سبب نزول سورة المسد وفضلها والدروس المستفاده منها

تعرف معنا على سبب نزول سورة المسد فلكل سورة من سور القرآن الكريم سبب جاءت من أجله وقد بدأت آيات القرآن الكريم في النزول على هيئة وحي من الله للنبي صلى الله عليه وسلم، فبلغ عدد سور القرآن الكريم 114 سورة مقسمين إلى صور مكية وعددها 86 سورة ونزلت على الرسول ﷺ في مكة، وسور مدنية وعددها 28 سورة ونزل بها الوحي في المدينة المنورة عقب هجرة النبي، وسورة المسد من الصور المكية وتعرف أيضًا باسم تبت، ومن خلال سطورنا التالية على موسوعة سنوضح لكم كافة التفاصيل المتعلقة بهذه السورة.

سبب نزول سورة المسد

قبل البدء في شرح سبب نزول سورة المسد تجدر بنا الإشارة إلى بعض التفاصيل المتعلقة بها فهي أحد السور المكية، وتتكون من خمس آيات، وهي موجودة في الجزء الثلاثين تحديدًا في الربع الثامن من الحسب الستين من المصحف وترتيبها في السور، السورة رقم 111، وقد نزلت هذه السورة بعد سورة الفاتحة، وتتحدث بشكل عام عن هلاك أبو لهب الذي يعتبر من أعداء الله عز وجل ورسوله فقد كان شغله الشاغل أن يفسد دعوة الرسول ويبطلها فأخذ يصد الناس عن الإيمان والتوحيد بالله عز وجل، وقد جاءت السورة لتوضح سوء عاقبة أبو لهب وزوجته فقد وعده الله عز وجل بالنار الموقدة.

يرجع سبب نزول هذه السورة إلى إلى ما دار بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أبو لهب عمه فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال في سبب نزول سورة المسد : {صَعِدَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الصَّفَا ذَاتَ يَومٍ، فَقالَ: يا صَبَاحَاهْ، فَاجْتَمعتْ إلَيْهِ قُرَيْشٌ، قالوا: ما لَكَ؟ قالَ: أرَأَيْتُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ العَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أوْ يُمَسِّيكُمْ، أما كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي؟ قالوا: بَلَى، قالَ: فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ فَقالَ أبو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، ألِهذا جَمَعْتَنَا؟ فأنْزَلَ اللَّهُ: {تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ}.

وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما فيما يخص أسباب نزول سورة المسد أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قام في قريش منادياً: يا آل غالب يا آل لؤي يا آل كلاب يا آل قصي يا آل عبد مناف، قائلاً لهم: (إني لا أملك لكم من الله شيئا ولا من الدنيا نصيبا إلا أن تقولوا لا إله إلا الله)، فقال له أبو لهب: (تباً لك لهذا دعوتنا؟)، فنزل قول الله تعالى: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ).

سورة المسد مكتوبة

بسم الله الرحمن الرحيم

(تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ، مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ، سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ، وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَب، فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ).

• تنفرد هذه السورة بالحديث عن عدو من أعداء الله عز وجل ورسوله وهو أبو لهب عبد العزي بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن زوجته أم جميل أروى بنت حرب، حيث شاركت زوجها في محاربة الرسول، وقد توعد لهم الله عز وجل في هذه الآية بالعذاب الشديد.

معنى المسد

كلمة المسد تعني حبل من خوص أو نخيل أو ليف وهو سلسلة من النار، والمقصود بقوله تعالى: (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ)، في عنقها حبل من النار، وقد أراد الله عز وجل بهذه الآية أن يوضح سوء العاقبة الذي ستحظى به زوجة أبو لهب أثر اعتراض سبيل الدعوة الإسلامية وافتعال المؤامرات ضد النبي صلى الله عليه وسلم.

سبب تسمية سورة المسد بهذا الاسم

يرجع السبب في تمسية سورة المسد بهذا الاسم إلى ذكر اسم المسد فيها ومعناه الليف أو الشعر أو الوبر أو الصوف، وقد ذكر الله عز وجل المسد في الآية في قوله تعالى {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}، وتشير هذه الآية إلى المصير الذي ستواجهه زوجة أبو لهب وقد فسر علماء الدين المسد في هذه الآية على أنه سلسلة طولها سبعون ذراع، وقد جاءت هذه الآية لتوضيح المصير الذي سيلقاه أبو لهب وزوجته أثر معاداة النبي صلى الله عليه وسلم وليكونوا عبرة لمن يخلفهم في هذا الفعل.

