كيف تطرح الأسئلة الصحيحة لتحقيق التعلم الفعال؟

يمثِّل طرح الأسئلة الصحيحة المفتاح لتحقيق أي تطور مهني أو شخصي، وبالرغم من أنَّ الأمر يبدو رائعاً، إلا أنَّ العديد من الأشخاص يخشون طرح الأسئلة، وغالباً ما يخافون أن يبدو أغبياء إذا سألوا كثيراً. سأستعرض في هذا المقال كيفية طرح الأسئلة الصحيحة لتحقيق التعلم الفعَّال.

Share your love

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكوتش “كارولاين دوغاود” (Caroline Dougoud) والذي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها في تحقيق التعلم الفعَّال.

ولكنَّ المضحك في الأمر هو استحالة تحقيق التقدم والتطور دون طرح الأسئلة؛ إذ كيف ستتعلم أيَّ جديد إن لم تتساءل عن كيفية فعل شيء ما أو ما هو المطلوب لتحقيق الهدف.

إلا أنَّ الأمر لا يتعلق بطرح الأسئلة على الآخرين فحسب؛ بل عليك أن تتقن فنَّ طرح الأسئلة المناسبة على نفسك أيضاً؛ ذلك لأنَّه يؤثر في النتائج النهائية. وفي الواقع، يمكِن لهذه الأسئلة أن تُكوِّن الفارق بين المضي قدماً نحو أهدافك والوقوف في مكانك.

سأستعرض في هذا المقال كيفية طرح الأسئلة الصحيحة لتحقيق التعلم الفعَّال.

لماذا يُعَدُّ طرح الأسئلة الصحيحة هاماً لتحقيق التعلم الفعَّال؟

علينا أن نعرف أولاً سبب أهمية طرح الأسئلة الصحيحة للحصول على تعلُّم فعَّال.

1. تؤدي الأسئلة إلى الحصول على الأجوبة:

كما ذكرتُ آنفاً، لا يمكِن تحقيق التقدم والتعلم دون طرح الأسئلة، فتخيَّل أن تبدأ عملاً جديداً دون أن تسأل عن الأمور المتعلقة بكيفية إنجاز المهام، بالطبع لن تستطيع تأدية واجباتك بشكل جيد.

لربما قد تكون محظوظاً وتحصل على تعليمات عمل واضحة، ولكن ماذا ستفعل في بعض المواقف الخاصة التي لن تجد تعليمات لها في اللائحة؟ فإذا لم تسأل عما يقصده مديرك بالتحديد من التعليمات التي أعطاك إياها، فلن تستطيع التحسين من جودة عملك.

ما أقصده هو أنَّك تحتاج إلى إجابات لتحقيق التحسن والتعلم الفعَّال، ولن تحصل عليها دون طرح الأسئلة.

2. ستساعد الأسئلة الصحيحة على تحقيق النجاح:

يزيد طرح الأسئلة من فرص النجاح؛ على سبيل المثال: ما هي الخطوة الأولى التي عليك اتخاذها للبدء بمشروعك الخاص؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن تطرحه على نفسك، وبعدها ستجد أنَّ الكثير من نجاحك سيعتمد عليه

دعنا نقارن الآن بين نوعين من الأسئلة، لنقُل أنَّك واجهتَ مشكلات في مرحلة تأسيس مشروعك؛ حيث يمكِنك في هذا الوضع أن تتساءل قائلاً: “لماذا لا أنجح؟”، أو يمكِن أن يكون سؤالك: “كيف أحقق النجاح؟”

الفرق هنا أنَّ السؤال الثاني يمدك بالقوة ويرشدك إلى النجاح، وبالطبع عليك أن تعمل دون هوادة، وأن تمتلك دافعاً قوياً يحفزك لإيجاد الإجابة، ولكن مجرد طرح هذا النوع من الأسئلة سيحسن من فرص نجاحك.

