خطأ الأشخاص الأذكياء: الشروع في اتخاذ الإجراءات مقابل اتخاذها فعلياً

هناك خطأٌ شائعٌ يقعُ فيهِ الأشخاص الأذكياء في كثيرٍ من الحالات دون أن يُدرِكوا ذلك، ويتعلَّقُ هذا بعدم التفريق بين التنفيذ واتخاذ الإجراءات، إذ قد يبدو كلاهما متشابهاً للوهلة الأولى؛ لكنَّهما ليسا كذلك إطلاقاً. إليك الفارق فيما بينهما. هذا المقال مأخوذ عن الكاتب جيمس كلير (Jams Clear)، مؤلف كتاب "العادات الذريَّة"(Atomic Habits)، والذي يحدثنا فيه عن التنفيذ الفعلي للإجراءات.

Share your love

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب جيمس كلير (Jams Clear)، مؤلف كتاب “العادات الذريَّة” (Atomic Habits)، والذي يحدثنا فيه عن التنفيذ الفعلي للإجراءات.

الشروع في اتخاذ الإجراءات مقابل اتخاذها فعلياً:

عندما تعطي اقتراحاً، فأنت تخطِّط وتتعلَّم وتضع الاستراتيجيات، وكلُّها أشياءٌ جيدة، لكنَّها لا تؤدِّي إلى نتيجة. من جهةٍ أخرى، العمل هو نوعٌ من الممارسات الذي يحقِّق نتيجة.

إليكَ بعض الأمثلة:

  • إذا حدَّدتُ 20 فكرةً للمقالات التي أريد كتابتها، فهذا إجراء؛ وإذا كتبتُ ونشرتُ مقالاً، فهذا تنفيذ.
  • إذا أرسلتُ بريداً إلكترونياً إلى 10 عملاء جدد وبدأت المحادثات معهم، فهذا إجراء؛ وإذا جعلتُهم يشترون شيئاً بالفعل وأصبحوا عملاء، فهذا تنفيذ.
  • إذا بحثتُ عن خطة نظامٍ غذائيٍّ أفضل وقرأتُ بعض الكتب حول هذا الموضوع، فهذا إجراء؛ وإذا تناولتُ بالفعل وجبةً صحية، فهذا تنفيذ.
  • إذا ذهبتُ إلى صالة الألعاب الرياضية، فهذا إجراء؛ أمَّا إذا بدأت تمرينات القرفصاء، فهذا تنفيذ.
  • إذا كنتُ أدرس لاختبارٍ ما أو أحضِّرُ لمشروعِ بحثي، فهذا إجراء؛ أمَّا إذا قمتُ بإجراء الاختبار أو كتبتُ بحثي، فهذا تنفيذ.

في بعض الأحيان، يكون اتخاذ الإجراءات أمراً ناجحاً، لكنَّها لن تؤدِّي إلى نتيجةٍ في حدّ ذاتها، فمثلاً: لا يهمّ عدد المرات التي تذهب فيها للتحدُّث مع المدرب الشخصي؛ لأنَّ هذا الإجراء لن يجعلك في حالةٍ جيدة، بل وحده تنفيذ التمرين سيعطيك النتيجة التي ترغب بها.

لماذا يجد الأشخاص الأذكياء أنفسهم يتّخذون الإجراءات؟

إذا لم يكن اتخاذ الإجراءات يفضي إلى نتائج، فلماذا نقوم به؟ في بعض الأحيان نقوم بذلك لأنَّنا نحتاج بالفعل إلى التخطيط أو تعلُّم المزيد، ولكن في أغلب الأحيان نقوم بذلك لأنَّ اتخاذ إجراءٍ يسمح لنا بالشعور بأنَّنا نحرز تقدُّماً دون التعرُّض إلى خطر الفشل.

معظمنا خبراء في تجنُّب التعرُّض إلى الانتقادات، إذ ليس من الجيد أن نفشل أو يُحكَم علينا؛ لذلك نميل إلى تجنُّب المواقف التي قد يحدث فيها ذلك، وهذا هو السبب الأكبر الذي يدفعنا إلى اتخاذ الإجراءات بدلاً من تنفيذها فعلياً.

أنت تريد تأخير الفشل:

أريد المحافظة على لياقتي، لكنِّي لا أريد أن أبدو غبياً في نادي الألعاب الرياضية؛ لذلك سأتحدَّث مع المدرب عن رسوم التسجيل في النادي فقط.

أريد الحصول على مزيدٍ من العملاء لنشاطي التجاريّ، ولكن إذا طلبت منهم الشراء مباشرةً، فمن الممكن أن يرفضوني، وبدلاً من ذلك سأُرسِلُ بريداً إلكترونياً إلى 10 عملاء فقط ثمّ سأفكر بما يجب عليّ فعله.

وأجل، أريد أن أُنقِص وزني، ولكنِّي لا أرغبُ أن أكون الشخص الغريب الذي يأكل الطعام الصحي على الغداء؛ لذلك ربَّما عليَّ التخطيط لبعض الوجبات الصحية عند عودتي إلى المنزل.

