كيف أنظّم وقتي في طاعة الله..؟

كيف أنظّم وقتي في طاعة الله..؟

يطول الليل في الشتاء كما النهار في الصيف، فيشعر الناس بالملل والضجر، وتضيع الأوقات من دون فائدة، وربما ضاعت بالمعاصي للتخلص من الفراغ، فهذا الأخير من السموم التي تقضي على الإنسان.

ويجب ألا يغفل الناس عن نعم الله تعالى عليهم، ومنها نعمة الوقت، ومغبونٌ من كانت لديه أوقات فراغ في حياته، فالكثير من الناس يتمنّونها، وقد أخبر النبي “صلى الله عليه وسلم” عن أهمية الوقت في الإسلام.

فالإنسان سيُسأل عن عمره فيما أفناه، والعاقل من استغلَّ وقته بما ينفعه في دنياه وآخرته وجعل أعماله أكثر من أوقاته، وليس في الدنيا أطيب للمؤمن من استغلال وقته في ذكر الله.
يقول علي بن أبي طالب “رضي الله عنه”: (للمؤمن ثلاث ساعات: فساعة يناجي فيها ربه، وساعة يرم معاشه، وساعة يخلي بين نفسه وبين لذته فيما يحلّ ويجمل، وليس للعاقل أن يكون شاخصا إلا في ثلاث: مرمة لمعاش، أو خطوة في معاد، أو لذة في غير محرم).

فمبادرة المرء إلى اغتنام الوقت وترك التسويف، أمرٌ لا بد منه، فقد كان ابن جرير الطبري يكتب في اليوم ٤٠ ورقة على مدى ٤٠ عاما، لأنه أدرك أن الوقت الذي يمضي لا يعود.
تعدّ حياة النبي “صلى الله عليه وسلم” نموذجا عمليا لما ينبغي أن يكون عليه المسلم للحصول على رضا الله تعالى، سواء كان في البيت أو المسجد أو العمل أو السوق.

فحياة رسول الله قدوة للمسلم في كل أمور دينه ودنياه، فهو الرحمة المهداة للعالم، وقد أحاطه الله تعالى بتقديره، وجمَّل طباعه وهذَّبها بالوحي، وأعدَّه لإسعاد البشرية وإخراجها من الظلمات إلى النور، فلم ينشغل بسفاسف الأمور، بل اتجه إلى أشرفها.

فكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة ويحضر مجالس الخير، كما جعل الله تعالى القرآن الكريم الدستور المُنظِّم لحياة المسلمين، ولأنَّ الوقت من نعم الله على عباده، أقسم الله به في الكثير من الآيات، وهو الغني عن القسم، منها قوله تعالى: (وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، كما أقسم بالضحى والليل والفجر.
ومن المعروف عند علماء التفسير، أن قسم الله تعالى بأمرٍ من الأمور دليل على أهميته وعظمته، وقد فضَّل الله بعض الأوقات على بعضها الآخر، مثل الاستغفار وقت السحور، والتسبيح قبل طلوع الشمس وقبل غروبها.

وفي هذا التفضيل دليل على أهمية الوقت، كما أمر الله تعالى النبي “صلى الله عليه وسلم” وأمّته من بعده بعدم التهاون بوقت الفراغ بقوله: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ، وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب).

ويكون ذلك بالإستفادة من الوسائل المُعينة على تحقيق الأهداف من خلال المواءمة بين الأهداف والواجبات، فلا تفاضل بين الناس من حيث كمية الوقت المتاحة لهم، لكن الفرق يكمن في طريقة إدارة الإنسان لوقته،

وعلى هذه الإدارة، يترتب نجاح الإنسان أو فشله، ومع وجود الأجهزة الحديثة التي تُسّرع قيام الناس بمختلف الأعمال، أصبحت مسؤوليتهم عن وقتهم أكبر من الناس في العصور الماضية، فقد كانوا يَقضون الشهور في قطع المسافات لتحصيل العلم، بخلاف هذا العصر الذي يتميَز بالسهولة والسرعة.
ومما يعين على القيام بأكبر قدر ممكن من العبادات، عمل خطة يومية للعبادة والعمل، بقواعد مستندة على القرآن الكريم والسنة النبوية، فالقاعدة الأولى اشتمال الخطة على ذكر الله تعالى بفرعيه، القولي مثل: التسبيح والتهليل، والعملي من خلال فعل الطاعات والابتعاد عن المحرمات.

ويكون السَّبق لمن تمكَّن من الجمع بينهما، وقد أشار النبي “صلى الله عليه وسلم” إلى أهمية الذكر بقوله: (ألا أُنبِّئكم بخيرِ أعمالِكم، وأزكاها عند مليكِكم، وأرفعِها في درجاتِكم، وخيرٌ لكم من إنفاقِ الذهبِ والوَرِقِ، وخيرٌ لكم من أن تلْقَوا عدوَّكم، فتضرِبوا أعناقَهم ويضربوا أعناقَكم؟ ذكرُ اللهِ).

لذا على المسلم أن يضع خطة عمل ويلتزم بها ويراعي مجموعة من الأمور، منها تخصيص نصف ساعة من وقته قبل الفجر للخلوة مع الله تعالى، بالصلاة والاستغفار، فهو وقت مبارك ينزل فيه الله إلى السماء الدنيا، فيجيب الدعاء ويقبل التوبة.
الجلوس بعد أداء صلاة الفجر لعدة دقائق وتسبيح الله تعالى فيها، وترديد دعاء: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، مع أذكار الصباح المأثورة عن النبي “صلى الله عليه وسلم” للحصول على الكثير من الأجر.
القيام بما يتوَجَّب علی المسلم من الحقوق تجاه المسلمين، مثل زيارة المريض، وحضور دروس العلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الاهتمام بأداء النوافل مثل صلاة الضحى والسنن الرواتب، والصدقة وغيرها من أبواب الخير التي تُطفئ غضب الله تعالى وترفع درجات العبد في الدنيا والآخرة.

Source: Ennaharonline.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!