بينما يثبط السؤال الأول عزيمتك، ويضعك في موقع الضحية لتشعر بالأسف على نفسك بدلاً من أن يحثك على إيجاد حلول لمشكلاتك، وبالطبع لن تجد شخصاً ناجحاً يعيش دور الضحية في حياته المهنية.

3. التواصل هو أساس التحسن:

لنُلقِ نظرةً سريعةً على جانب هام آخر يتعلق بالأسئلة التي تطرحها على الآخرين.

إنَّ التواصل الجيد أساسي لتطوير نفسك، وللحصول على علاقات جيدة، ولتحقيق النجاح، وهو ما يمكِن تطبيقه على أيِّ نوع من المواقف، بدءاً من عملك، ومروراً بزواجك، وانتهاءً بصداقاتك؛ لذا يبقى التواصل الجيد أساس العلاقات الصحية.

يتطلب التواصل الفعَّال الإصغاء الفعَّال في المقام الأول؛ أي طرح الأسئلة ومن ثمَّ الإصغاء إلى إجابة الطرف الآخر، فلن يتوقف تأثير ذلك عند تحسين علاقاتك مع الآخرين، وهو ما يساعدك على التقدم في حياتك المهنية والشخصية؛ بل سيساعدك أيضاً في الحصول على المعرفة، ولا شك أنَّها أكثر أنواع التعلم فاعلية.

يحب الأشخاص التكلم عن أنفسهم، ولذلك عليك أن تجد أشخاصاً يمتلكون الإجابات على أسئلتك، ومن ثمَّ عليك أن تصغي للإجابات التي يُقدِّمونها باهتمام؛ وبالتالي ربما تختصر نصف الطريق نحو التعلم.

شاهد بالفيديو: 10 أسئلة من شأنها تحسين نتائجك في أي مجال

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/soXnVIrLamM?rel=0&hd=0″]

ما هو التعلم الفعَّال؟

أود أولاً أن أتكلم عن تعريف التعلم الفعَّال قبل الغوص في كيفية طرح الأسئلة الصحيحة.

على عكس المعتقدات الشائعة، لا نتوقف عن التعلم بعد تخرُّجنا في الجامعة، والفرق أنَّنا في أثناء الدراسة نكون مرغمين على تعلُّم موضوعات محددة، ولكن في الواقع، التعلم الممتع حقاً يبدأ بعد هذه المرحلة، حيث يمكِنك اختيار الموضوعات التي تودُّ تعلُّمها بنفسك حال تخرُّجك في الجامعة، وهنا يبدأ التعلم الفعَّال بحق.

أفضل مثال عن ذلك ذُكِر في كتاب “كال نيوبورت” (Cal Newport) بعنوان: “العمل العميق: قواعد النجاح المركَّز في عالم مشتت” (Deep Work: Rules for Focused Success in a Distracted World). يشرح “نيوبورت” في كتابه أنَّ الطريقة الوحيدة للمضي قدماً في ظل الوضع الاقتصادي الحالي هو من خلال تعلُّم الأمور الصعبة بسرعة، ويركز “نيوبورت” على الوضع الاقتصادي الحالي بسبب تغيُّر الأوضاع بسرعة غير معهودة، فلا يمكِنك التعامل مع تكنولوجيا عمرها 10 سنوات؛ لأنَّك ستجد نفسك خارج السباق في عالم يتقدم بسرعة هائلة.

وهذا ما أعنيه بالتعلم الفعَّال؛ أي تتعلم الأمور الصعبة والمتعلقة بعملك بسرعة كبيرة.

