فوائد القصص التربوية الهادفة للأطفال

إنَّ عملية تربية الأطفال هي من أسمى الأعمال التي نقوم بها نحن الآباء، فبالتربية نغرس فيهم جميع مفاهيم الحياة السامية من: الصدق، والمحبَّة، والتسامح، والإيثار، وحُبّ التعاون والمُساعدة؛ ولكلٍ منَّا طريقته في التربية، وفي كثيرٍ من الأحيان تتقاطع طُرقنا التربوية، فنتبع أسلوب التربية نفسه.

سنتحدث في هذا الموضوع عن طريقةٍ في التربية اتخذها آباؤنا وأجدادنا مُنذ قديم الزمان، ونتبعها اليوم مع فلذات أكبادنا؛ ألا وهي التربية بقراءة القصص، ولهذه الطريقة فوائدُ كثيرةٌ جداً سنعرِّفكم عليها في هذا المقال.

فوائد قراءة القصص للأطفال:

1. تُعدّ القراءة من أفضل طرائق اكتساب الأطفال مُفردات جديدة:

عند قراءة القصة لأطفالنا سَتتردد كلماتٌ جديدةٌ على مسامعهم لا يعرفون ما معناها؛ لذا يجب أن نُشجِّعهم للسؤال عنها ونشرحها لهم، وبذلك يمكن أن يكتسب أطفالنا كلَّ يومٍ مُفرداتٍ جديدةً تنمِّي عقولهم وذاكرتهم، وتجعل قاموسهم اللغوي مليئاً بالكلمات.

2. قراءة القصص لأطفالنا تُحفِّزهم على الإبداع:

عندما نقرأ القصص لأطفالنا بأسلوبٍ مُشوِّقٍ فإنَّهُم سيتخيَّلون شخصيات هذه القصة وأحداثها في عقولهم، بالإضافة إلى أنَّه ومع تطور أحداث القصة، ستزداد أسئلة الأطفال، ومن المُمكن أن يُصاحِب ذلك انتقاداً لما يحدث من أحداثٍ في القصة؛ يُعزِّز كلُّ ذلك التفكير الإبداعي والناقد لدى أطفالنا.

3. تحسين مهارة الإصغاء والمحادثة:

من خلال قراءة القصص لأطفالنا يُمكننا أن نُعزِزَّ لديهم القُدرة على التحدُّث والإصغاء للآخرين؛ لأنَّ الأطفال يميلون إلى تقليدِ ومُحاكاة الكبار من حولهم، وبالتالي يلتقطون التصرُّفات والعادات، كما أنَّ القراءة بصوتٍ عالٍ تجعلهم يألفون اللغة، ويُصبح لديهم معرفةٌ بطريقة تشكيل العبارات والجمل ومعانيها. إنَّ كلَّ ما يتلقَّاهُ الطفل في سنوات عمره الأولى يُشكِّل خزينةً معرفيةً تُساعده في استخدامها عندما يكبر؛ وبذلك نكون قد ساعدنا أطفالنا لتتطوَّر عقولهم وطريقة تفكيرهم ويصبح بإمكانهم الإندماج مع الآخرين، ولتتحسَّن قُدرات التواصل لديهم.

4. تحسين وتقوية الروابط العاطفية بين الآباء والأبناء:

إنَّ الساعة التي نُمضيها في قراءة القصص لأطفالنا تُعدُّ من أفضل الساعات التي يقضونها أطفالنا في يومهم، فهي تقوِّي روابط الحبِّ والحنان فيما بيننا، كما أنَّها تُساعدنا نحن الأباء في اكتشاف مواهب أبنائنا وقُدراتهم وأنماط الشخصيات التي يميلون إليها في القصص، فنُميِّز بذلك شخصية كُلِّ طفلٍ من أطفالنا؛ كما أنَّ الانتقال بين أحداث القصة يُنمِّي لدى الأطفال الشعور بالعواطف القوية والمشاعر، وهذا ينعكس بشكلٍ إيجابيٍّ على نمو عواطفهم في المُستقبل.

كيف نختار القصص المُلائمة لأطفالنا؟

  1. يجب أن يكون اختيار القصص حسب المرحلة العُمرية لكلِّ طفل.
  2. كما أنَّ القصَّة يجب أن تكون شيقةً ومُمتعة، وأن تُثير فضولهم للعلم.
  3. أن تكون هادفةً، وتُسهم في بناء شخصياتهم بشكلٍ سليم، وتُساهم في تطويرها.
  4. كما أنَّ القصص يجب أن تحتوي على معلوماتٍ جديدةٍ لتجنُّب الملل.
  5. أن يُلامس مُحتواها تجارب الأطفال، ويعكِس تجاربهم اليومية.
  6. ألَّا يتنافى مُحتواها مع التعاليم الإسلامية.
  7. أن تكون خاليةً من أيِّ مظاهر للعنف أو الرعب.
  8. إذا كانت القصة مُختلفةً عن بيئة الطفل، فيجب أن تحتوي في سياقها دلالاتٍ معرفيةً حول المكان مثل: السُكان، والعادات، والثقافات، والتقاليد، والزمان الذي تدور فيه أحداث القصة.
  9. أن يقدِّم مُحتوى القصص التي نقرؤها لأطفالنا إجاباتٍ مبدئيةً عن تساؤلاتهم، مثلاً: تفسيرٌ للظواهر الطبيعية، أو بعض الخبرات؛ شريطة أن يكون الجواب منطقياً، وطريقة عرضِهُ مُبسطةً وقريبةً لفهم الأطفال.
  10. أن تكون نهاية القصة سعيدة.

