‘);
}

صيام العشر من ذي الحِجّة

خَصّ الله -تعالى- الصيام بالعديد من الخصائص، كما أنّ له من الفضائل ما يختلف عن سائر العبادات، ومن هذه الفضائل أنّ الله -تعالى- قد نسب الجزاء عليه إلى نفسه، ولم يحصره في أجرٍ مُحدَّد؛ لعِظَم أجره؛ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعمِئَة ضِعْفٍ، قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وَأَنَا أَجْزِي به)،[١] بالإضافة إلى أنّ العبد الصائم يفرح في الدُّنيا عند إفطاره كما يفرح في الآخرة عند ربّه؛ لِما يُلاقيه من عظيم أجر الصيام، إلى جانب أنّ رائحة فم الصائم تكون أطيب من رائحة المِسك يوم القيامة، وقد أعدّ الله -تعالى- باباً خاصّاً في الجنّة للصائمين؛ وهو باب الريّان، وتجدر الإشارة إلى أنّ صيام يومٍ واحدٍ يُبعد الصائم عن النار سبعين سنة؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن صَامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللهِ، بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا)،[٢] وشفيعٌ له يوم القيامة؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامَةِ ، يقولُ الصيامُ : أي ربِّ إِنَّي منعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفِّعْنِي فيه ، يقولُ القرآنُ ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعني فيه ، فيَشْفَعانِ)،[٣][٤] ومن ذلك صيام العشر من ذي الحجّة، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأيّام التسع الأولى من شهر ذي الحجّة يُطلَق عليها اسم الأيّام العَشر؛ وذلك من باب التغليب،[٥] وفي ما يأتي توضيح ذلك:

حُكم صيام العشر من ذي الحجّة

يجوز صيام الأيّام التسع من شهر ذي الحِجّة؛ لِما ورد عن بعض أزواج النبيّ عن فِعله -عليه الصلاة والسلام-، إذ قُلن: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يصومُ تسعَ ذي الحجَّةِ)،[٦][٧] وقد اتّفق الفُقهاء الأربعة، وغيرهم، كابن حزم، والقُرطبيّ والنوويّ على استحباب صيام الأيّام الأولى من شهر ذي الحجّة؛ لأنّها من الأيّام الفاضلة؛ واستدلّوا بمجموعة من الأدلّة، كقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (ما من عملٍ أزكى عند اللهِ ولا أعظمَ أجرًا من خيرٍ يعملُه في عَشرِ الأَضحى . قيل : ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ ؟ قال : ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ ، إلا رجلٌ خرج بنفسِه وماله فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ)؛[٨] والحديث عام يشمل أعمال الخير والصلاح جميعها، ومن بينها الصيام، وفِعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الذي جاء عن بعض زوجاته دليلٌ على استحباب صيامها، وهو حديثٌ صريحٌ في ذلك.[٩]