كيف تطرح الأسئلة الصحيحة لتحقيق التعلم الفعَّال؟

بعد أن أصبحتَ على درايةٍ بأهمية طرح الأسئلة الصحيحة ومعنى التعلم الفعَّال، يمكِننا الآن أن نركز على كيفية طرح الأسئلة الصحيحة لتحقيق هذا النوع من التعلم؛ وذلك من خلال اتباع النصائح التالية:

1. اسأل نفسك أولاً:

كما ذكرتُ سابقاً، الجانب الأهم هو كيف تبدأ بطرح الأسئلة الصحيحة، فاحرص على طرح الأسئلة الداعمة دوماً – وهي الأسئلة التي بطبيعتها تتوجه نحو إيجاد الحلول – وغالباً ما يبدأ هذا النوع من الأسئلة بكلمة “كيف”؛ على سبيل المثال:

  • “كيف يمكِنني تحقيق أهدافي؟”
  • كيف يمكِنني تحسين أدائي في العمل؟”
  • “كيف يمكِنني استثمار الموارد بأفضل طريقة؟”

من ناحية أخرى، عليك تجنُّب الأسئلة المحبطة والتي تضعك في موقع الضحية، فقد يكون من الصعب أحياناً أن تُحدِّد هذا النوع من الأسئلة؛ لأنَّنا نطرحها على الدوام ودون انتباه.

يحصل الأمر عادةً عندما نشعر بالإحباط تجاه مسألة ما، ويركز هذا النوع من الأسئلة على سبب وقوعك في المأزق، ويتجاهل تماماً أيَّ احتمال لإيجاد الحلول، فتبدأ هذه الأسئلة في المجمل بكلمة “لماذا”؛ على سبيل المثال:

  • “لماذا يحدث هذا الأمر معي؟”
  • “لماذا ينجح الجميع إلا أنا؟”
  • “لماذا لا يحالفني الحظ؟”

2. اسأل الأشخاص المناسبين:

عندما تطرح الأسئلة المناسبة على نفسك، تصبح قادراً على التركيز عندما تطرحها على الآخرين، ولكنَّ الأمر لا يتعلق بنوع الأسئلة التي تطرحها فحسب؛ بل بالأشخاص الذين تُوجِّه أسئلتك إليهم أيضاً.

إذا أردتَ تحقيق التعلم الفعَّال، فعليك أن تسأل الأشخاص المناسبين، والشخص المناسب هو ذاك الذي يتمتع بخبرة أكبر، وحقَّقَ أهدافاً مماثلةً لتلك التي تريد تحقيقها، وأفضل طريقة للبدء بهذه المرحلة هي من خلال قراءة كتب ألَّفوها والتساؤل عن سبب نجاحهم، ولكن إذا سنحَت لك الفرصة، فالأفضل أن تسألهم بشكل شخصي، حيث يمكِن أن يصبح هؤلاء الأشخاص منتورز لك، الأمر الذي سيجعل عملية التعلم الفعَّال أسهل بكثير.

ولكن لإيجاد الأشخاص المناسبين، عليك أولاً أن تُحدِّد هدفك من النقاش معهم؛ حيث عليك تحديد ما تريد تعلُّمه وما تريد تحقيقه عبر استخدام هذه المعارف، ومن ثمَّ تبدأ عملية البحث عن أشخاص سبق أن حققوا الأهداف التي تسعى إليها.

3. اطرح أسئلةً مفتوحةً:

من الهام أن تصيغ أسئلتك بطريقة مناسبة حالما تجد الأشخاص المناسبين للسؤال؛ أي عليك أن تطرح أسئلةً مفتوحةً.

كما ذكرتُ سابقاً، يحب الجميع أن يتحدثوا عن أنفسهم وعن إنجازاتهم، وعندما تطرح أسئلةً مفتوحةً، تُفسح لهم المجال لمشاركة أكبر قدر من المعلومات، وهذه الطريقة ممتازة لبدء الحديث؛ لأنَّها ستتيح لك الفرصة لتحصل على الكثير من المعلومات منذ البداية، كما يمكِنك طرح أسئلة مُحدَّدة مع تقدُّمك في الحديث للحصول على التفاصيل التي تحتاجها.