القصة الأولى، قصة حازم والحلوى:

قصص اطفال

والدة حازم ماهرةٌ جداً في صنع الحلوى، وإنَّ حازم يُحبُّ الحلوى التي تصنعها له والدته بيديها الدافئتين، وبين فترةٍ وأخرى كان يطلب من أمِّه أن تصنع له نوعاً جديداً من الحلوى اللذيذة.

ذات يومٍ شعر حازم بأنَّهُ يريد أن يتذوَّق حلوى منزليةً من صُنع والدته، فطلب منها أن تُجهِّز له بعض الحلوى الشهيَّة؛ وحينها لم يكن يوجد بيضٌ في المنزل، طلبت منه والدته أن يذهب إلى المتجر ليشتري بعض البيض حتَّى تستطيع أن تُعِدَّ له الحلوى. في الطريق قابل حازم صديقه وجاره حمزة، فسأله حمزة عن المكان الذي يُريد أن يذهب إليه، وأخبره حازم بأنَّه ذاهبٌ إلى المتجر ليشتري بعض البيض من أجل إعداد الحلوى، فقال له حمزة أنَّهما يقصدان الطريق نفسه، فهو أيضاً ذاهبٌ لشراء بعض الحاجيَّات لمنزلهِ من المتجر نفسه، وذهبا معاً حتَّى وصلا إلى المتجر واشترى كلٌ منهما ما يريد، ثمَّ دفع كلٌّ منهما ثمن مُشترياته، وعادا معاً إلى منزلهما. لكن، في طريق العودة كان هناك حُفرةٌ صغيرةٌ في الطريق، ولم يكن حازم مُنتبهاً لتلك الحُفرة، فتعثَّرت قدماه ووقع فيها، وللأسف تكسَّر البيض كلُّه؛ وعندها بدأ حازم بالبُكاء بشدةٍ وحَزِنَ كثيراً، بينما كان حمزة يُحاول أن يجعله يهدأ ويكُفَّ عن البُكاء، ولكنَّه لم ينجح في ذلك. استمرَّ حازم بالبكاء؛ لأنَّهُ لم ينتبه إلى الطريق، فكان السبب بكسر البيض كلِّه، وحار بما عساهُ أن يقول لأمِّه التي وثقت به، وبدأ يتساءل: “هل ستغضب أمي كثيراً؟ هل ستُعاقبني؟ ما الذي سأقوله لها لكي تُسامحني وتغفر لي؟” فبدأ حمزة التفكير وقال له: “أنا سأخبرك بفكرةٍ جيدةٍ يمكن لها أن تُنجِّيكَ من العقاب، ما رأيك أن تخبر والدتك بأنَّ النقود وقعت منك، وأنَّك حاولت العثور عليها ولكنَّك لم تجدها؟”. لم يقبل حازم الفكرة على الإطلاق، هل يُعقل أن يكذب لينجو من عقاب والدته؟ وإذا نجى من عقاب والدته، ماذا عن عقاب الله؟ ولكنَّ حمزة أخذ يُقنعُه بأنَّها كذبةٌ بيضاء، ولا يوجد فيها أيُّ ضرر، وبعدها افترق الصديقان واتجه كلُّ واحدٍ منهما إلى منزله.

وصل حازم إلى منزله، وطرق الباب، وفتحت له والدته، ونظرت إليه متفاجأةً بثيابه المُتسخة، وسألته إذا كان قد اشترى البيض؛ عندها تردَّد قليلاً، وبدأ في التفكير فيما إذا كان سيقول لها الحقيقة، أم أنَّه سيُنفِّذُ نصيحة صديقه حمزة ويكذب على والدته؛ ولكنَّهُ ارتمى فجأةً في حضن أمه باكياً وأخبرها بحقيقة ما حدث معه، وعندها احتضنته أمه بكلِّ عطفٍ وحنان، ومسحت له دموعه، وقالت له: “حمداً لله أنَّك لم تكذب يا بني، وأحمدُ الله على سلامتك، وأنَّك لم تُصَب بأذى؛ لا تحزن سأعطيك نقوداً أخرى لتشتري البيض من جديد، وسأعدُّ لك ألذَّ حلوى”.

ما هو المغزى من هذه القصة؟

  1. الصدق هو طريق النجاة.
  2. ليس للكذب ألوان، وليس هناك كذبٌ أبيض أو أسود، فالكذب هو الكذب.
  3. تجنُّب نصائح الآخرين غير الصحيحة حتَّى وإن كانوا من الأصدقاء.
  4. يجب علينا طاعة الأم والامتناع عن الكذب عليها مهما كان الأمر.
  5. أكثر الناس محبةً لك وأكثرهم حرصاً على مصلحتك، هم والديك.