في هذه الآية بيان لعدل الله عز وجل فالله سوف يعذبهم على فعلتهم دون النظر إلى نسبهم، فكما ذكرنا سابقًا أن أبو لهب هو عم النبي، وزوجته زوجة عن الرسول ﷺ ولكن الدين لا يعتد بمثل هذه الأمور في سبيل الأعمال والحساب، فكل نفس ستذوق في الآخر نتاج أفعالها في الحياة الدنيا، ونستشهد في هذا الأمر على قوله تعالى في سورة غافر: (الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ).

فوائد سورة المسد

تمتلك سورة المسد عدة فوائد للمسلمين حيث تضع قواعد فاصلة لبعض الأمور كبيان عقوبة معاداة الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، فنجدها توضح الأمور التالية:

• توضح السورة حكم الله عز وجل في هلاك أبو لهب وسوء العاقبة التيس سينالها أثر اعتراضه لطريق دعوة النبي صلى الله عليه وسلم.
• توضح الآيات أن الجزاء من جنس العمل وأن الحساب مقتصرًا على الأفعال التي يقوم بها الفرد وليس الحسب والنسب فليس هناك أفضل من حسب النبي وعلى الرغم من أن أبو لهب هو عم النبي إلا أنه سيتعرض للعقاب نتيجة ما فعل هو وزوجته.
• تظهر الآيات مدى حرمانية أذية الإسلام والمسلمين بوجه عام.

أهم الدروس المستفادة من سورة المسد

على الرغم من صغر حجم سورة المسد إلى أنها تحمل بين آياتها الكثير من العبر والعظات والدروس، ومن أهم هذه الدروس الآتي:

• يستنكر ديننا الإسلامي أفعال الظالمين وتعديهم على أمور الدين فالإسلام لا يعتبر دين سياسي أو تظاهري، ولأن الأمور والشؤون السياسية جزء من الدين الإسلامي حدد الدين العلاقة بين العبد وربه وشدد على عدم التعدي على الدين، وقد استنكر الله عز وجل في سورة المسد مقاطعة أبو لهب للنبي صلى الله عليه وسلم أثناء خطبته فقد حاول أ يصرف انتباه الناس عن النبي ﷺ مستغل في ذلك مكانته بين القوم.
• على الرغم من علم أبو لهب التام بأن رسول الله ﷺ صادق في دعوته فهو عم النبي إلا أنه كان يسعى جاهدًا لصرف الناس عن الدين ولمنع الرسول من نشر الدعوة، ولهذا الأمر خصه الله عز وجل باسمه ليكون عبرة للناس، لأن أسوأ أنواع التكذيب هو الذي يأتي من المقربين.
• توضح الآيات مصير الظالمين في الآخرة وهو العقاب الشديد من الله عز وجل وقد وردت العديد من الآيات الأخرى التي تشير إلى مصير الظالمين ومن ضمن هذه الآيات قوله تعالى: (فَلا تُعجِبكَ أَموالُهُم وَلا أَولادُهُم إِنَّما يُريدُ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُم بِها فِي الحَياةِ الدُّنيا وَتَزهَقَ أَنفُسُهُم وَهُم كافِرونَ).
• عند مناصرة الظالمين لبعضهم البعض ينتشر الظلم وتشيع الفتنه وهذا الأمر حدث بالفعل عندما ساندت أم جميل زوجها أبو لهب في تكذيب النبي ﷺ فقد عملت على نشر الفتنة بين القوم وجزائها عند الله أن تُسحب من عنقها إلى النار.
• تدل هذه الآيات على أن الظالم لا ينتصر أبدًا مهما سعى وأن عاقبة التكذيب والصد عن سبيل الله هي جهنم وبئس المصير.

كانت هذه كافة التفاصيل المتعلقة بموضوع سبب نزول سورة المسد التي نزلت لبيان عقوبة أبو لهب وزوجته أم جميل على صدهم ع سبيل الله عز وجل.