‘);
}

كيف أكون مؤمنا حقيقيا

يكون الإيمان حقيقيّاً برسوخه في قلب صاحبه كالجبال، فيبدو في خوف المؤمن وخشيته من خالقه، ويظهر على أقواله وأفعاله، وقد يكون الإيمان سبباً في سَبْق صاحبه المُخلص للكثير من أصحاب الأعمال الكثيرة التي لا يوجّهها إيمانهم،[١] ويُمكن للإنسان الوصول إلى الإيمان الحقيقي من خلال الاتّصاف بمجموعةٍ من الصفات، وفيما يأتي ذكر بعضها:[٢][٣][٤]

  • الرضا عما قدّره الله، وإظهاره بالكلام والأفعال؛ كفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- عندما توفّي ابنه إبراهيم، حيث قال: (ولَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ).[٥]
  • تذكّر الإنسان عظيم الأجر الذي يحصل عليه، وأن المؤمن أمره كُلّه له خير؛ ممّا يُنسيه مرارة الآلام؛ وذكر ابن الجوزيّ -رحمه الله- أن هُناك امرأةٌ جُرحت في أصبعها، فضحكت، فَسُئلت عن سبب ضحكها رغم ما سبّبه لها الجرح من الألم، فقالت: لذّة الثواب تُنسي مرارة الألم.
  • الصبر على البلاء؛ وهو من أهم الوسائل الموصلة لزيادة الإيمان، لقوله -تعالى-: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا)؛[٦] فالإيمان يزداد بالطاعة والعبادة، كالصبر، وتلاوة القُرآن، وحُضور مجالس العلم، وينقص بالمعاصي.
  • قول الخير والبُعد عن الشر، ومُراعاة حق الجار واجتناب كُل ما يُؤذيه، بالإضافة إلى إكرام الضَّيف، وهذه الصفات جاءت في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ)،[٧] وتُعدّ استقامة اللّسان بقول الخير أساس استقامة القلب؛ لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لا يَسْتَقِيمُ إِيمانُ عبدٍ حتى يَسْتَقِيمَ قلبُهُ، ولا يَسْتَقِيمُ قلبُهُ حتى يَسْتَقِيمَ لسانُهُ، ولا يدخلُ الجنةَ رجلٌ لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ*).[٨]
  • نشر الخير والدعوة إليه، والنهي عن المعاصي والمُنكرات؛ لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ).[٩]
  • الاتّصاف بصفات المؤمنين الصادقين؛ وهي الصفات التي توصل إلى البر والتقوى، ومنها الأوصاف الواردة في قوله -تعالى-: (ليْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)؛[١٠] وذلك من خلال الإيمان بالله -تعالى-، والتصديق بوجود الملائكة، وجميع الكتب السماوية، وكذلك الصدقة على الفُقراء والمساكين وابن السبيل*، وأفضلها ما كان صاحبها في حال الصحة والقلّة التي يأمل صاحبها الغنى ويخاف الفقر، بالإضافة إلى الصبر على الفقر والمرض وغيرها من الأحوال التي تطرأ على حياة الإنسان.
  • الخُشوع والسكون في الصلاة؛ لقوله -تعالى- عن صفات المؤمنين: (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)،[١١] ويتحقّق بخشوع القلب، والنظر إلى موضع السجود، وتفريغ القلب قبل الصلاة؛ بأن يُقبِل العبد على الصلاة ولا ينشغل قلبه وفكره بشيءٍ سواها، مع المُحافظة عليها في وقتها، لقوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ).[١٢]
  • الإعراض عن اللغو؛ لقوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)؛[١٣] ويكون بالابتعاد عن الباطل والشِّرك والمعاصي، وترك ما لا فائدة منه؛ سواءً أكان بالقول أو الفعل.
  • الزكاة؛ لقول الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ)؛[١٤] وهي أداء زكاة المال بالمقدار الذي حدّده الإسلام، ويُحتمل منها أيضاً تزكية النفس، كالبُعد عن المعاصي والشرك، لقوله -تعالى-: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا).[١٥]
  • حفظ الفرج؛ لقوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ)،[١٦] ويكون حفظ الفرج من خلال البُعد عن الزنا أو اللّواط ومقدّمات كلّ ذلك وغيرها.
  • حفظ الأمانة والعهد؛ لقوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)،[١٧] وذلك بأداء الأمانة إلى أصحابها، والمُحافظة على الوعود والعهود والمبادرة للوفاء بها.
  • الإيمان بالغيب؛ لقوله -تعالى- عن صفات المُتّقين: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)،[١٨] وذلك من خلال الإيمان بكل ما جاء في القُرآن الكريم والسنّة الصحيحة من أُمور الغيب؛ كالجنة، والنار، والكُتب، والرُسل، والقدر، وغير ذلك من الغيبيّات.
  • الهجرة والجهاد؛ لقوله -تعالى-: (وَالَّذينَ آمَنوا وَهاجَروا وَجاهَدوا في سَبيلِ اللَّـهِ وَالَّذينَ آوَوا وَنَصَروا أُولـئِكَ هُمُ المُؤمِنونَ حَقًّا لَهُم مَغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَريمٌ).[١٩]
  • ذكر الله -تعالى- مع التوكل عليه؛ لقوله -تعالى-: (وَاذكُر رَبَّكَ في نَفسِكَ تَضَرُّعًا وَخيفَةً وَدونَ الجَهرِ مِنَ القَولِ بِالغُدُوِّ وَالآصالِ وَلا تَكُن مِنَ الغافِلينَ)؛[٢٠] وذلك بالإكثار من ذكر الله -تعالى- في الصباح والمساء، والتوجّه إليه في حال الرغبة والرهبة، مع شكره على نعمه، قال -سبحانه-: (مَّا يَفْعَلُ اللَّـهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللَّـهُ شَاكِرًا عَلِيمًا).[٢١]