القصة الثانية، آداب الاستئذان:

ذهب حسام لزيارة صديقه أحمد، وعندما وصل إلى منزله وجد باب المنزل مفتوحاً، فلم يطرق الباب، ودخل مُباشرةً، وأخذ ينادي على أحمد ولا أحد يجيب، وأخذ يتجول في المنزل وينادي؛ عندها سمعته أم أحمد، فتفاجأت من وجوده في المنزل وسألته وهي غاضبة: كيف دخلت إلى هنا يا حسام؟ فأخبرها أنَّه دخل من الباب.

فسألته: لماذا لم تطرق الباب يا حسام؟

فأجاب: وجدت الباب مفتوحاً فدخلت لأبحث عن صديقي أحمد.

فقالت له أم أحمد: إنَّ سلوكك خاطىءٌ جداً، وهو ليس من آداب الزيارة يا حسام، كان عليك أن تستأذن أولاً. وسألته عن سبب زيارته.

فأجابها: أنه جاء ليلعب مع أحمد.

فقالت له: إنَّ أحمد يدرس، وليس لديه وقتٌ للعلب، وبإمكانك أن تأتي في وقتٍ لاحق، وعليك أن تخبره قبل ذلك.

فعاد حسام حزيناً إلى المنزل، وعندما سألته والدته: ما الذي يزعجك يا حسام؟ لمَ أنت حزينٌ هكذا؟ أخبرها بما حدث معه، وقال لها: “أنا لن ألعب مرةً أخرى مع أحمد، ولن أذهب إلى بيته مُجدداً، فطريقة كلام والدته معي أهانتني وأحزنتني”.

وبعد أن استمعت والدة حسام لما حدث معه دون أيِّ مُقاطعة، نظرت إليه بعطفٍ وحنان وقالت له: “يا بُنيَّ العزيز، أنت فعلاً ارتكبت عدة أخطاء، وتجاوزت حدود آداب السلوك”. فاندهش حسام من كلام والدته، وسألها: كيف ذلك؟ وما المقصود بكلامك؟ فأجابته: “يجب أن تلتزم بآداب وسلوكات الزيارة، ولا يحقُّ لك أن تتعدَّاها. واليوم، وبفعلتك هذه تجاهلت هذه الآداب، ولم تعمل بها”. فسألها حسام: ما هي هذه الآداب يا أمي العزيزة؟ فأجابته: أولاً يجب عليك أن تأخد موعداً للزيارة، وألَّا تكون الزيارة مُفاجئةً لكي يتمكَّن أصحاب المنزل من استقبالك؛ كما أنَّكَ يا حسام لم تطرق الباب قبل دخولك المنزل، ولو كان الباب مفتوحاً، فيجب عليك أن تنتظر حتَّى يؤذن لك بالدخول؛ وإن لم يُرَدَّ عليك، عليك بالعودة إلى المنزل.

فقال حسام: أنتِ مُحقةٌ يا أمي، كان علي أن أكون حذراً في تصرُّفاتي.

فقالت له والدته: لا تنسَ أيضاً يا حسام أنَّ هناك أخطاءً أخرى ارتكبتها بالإضافة إلى دخولك بدون استئذان، فأنت أخطأت عندما تجولت في المنزل دون إذنٍ من أصحابه، فربَّما وقعت عيناك على شيءٍ لا يُحبُّ أصحابُ المنزل أن يراه أحد، بالإضافة إلى أنَّكَ لم تُلقِ التحية والسلام على أصحابه، وهذا يُخالف تعاليم ديننا الإسلامي، ويُخالف ما أمرنا به الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم عندما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ ۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ۖ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)}. [سورة النور: الآيتين 27، 28].

وعندها أدرك حسام سلوكه الخاطئ، واعتذر لوالدته، ووعدها بأنَّهُ لن يُكرِّرها مرةً أخرى، وسيلتزم بكلِّ آداب الزيارة والاستئذان التي أمرنا بها الله سُبحانه وتعالى، وطلب من والدته أن تسمح له بالاتصال بوالدة صديقه أحمد ليعتذر عمَّا فعله؛ واتصل فعلاً، وقبلت والدة صديقه أحمد الاعتذار، وطلبت منه المجيء بعد إنهاء واجباته المدرسية ليلعب مع أحمد، ففرح حسام كثيراً للعودة للعلب مع صديقه، ولأنَّهُ تعلَّم آداب الاستئذان.

المغزى من القصة:

  1. يجب علينا أخذ موعدٍ مُسبقٍ قبل أيِّ زيارة.
  2. يجب علينا أن نطرق الباب، وألَّا ندخل البيت حتَّى يؤذن لنا؛ وإن لم يؤذن لنا بالدخول، فعلينا المُغادرة مُباشرةً.
  3. في حال سُمِح لنا بالدخول، فيجب علينا أن نُلقي السلام والتحية على أصحاب المنزل.
  4. يجب الأخذ بالنصائح المُفيدة والعمل والالتزام بها.

 

المصادر:  1 ، 2 ، 3

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!