كثُر الحديث في أغلب دول العالم الفقيرة منها والغنية، ذات الدخل المرتفع والمنخفض على حد سواء حول السمنة. فقد ازداد معدل الإصابة بالسمنة وتضاعف بثلاث مرات منذ عام 1975 ميلادي. ولا يقتصر الأمر على إصابة البالغين، بل امتد ليؤثر ويهدد حياة الأطفال والمراهقين لما له من تأثيرات سلبية على الصحة الجسدية والنفسية. 

ويُطلق مفهوم زيادة الوزن والسمنة على زيادة وزن الجسم عن الحد الطبيعي نتيجة تراكم الدهون وزيادة الكتلة الدهنية. وعادةً ما يُستخدم مؤشّر كتلة الجسم للدلالة على زيادة الوزن والسمنة. وتختلف طريقة حسابه للبالغين، عن طريقة حسابه للأطفال تحت عمر الخامسة، أو بين عمر الخامسة والتاسعة عشر. ويُحسب للبالغين من خلال قِسمة وزن الشخص بالكيلوغرام (كغ) على مُربّع طوله بالأمتار(م)، بينما توجد مخططات بينية ترسم العلاقة بين الطول والوزن للفئتين العمريتين الأخرتين.

ويرتبط موشّر كتلة الجسم ارتباطاً قويّاّ مع إجمالي محتوى الدّهون في الجسم لدى البالغين، إذ يُعاني الشخص البالغ من زيادة الوزن في حال بلغ مؤشر كتلة الجسم لديه 25-29.9، ويُعاني الشخص البالغ من السّمنة إذا كان مؤشّر كتلة الجسم لديه أكثر من 30، كما يُعاني الشخص البالغ من السُّمنة المُفرطة إذا كان مؤشّر كتلة الجسم لديه أكثر من40.

اقرا أيضاً: السمنة ماهي؟؟ هل هي نعمة او نقمة والعلاج الامثل لها

اقرأ أيضاً: علاقة السمنة بالأمراض

اقرأ أيضاً: مخاطر السمنة

المشاكل الصحية المرتبطة بالسمنة

تُجدر الإشارة إلى أنَّ السُّمنة لا تُعدّ مشكلة جمالية فقط، إنّما تُعدّ من المشكلات الطبّيّة التي تزيد من خطر الإصابة بأمراضٍ ومشكلات صحيّة عديدة.

ويزداد خطر هذه الأمراض في حال وجود تاريخ عائلي للإصابة بهذه الأمراض، أو إذا كانت السمنة ترتكز في المنطقة المحيطة بالبطن، وهو ما يُعرَف بالسمنة ذات الشكل التفاحي، أكثر من السمنة المرتكزة في منطقة الحوض والأرداف، أو السمنة ذات الشكل الإجاصي. ونذكر بعضاً من المشاكل الصحية المرتبطة بالسمنة فيما يأتي:

داء السكّري

يُعاني مُعظم مرضى السكّري من النوع الثاني من زيادة الوزن أو السُّمنة، وذلك لارتباط مؤشر كتلة الجسم بمرض السكري ومقاومة الأنسولين.

وتعد زيادة الوزن أمراً أساسياً لزيادة فرصة الإصابة بمرض السكري من النوع الأول والنوع الثاني، وذلك لزيادة كمية بعض المواد التي تشارك في تطوير مقاومة الأنسولين لدى الأشخاص الذين يعُانون من السمنة المفرطة، مثل الأحماض الدهنية، والهرمونات، والجلسرين، وغيرها من المواد.

وتجدر الإشارة إلى إمكانية المساعدة على التحكّم في مستويات السُّكّر في الدم من خلال فقدان الوزن وزيادة النشاط البدني والحصول على قسط كافٍ من النوم، وبالتالي قد تقلل الحاجة إلى أدوية مرض السكّري.

انقطاع النفس أثناء النوم

يمكن أن يحدث انقطاع النفس أثناء النوم لعدّة أسباب، ولكن في السمنة على وجه التحديد، يُمكن أن يزيد سمك الأنسجة الرّخوة في الرّقبة من الضغط على البلعوم، مما يؤدي إلى انخفاض تدفق الهواء إلى الرئتين. ومن المعروف أيضاً أن حجم اللسان يمكن أن يزداد لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة مما يؤدي إلى زيادة تضييق مجرى التنفس.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ انقطاع النفس أثناء النوم قد يُسبّب شخير الشخص بشدّة، بالإضافة إلى الإحساس بالنُّعاس أثناء النهار. كما يؤثر سلباً في صحة الشخص، إذ يزيد من احتماليّة الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغيّة.

