‘);
}

أهمية الوقت في الإسلام

للوقت في الإسلام أهميّةٌ عظيمة، ممّا يدعو المسلم إلى الحرص على استثماره، وجعل ذلك أولويته الأولى في كلّ يوم، فلا يُضيّعه في ما لا ينفعه في الدنيا أو الآخرة، ولا يملؤه بما يلهيه عن ذكر الله سبحانه وتعالى وطاعته وعبادته، فقد بيّن الله عز وجل في القرآن الكريم أنّ الخسران هو عاقبة الذين يغفلون عن ذكره والتقرّب إليه، كما بيّنت آياتٌ أخرى من القرآن الكريم أهميّة الوقت وضرورة تدبّر قيمته، فمنها قول الله تعالى: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ* وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب)،[١] وقد قال الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية: إنّ الله سبحانه وتعالى في هذه الآية قد أمر رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأن يجعل فراغه من كلّ الأمور التي كان منشغلاً بها إلى النصب في عبادته، والاشتغال فيما يقرّبه من الله سبحانه وتعالى، ولم يُخصّص ذلك في حالٍ معيّنةٍ من أحوال فراغه، بل يشمل كلّ فراغ، فسواءً في ذلك فراغه من صلاة أو جهاد أو أمر دنيوي، وذلك لعموم الشرط الوارد في الآية، وفي آية أخرى يقول الله تعالى: (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ)،[٢] وفي هذه الآية توضيحٌ للمنهج الذي ينبغي للمسلم أن يسير عليه من إدراك قيمة الآخرة وتقديرها حقّ قدرها، ممّا يؤدي به إلى استثمار وقته فيما ينفعه فيها.[٣]

وترتبط أهمية الوقت بحقيقةٍ لا يمكن لأحدٍ من الناس أن ينكرها، وهي حقيقة الموت، لأنّ الموت إذا حلّ بالإنسان انتهى وقته لفعل الطاعات والقربات، ولذلك فقد جاءت الآيات الكريمة تبيّن للإنسان خطر التسويف وتأخير التوبة، وضرورة الاستعداد للرحيل، وقد قال الإمام ابن عثيمين: إنّ الإنسان لا يسأل متى سوف يموت أو أين سوف يموت، لأنّ الموت سيأتيه بلا شك، ومهما طالت به الدنيا فكأنّما بقي له يومٌ واحد، إلّا أنّ الأولى والأجدر بنفس الإنسان أن تفكر في كيفيّة موتها، والحال الذي ستكون عليه عند ذلك، وقد اهتمّت السنة النبويّة الشريفة ببيان أهميّة الوقت والتوصية باغتنامه، والمسارعة بفعل الخير وإخراج الصدقات فيه، فمن ذلك قوله عليه السلام :(نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفراغُ)،[٤] فالأصل في الفراغ أنّه فرصة ونعمة من الله حتى ينال الإنسان نعيم الآخرة، وهذا هو ما يُعلي قيمة الوقت ويرفعها، وليس فرصة للّهو في الدنيا والاستغراق في نعيمها وملذاتها.[٣]