرية والتحشيد والتهديد لتحقيق مكاسب وليس لغاية الدخول في مواجهة عسكرية.

وفي مقابل خشية تركيا وعدم رغبتها في تلقي عقوبات أوروبية “مؤثرة” في القمة التي كانت مقررة الخميس وأجلت لبداية الشهر المقبل، بسبب الآثار الكارثية الصعبة لأي عقوبات على الاقتصاد والعملة التركية المتراجعة بحدة في الآونة الأخيرة، فإن العديد من الدول الأوروبية أيضاً كانت تخشى رد فعل تركيا التي لن يكون أمامها سوى التصعيد العسكري وإشهار كافة أوراقها المتعلقة بالتفاهمات الأمنية والعسكرية وملف اللاجئين وغيرها في وجه أوروبا في حال فرضت عقوبات عليها.

وفي ظل هذه القناعات الجماعية، لجأت كافة الأطراف إلى البحث عن مخارج للأزمة وعقب اتصالات واسعة على مستويات مختلفة، عقدت قمة افتراضية بين أردوغان وميركل ورئيس المجلس الأوروبي، قبيل إجراء اتصال هاتفي بين أردوغان وماكرون اللذان تباحثا في كيفية خفض التصعيد بعد أن وصل الخلاف بينهما إلى مستوى غير مسبوق تخلله التهديد والوعيد وفتح ملفات تاريخية وصولاً للإساءات الشخصية.

ورغم الإعلان عن تأجيل القمة الأوروبية بسبب اكتشاف إصابة بفيروس كورونا في محيط رئيس المجلس الأوروبي، إلا أن السبب الحقيقي لقرار التأجيل على ما يبدو إعطاء مساحة أوسع للدبلوماسية والتشاور بين كافة الأطراف وللفشل في التوافق على قرار ينص على فرض عقوبات على تركيا، وهو ما قد يعطي فرصة لكافة الأطراف للتوافق على عدم فرض عقوبات وإعطاء مساحة أوسع للدبلوماسية.

وفي أهم تطور، اتفقت تركيا واليونان على استئناف المحادثات حول المطالب البحرية لأول مرة منذ توقفها عام 2016، وأكدت وزارة الخارجية اليونانية أن المحادثات التي انهارت في عام 2016 بعد 60 جولة ولم تحرز أي تقدم يذكر على مدى 14 عاما ستُستأنف في “المستقبل القريب” في إسطنبول، كما أكدت أن المباحثات يمكن أن تبدأ بحلول نهاية الشهر الجاري.

والأربعاء، تواصلت الاتصالات الدبلوماسية، فإلى جانب اتصال هاتفي مقرر بين أردوغان وأمين عام الناتو، عقدت قمة افتراضية عبر الفيديوكونفرانس بين أردوغان ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي قالت عقب اللقاء إنه كان “مفيداً للغاية”، وشددت على أهمية تعزيز العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي في مؤشر إضافي على أن الأمور تتجه إلى مزيد من الدبلوماسية خلال الفترة المقبلة.

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!