اللافت في المرسوم، بحسب الخبراء، أنه لم يقتصر على عدم الالتزام ببيع النفط بالسقوف السعرية بل تضمن حظرا تاما على الدول التي تتبنى السقف السعري، وخصوصا أن العديد من الدول التي تبنت هذا السقف حصلت في السابق على استثناءات لشراء النفط الروسي.

ووقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الثلاثاء مرسوما يحظر بموجبه توريد النفط والمنتجات النفطية للدول التي فرضت سقفا للأسعار، ردا على فرض الغرب حدا أقصى لسعر النفط الروسي، حيث جاء في المرسوم، الذي سيدخل حيز التنفيذ اعتبارا من بداية شهر فبراير المقبل، “سيحظر تسليم النفط ومنتجات نفطية روسية للشركات والأفراد، إذا ما اعتمدوا سقفا لسعره”، على أن يرفع الحظر في بعض الحالات الفردية بناء على “قرار خاص” من الرئيس الروسي.

وقال الدكتور ممدوح سلامة، خبير النفط العالمي المقيم في لندن لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: إن مرسوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم بيع النفط الروسي ومشتقاته للدول التي تطبق القرار الغربي بفرض سقف 60 دولارا كحد أقصى لبرميل النفط كان متوقعا قبل انتهاء هذا العام لأن ذلك هو ما أعلنه الرئيس بوتين، فالمرسوم الجديد يأتي بعد أسبوع من إعلان روسيا أنها قد تخفض حجم إنتاجها من النفط بمقدار 500 ألف إلى 700 ألف برميل يوميا”.

ودخل قرار فرض حد أقصى لسعر برميل النفط الخام الروسي المنقول بحرا، حيز التنفيذ في الخامس من ديسمبر الجاري، بعد أن اتفقت دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا على حد أقصى لسعر برميل خام الأورال عند 60 دولارا، بهدف “تقليل عائدات روسيا وإعاقة قدرتها على تمويل حربها في أوكرانيا مع الحفاظ على تدفق النفط الروسي إلى الأسواق العالمية” بحسب مجموعة السبع.

وأشار الدكتور سلامة إلى أن القرار الغربي بفرض سقف على سعر النفط الروسي فشل فشلا ذريعا لأن سوق النفط العالمي رفضه باعتباره غير واقعي وغير قابل للتنفيذ، بدليل أن سعر خام برنت قفز من 73 دولارا للبرميل الواحد في الخامس من ديسمبر الماضي يوم إعلان سقف السعر إلى ما يزيد على 85 دولارا يوم أمس أي زيادة 17 بالمئة.

وبحسب خبير النفط العالمي الدكتور سلامة، فإن “تداعيات مرسوم الرئيس بوتين قد تؤدي إلى نقص في إمدادات النفط وهذا سيؤدي بدوره إلى ارتقاع الأسعار، إذ أن روسيا لن تخسر شيئا لأن زبائنها هم الصين والهند وتركيا والدول الآسيوية وتجار النفط الآسيويين الذي رفضوا التقيد بسقف السعر بل استمروا في شراء النفط الروسي بكميات كبيرة، وعلى سبيل المثال الصين وحدها اشترت هذا العام بنحو 89 مليار دولار من النفط والغاز والفحم الروسي أي ما يساوي 89 بالمئة من كل ما اشتراه الاتحاد الأوروبي من الغاز والنفط الروسيين في 2021، وحتى لو باعت روسيا 6 ملايين برميل في اليوم بسعر 85 دولارا فإن ذلك يعطيها دخلا أكبر من بيع 7 ملايين برميل باليوم بسعر 73 دولارا”.

 بدوره، قال مستشار الطاقة الدولي عامر الشوبكي في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن المرسوم ليس مفاجئا، بل كان متوقعا، مشيرا إلى أن رد الفعل الروسي لم يقتصر على عدم الالتزام ببيع النفط بالسقوف السعرية بل تضمن حظرا تاما على الدول التي تتبنى السقوف السعرية.

ويوضح الشوبكي أن ما يعرف بـ “تحالف سقف السعر” الذي يضم دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وأستراليا وكذلك سويسرا التي انضمت إليه مؤخرا، لن يكون قادرا على شراء النفط الروسي وهذا يدعم أسواق النفط، التي تصارع الآن ما بين تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي ونقص المعروض من النفط الروسي.

 كما دخل على محركات أسواق النفط أيضا موضوع تخفيف القيود في الصين، حيث ستنفتح الأسواق بشكل كامل مع بداية شهر يناير المقبل، بحسب مستشار الطاقة الدولي الشوبكي، الذي أوضح أن القيود التي كانت مفروضة في الصين جراء الجائحة منذ نحو ثلاث سنوات أثرت على نمو الطلب على النفط وبالتالي فإنه بعد هذا الانفتاح وإزالة القيود ستدخل الصين كعامل آخر لتحديد أسعار النفط في الفترة المقبلة، ناهيك عن المشكلات التي ستعانيها بعض الدول التي حصلت على استثناءات من الاتحاد الأوروبي.

ويشرح الشوبكي أن هناك استثناءات بالنسبة للنفط الروسي المنقول عبر الأنابيب إلى بعض دول الاتحاد الأوروبي وهذه الدول ربما لن تكون قادرة على شراء النفط الروسي بموجب مرسوم الرئيس بوتين، فالاستثناء يشمل هنغاريا وسلوفاكيا والتشيك وبلغاريا التي تحصل على النفط عبر أنبوب دروجبا الجنوبي وهذه الدول ليس لها منافذ بحرية وبالتالي فهي مضطرة لشراء النفط الروسي، أما فيما يتعلق بأنبوب دروجبا الشمالي فهو يمد ألمانيا وبولندا، اللتان تتوقعا نقل النفط الكازاخستاني عبر ذات الأنبوب، لكن لا تزال الأمور غير واضحة فيما إذا كان المرسوم سيطبق على أنبوب دروجبا.

ونوه الشوبكي أن هناك استثناء أيضا يسمح لليابان بشراء النفط الروسي لغاية 15 سبتمبر المقبل، وغير واضح فيما إذا كانت روسيا ستطبق الحظر على اليابان.