أمراض القلب والسكتة الدماغيّة

توجد العديد من العوامل التي تزيد من احتماليّة الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية في حال السمنة، ومن أهمها:

  • زيادة خطر الإصابة بالعوامل المسببة لأمراض القلب كارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول، والإصابة بالسكري. فقد يُسبب ارتفاع ضغط الدم تهيج اللويحات المتكلسة في شرايين الأوعية الدموية، مما يُسبّب انفصالها وزيادة خطر الإصابة بالجلطات القلبية.
  • تحفيز الجهاز المناعي وتنشيط العمليات الالتهابية التي تؤذي الجهاز القلبي والدوراني. فمثلاً تساعد هذه العمليات الالتهابية على زيادة خطر الإصابة بتصلب الشرايين وتراكم اللويحات على جدار الأوعية الدموية أو انفصالها، وبالتالي تويد من خطر الإصابة بالجلطات القلبية.
  • حدوث تغيرات في بنية القلب أو قدرته على أداء وظيفته. ونذكر فيما يأتي بعضاً منها:
    • ترتبط المسنة مع زيادة خطر الإصابة بالرجفان الأذيني (بالإنجليزية: atrial fibrillation) المرتبط بزيادة تكون الخثرات الدموية، وبالتالي زيادة خطر الإصابة بالجلطات القلبية أو السكتات الدماغية أو قصطر القلب، أو مشاكل القلب الأخرى. 
    • تزيد السمنة من تضخم عضلة القلب، والذي قد يحدث أحياناً نتيجة ارتفاع ضغط الدم وعدم التحكم به.
    • زيادة الجهد المبذول من القلب لضخ الدم، خصوصاً في مرحلة الانبساط (بالإنجليزية: Diastole) عندما يقوم القلب بتعبئة الدم.

الكبد الدّهني

يعد الكبد ثاني أكبر عضو في الجسم. ووظيفته هي المساعدة على معالجة العناصر الغذائيّة من الأطعمة والمشروبات، وتصفية المواد الضارّة من الدم.

ويُمكن أن يُسبّب تراكم الكثير من الدّهون في الكبد ما يُعرف بالكبد الدّهني. ويُعتقد أن جميع مراحل مرض الكبد الدهني ناتجة عن مقاومة الأنسولين، وهي حالة ترتبط ارتباطاً وثيقًا بالسمنة، وبالتالي يرتبط مؤشر كتلة الجسم بدرجة تلف الكبد، أي أنّه كلما زاد مؤشر كتلة الجسم، زاد تلف الكبد. و يتوقع الأطباء ومسؤولو الصحة العامة أن أمراض الكبد المرتبطة بالسمنة ستصبح السبب الرئيسي لفشل الكبد وزرع الكبد في المستقبل غير البعيد.

ويُجدر بالذكر أنَّ وجود كميّات قليلة من الدهون في الكبد أمراً طبيعيّاً، ولكن الإفراط في تناولها يُمكن أن يصبح مشكلة صحيّة قد يؤدّي إلى تلف الكبد وإحداث ندبات، ويُمكن أن يؤدّي هذا التندب إلى فشل الكبد في الحالات الشديدة.

أمراض المرارة

المرارة هي عضو صغير موجودة في الجزء العلوي الأيمن من البطن. وتكثر أمراض المرارة وحصوات المرارة بين الأشخاص الذين يُعانون من الوزن الزائد والسُّمنة. ويعود سبب ذلك إلى إنَّ الوزن الزائد للجسم يجعل من الصّعب على المرارة التفريغ، وبالتالي السماح للصفراء الغنيّة بالكوليسترول بالتراكم والتصلب لتشكّل الحصوات.

كما قد يتعرّض الشخص لحصوات المرارة في حال فقدان وزنه بشكلٍ سريع أو فقدان كميّة كبيرة من الوزن.

السرطان

ذكرت بعض الدراسات وجود روابط بين السُّمنة والإصابة بمرض السرطان، إذ تنتج الأنسجة الدهنية كميّات زائدة من هرمون الاستروجين، وقد ارتبطت المستويات العالية من هذا الهرمون بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي، وبطانة الرّحم، والمبيض، وبعض أنواع السرطان الأخرى.

كما قد يُصاب الأشخاص الذين يعانون من السمنة من التهاب مزمن منخفض المستوى، والذي يُمكن أن يتسبّب بمرور الوقت في تلف الحِمض النووي الذي يؤدي إلى السرطان.

وكما ذكرنا سابقاً، تُعتبر السمنة عامل خطر لحصوات المرارة، وهي حالة تتميّز بالتهاب المرارة المزمن. ويعد وجود تاريخ لإصابة بحصوات المرارة عامل خطر قوي للإصابة بسرطان المرارة.

كما يُعدّ التهاب القولون التقرّحي المزمن والتهاب الكبد من عوامل الخطر لأنواع مختلفة من سرطان الكبد.