إنَّه لمن السهل الشروعُ في اتخاذ إجراءٍ واقناع نفسك أنَّك لا تزال تحرز تقدُّماً، فتحدِّث نفسك قائلاً: “لدي محادثاتٌ جاريةٌ مع أربعة عملاء محتملين الآن، وهذا جيد. إذاً، أنا أتحرَّك في الاتجاه الصحيح”، أو: “لقد قمت بعصفٍ ذهنيٍّ لبعض أفكار الكتاب الذي أريد كتابته”.

يجعلك الشروع باتخاذ إجراءٍ تشعر وكأنَّك تُنجز الأمور، لكن في الحقيقة أنتَ تحضِّر لإنجاز شيءٍ ما. عندما يصبح التحضير لإنجاز شيءٍ شكلاً من أشكال المماطلة، فأنت بحاجةٍ إلى تغيير تفكيرك؛ لأنَّك ببساطةٍ لا ترغب في أن يبقى الأمر مجرد تخطيط، بل تريد أن تبدأ التنفيذ.

أفكارٌ لاتخاذ إجراءاتٍ فعلية:

أنا متأكدٌ أنَّ هناك العديد من الاستراتيجيات لاتخاذ الإجراءات بالفعل، ولكن يمكنني أن أفكِّر في اثنين من الأساليب التي استفدتُ منها:

1. تحديد جدولٍ زمنيٍّ لتنفيذ الإجراءات:

في كلٍّ من يومي الإثنين والخميس أكتب مقالاً جديداً وأنشرهُ إلى العالم. إنَّه جدولي الزمني، فأنا أحبُّ الإثنين والخميس؛ لأنَّني أدركُ أنَّني سأنتج دائما شيئاً في تلك الأيام، وسأحصل على نتيجة، وهذا شعورٌ جيد.

بالنسبة إلى رياضة رفع الأثقال، أنا أتدَّربُ أيام الاثنين والأربعاء والجمعة. هذا هو الجدول الزمني لكلِّ أسبوع، فأنا لا أخطِّط للتمرينات الرياضية، ولا أبحث عن برامج التمرين، إنَّما أتمرن ببساطةٍ، فأنا أُنفِّذ، ولا أتخذ إجراءً فقط.

أعتقدُ أنَّ وضع جدولٍ زمنيٍّ لأعمالك والالتزام به أفضلُ طريقةٍ بالنسبة إلى الأهداف وتغييرات نمط الحياة.

2. تحديد تاريخٍ للتحوُّل من اتخاذ الإجراء إلى تنفيذه فعلياً:

لن ينجح تحديد جدولٍ زمنيٍّ يوميٍّ أو أسبوعيٍّ بالنسبة إلى بعض الأهداف، كما هو الحال عند القيام بشيءٍ ما لمرةٍ واحدةٍ فقط، مثل: إصدار كتابٍ جديد، أو إطلاق منتجٍ جديد، أو إجراء اختبارٍ هام، أو تقديم مشروعٍ ضخم.

تتطلَّب هذه الأشياء التخطيط مسبقاً (اتخاذ إجراءات)، كما أنَّها تتطلَّب الكثير من العمل لإنجازها. على سبيل المثال: يمكنك تحديد جدولٍ زمنيٍّ كلَّ أسبوعٍ لكتابة فصلٍ من كتابك، ولكن بالنسبة إلى إطلاق الكتاب، فيمكنك قضاء أسابيعٍ أو أشهرٍ في التخطيط لأماكن ومواقع مختلفةٍ وما إلى ذلك.

في مثل هذه الحالة، أجد أنَّه من الأفضل اختيار موعدٍ نهائيٍّ ووضعُ إشارة X لما يوافقه على التقويم، وإبقاؤه أمام ناظريك. أعتقدُ أنَّها أفضل طريقةٍ بالنسبة إلى المشاريع الكبيرة أو الأهداف التي تُنفَّذ لمرة واحدة، فقط أجبر نفسك على الخروج من اتخاذ الإجراءات إلى تنفيذ العمل ووضع موعدٍ نهائي.

اختر تنفيذ الإجراء:

لن يؤدِّي الشروع باتخاذ إجراءاتٍ إلى نتيجةٍ نهائية، وإنَّ التنفيذ والعمل هما اللذان يُفضيان إليها. عندما تكون في وضع اتخاذ إجراء، فأنت تخطط وتضع استراتيجيات وتتعلَّم، وهذه أشياءٌ جيدة، لكنَّها لن تفضي إلى نتيجة.

فهل أنت تقوم فعلياً بشيءٍ ما؟ أم أنَّك تخططُ فقط للقيام بذلك؟ وهل أنتَ ممَّن يخطِّطون لإجراء مشروعٍ ما؟ أم أنَّك تُنفذهَ فعلياً؟

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!