وقال بوتين إن أهمية العلاقات الروسية الصينية تتزايد كعامل استقرار في العالم، مضيفا: “سنواصل التعاون مع الصين في المجال العسكري والتنسيق في الساحات الدولية”، وشدد على أن روسيا ستواصل الدفاع عن مواقفها ومصالحها.

وأوضح الرئيس الروسي “في سياق التوترات الجيوسياسية المتزايدة، تتزايد أهمية الشراكة الاستراتيجية الروسية الصينية كعامل استقرار. علاقاتنا صامدة بشكل جيد أمام جميع الاختبارات، وتظهر النضج والاستقرار، وتتطور بشكل دينامي. كما أشرنا سابقا، فإن هذه العلاقات هي الأفضل في التاريخ، وتمثل نموذجا لتعاون القوى العظمى في القرن الحادي والعشرين”.

من ناحيته، قال الرئيس الصيني”شراكتنا مع روسيا تتطور بشكل واسع وتظهر متانة العلاقة بين البلدين”، مؤكدا أن الصين مستعدة لرفع مستوى التفاعل السياسي مع روسيا، وأن تكون شريكة دولية في ظل الوضع العالمي الصعب.

في غضون ذلك، عبرت الخارجية الأميركية، الجمعة، عن قلق الولايات المتحدة حيال ما اعتبرته مساندة من الصين لروسيا مع استمرار الحرب في أوكرانيا، على خلفية الاتصال بين بوتين وجين بينغ.

وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية “تدعي بكين الحياد، لكن سلوكها يوضح أنها ما زالت تستثمر في علاقات قوية مع روسيا”، مضيفا أن واشنطن “تراقب أنشطة بكين عن قرب”.

موجبات التقارب الاستراتيجي

مراقبون وخبراء أشاروا إلى أن ما شهده العام الجاري من احتدام الصراع الروسي الأميركي والغربي على وقع أزمة أوكرانيا، وتصاعد التوتر الصيني الأميركي على خلفية مسألة تايوان، وخاصة إثر زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، إلى تايبيه، أسهم في تعزيز التقارب الاستراتيجي بين بكين وموسكو والذي يبدو أنه سيتكرس خلال العام المقبل.

وتزداد خطوات التقارب بين موسكو وبكين لمواجهة النفوذ الأميركي والأطلسي في مناطق عديدة تنظران إليها بمثابة مجالات حيوية تقليدية، كما هو الحال في البلطيق وشرق أوروبا وشرق آسيا وجنوبها، وسط احتدام التجاذبات في بعض تلك المناطق، بينهما وبين الولايات المتحدة وحلفائها كاليابان.

ويرى متابعون أن توقيت هذه المحادثة بين الزعيمين الروسي والصيني، يراد منه غالبا التأكيد على أن الجانبين سيعملان على توطيد شراكتهما في وجه التحديات الماثلة أمامهما، وفي سياق سعيهما كما يقولان لبناء عالم متعدد القطبية.

محللون آخرون يرون أن واشنطن ستعمل في المقابل على تعزيز تحالفاتها الإقليمية في شرق أوروبا وفي جنوب وشرق آسيا، وعلى رفع وتيرة التنسيق الأمني والعسكري بشكل خاص مع كييف وطوكيو وسول وكانبيرا.

نحو توازن دولي

الخبير والباحث الروسي في العلاقات الدولية تيمور دويدار، قال في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الكرملين يعوّل على الشراكة مع الصين لخلق إدارة جديدة للعالم وتدشين نظام دولي تفاعلي جديد، ليس بمعنى معاداة ومواجهة العالم الغربي، ولكن من باب إحداث توازن وتكافؤ يكفل التأسيس لنظام عالمي عادل ومتعدد الأقطاب.

وتوقع دويدار توسيع منظمات وتجمعات قارية ودولية تضم البلدين مثل شنغهاي وبريكس، وهو ما قد يخلق مناخا لإعادة هيكلة مؤسسات الشرعية الدولية، وتعزيز التنافسية بين التكتلات العالمية ودرء خطر الأحادية القطبية والاستئثار بالقرار الدولي من قبل طرف واحد.

تقارب سيتحول لتحالف

الخبير العسكري والاستراتيجي، مهند العزاوي، أوضح في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”، أنه رغم عدم تبلور تحالف استراتيجي أورو – آسيوي بشكل رسمي قطباه الصين وروسيا، إلا أن الحرب الأوكرانية أفرزت واقعا يدفع نحو تعزيز مثل هذا التحالف، وهو الآن في طور التقارب الاستراتيجي المتعاظم.

وأضاف العزاوي أنه على الصعيد الاقتصادي “يرتبط البلدان بطرق تجارة وتبادل برية آخذة في التطور والتوسع، فضلا عن الجسر الذي تم تدشينه بينهما، وفي هذا السياق، يسعيان للاستغناء عن الطرق البحرية، التي يتوقع خلال 5 إلى 10 سنوات أن تتحول لطرق وممرات غير آمنة ولميدان صراعات وحروب”.

وتابع أن التعاون بين بكين وموسكو متشعب ومتعدد الأوجه، اقتصاديا وعسكريا وثقافيا وأمنيا، وهو الآن على أعلى مستوى، خصوصا على صعيد التعاون والتبادل في مجالات الطاقة التقليدية والمتجددة والتكنولوجيات الحديثة، حتى أن الصين تكاد تصبح المشتري الأكبر للنفط والغاز الروسيين وبأسعار تفضيلية.

واستطرد أن البلدين عملاقان دوليان، وقربهما الجغرافي يفرض عليهما تكريس تعاونهما، خاصة لمواجهة النفوذ الأميركي في جنوب وشرق آسيا ومنطقة المحيطين الهندي والهادىء.

وأشار إلى أن هذا التعاون في طور التحول لعلاقة استراتيجية متينة، الأمر الذي يعززه ما يوصف بالتحرك الأميركي في ملف تايوان وتقديم المساعدات العسكرية لها.

وبيّن أن الصين وروسيا تملكان ترسانة نووية وعقيدة قتالية شرقية متشابهة، فضلا عن أسلحة نوعية ومتطورة، لدرجة أنهما تتفوقان حتى على الولايات المتحدة في مجال الأسلحة الفرط صوتية، وهذا ما يجعل من تحالفهما المرتقب قوة دولية ضاربة.