يمكِنك طرح أسئلةٍ مفتوحةٍ على غرار: “كيف استطعتَ تحقيق (نجاح ما)؟” أو “ما هي أفضل الأدوات لتحقيق النجاح؟” أو “ما هي الأمور التي ساعدَتك لتحقيق نجاحاتك؟”

عليك التأكد من أن تُحدِّد هدفك أو أن تذكر نجاحاتهم في السؤال؛ على سبيل المثال: يمكِنك أن تسأل مديرك في العمل عن الأمر الذي ساعده للحصول على ترقية بعد عمله في الشركة لمدة عام واحد فقط.

4. تدرَّب على الإصغاء:

يشكل الإصغاء مهارةً عظيمة الفاعلية؛ حيث يمكِنك استخراج معارف الشخص جميعها من خلال الإصغاء إليه وطرح المزيد من الأسئلة المفتوحة، والتي تسمح له بمشاركة المزيد من تجاربه ومعارفه.

تدرَّب على هذه المهارة مع أصدقائك أو شريك حياتك، وضعْ هدفاً للإصغاء لمدة عشر دقائق، واطرح خلال هذا الوقت فقط الأسئلة التي تتيح لهم الاستفاضة في الحديث عن أنفسهم، ولا تقاطعهم، واطرح أسئلةً أعمق بعد تقديم إجاباتهم.

وبعدها يمكِنك أن تفكر بكمِّ المعلومات التي حصلتَ عليها من الشخص، بالإضافة إلى ذلك، ربما تجعل الشخص الآخر يشعر بالرضا والإطراء أيضاً، الأمر الذي سيُسهِّل عليك الحصول على المزيد من الإجابات في المستقبل.

وعندما تشعر أنَّك تمكَّنتَ من هذه المهارة، يمكِنك تجربتها مع أحد المنتورز؛ إذ سيعبِّرون عن إعجابهم بك بسبب هذه المهارة؛ وبالتالي ستحصل على الإجابات بسرعة أكبر.

5. ركِّز على إيجاد الحلول:

وأخيراً، ركِّز اهتمامك دائماً على إيجاد الحلول عندما تسأل أي نوع من الأسئلة، فلا ينطبق الأمر على الأسئلة التي تطرحها على نفسك فحسب؛ بل على تلك التي تطرحها على الآخرين أيضاً.

سيرشدك عقلك الباطن تلقائياً إلى الأمور التي تركز عليها؛ فإذا ركزتَ على المخاطر أو على الأمور التي قد تسبب مشكلات، فستجد نفسك وسط هذه المشكلات، ولكن إذا ركزتَ على إيجاد الحلول وعَدِّ الصعوبات فرصاً لاكتساب المعرفة، فستجد حلولاً لأيَّة مشكلة أو مأزق تقع فيه؛ ولذا، يركز طرح الأسئلة الصحيحة على إيجاد الحلول والتركيز على الفرص، بدلاً من التركيز على المخاطر.

في الختام:

لا تتوقف أهمية طرح الأسئلة الصحيحة عند التعلم الفعَّال – أي تعلُّم الأمور الصعبة بسرعة – بل هي أيضاً حجر الأساس لتحسين مجالات حياتك جميعها المهنية منها والشخصية.

يوجد جانبان هامان لطرح الأسئلة الصحيحة، حيث يتعلق الجانب الأول بنوع الأسئلة التي تطرحها على نفسك، فتأكَّد من أن تكون أسئلةً داعمةً وموجَّهةً نحو إيجاد الحلول؛ لأنَّها سترشدك نحو النجاح بدلاً من بقائك عالقاً في المشكلة.

أما الجانب الثاني فيتعلق بسؤال الأشخاص المناسبين للحصول على إجابات تساعدك في تحقيق أهدافك، فتأكَّد من إيجاد أشخاص سبق أن حقَّقوا أهدافهم، واطرح عليهم أسئلةً مفتوحةً، وتدرَّب على الإصغاء الفعَّال للحصول على أكبر قدر من المعلومات منهم.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!