هشاشة العظام

تُعدّ هشاشة العظام من الحالات الشائعة التي تصيب غالباً أجزاء مُعيّنة من جسم الإنسان، كالركبة أو الورك أو الظهر. ويؤدّي حمل الوزن الزائد إلى وضع ضغط إضافي على المفاصل والغضروف. كما أظهرت الأبحاث أنَّ الوزن الزائد والسمنة المفرطة يُمكن أن تؤدي إلى تقليل كثافة العظام وزيادة خطر الإصابة بالكسور

 ولكن يُمكن أن يخفف فقدان الوزن من الضغط على الركبتين والوركين وأسفل الظهر، وبالتّالي يُحسّن من أعراض التهاب المفاصل، وهشاشة العظام. كما وجد أنَّ التمارين الرياضية لم تمنع زيادة الوزن فقط، بل تزيد من قوة العظام، وتمنع انخفاض كثافة العظام.

النقرس

تكثر الإصابة بالنقرس بين الأشخاص الذين يُعانون من زيادة الوزن، كما أنَّ احتمالية الإصابة بهذا المرض يزداد مع زيادة الوزن. وتجدر الإشارة إلى احتمال زيادة خطر الإصابة بنوبات النقرس في حال تغير الوزن المفاجئ لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة؛ لذلك يعد من الأفضل استشارة الطبيب قبل محاولة إنقاص الوزن للحصول على أفضل طريقة لفقدان الوزن.

ويُمكن تعريف النقرس بأنّه مرض يُصيب المفاصل، ويحدث عند ارتفاع نسبة حِمض اليوريك في الدم، وبالتالي يُمكن أن يُشكّل حمض اليوريك الإضافي بلورات تتراكم في المفاصل.

أمراض ومشاكل جنسيّة

 قد يؤثر ضعف احترام الذات وصورة الجسم في النشاط الجنسي العام لكل من الرجل والمرأة، فقد يشعر الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن بأنّهم غير لائقين جنسيّاً، وغير جذابين، وغير مرغوب فيهم، ممّا يجعلهم يتجنبون العلاقات الجنسيّة.

كما يُعانون عادةً من بعض الاستياء الجنسي أو الصّعوبات الجنسيّة المتعلقة بوزنهم. فعلى سبيل المثال، ثبت أن السمنة يمكن أن تقلل من الرّضا الجنسي وتسبب ضعف الانتصاب عند الرّجال. أمّا العلاقة بين السمنة والخلل الجنسي للإناث، فإنَّ السمنة قد تؤدّي إلى تقليل الرّغبات الجنسيّة لدى النساء. وقد تكون إدارة الخلل الجنسي لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة أمراً صعباً، لكن يُنصح بالتأكد من تقييم المشكلة بشكل مناسب من خلال استشارة الطبيب؛ للمساعدة في فحص المشاكل الجنسيّة وحلّها.

وتجدر الإشارة إلى ارتباط السمنة وزيادة الوزن باضطراب الدورة الشهرية، وصعوبة الحمل والعقم. ويعتقد بأن ذلك يحدث نتيجة زيادة مستوى الاستروجين لديهم بسبب وجود كمية أكبر من الخلايا الدهنية التي تنتج مركب شبيه لمركب الاستروجين وهو الاسترون (بالإنجليزية: Estrone).

اقرأ أيضاً: هل السمنة وراثية ؟

الوقاية من السُّمنة والمشاكل الصحية المرتبطة بها

يتسائل الكثير من الأشخاص عن الخطوات اللازمة للوقاية من زيادة الوزن والمشكلات الصحيّة المتعلّقة بها، وتُجدر الإشارة إلى أنَّ خطوات الوقاية من زيادة الوزن هي نفسها المُتبّعة لفقدان الوزن وتتضمن ما يأتي:

  • الالتزام: من المهم جدّاً الالتزام والتمسّك بخطّة الوزن الصحي بقدر الإمكان خلال الأسبوع، وفي عطلات نهاية الأسبوع، وأثناء الإجازات والعُطلات.
  • ممارسة التمارين الرياضيّة بانتظام: وذلك يتضمن الأنشطة البدنيّة متوسطة الشدّة مثل المشي السريع والسباحة، ويجب أن تستغرق تلك الأنشطة مدّة 150 إلى 300 دقيقة في الأسبوع للوقاية من زيادة الوزن.
  • اتّباع نظام غذائي صحي: من المهمّ الحِرص على اختيار الأطعمة التي تعزّز الحفاظ على وزن صحّي وصحّة جيّدة أغلب الوقت، وبالتالي يجب التركيز على تناوُل الأطعمة منخفضة السعرات وعالية القيمة الغذائيّة، على سبيل المثال الفاكهة، والخضروات، والحبوب الكاملة، كما يُنصح بتجنّب تناوُل الدّهون المُشبعة، والحدّ من تناوُل الحلويّات.
  • متابعة الوزن بانتظام: إنَّ متابعة الوزن بانتظام قد تُخبِر بما إذا كان الفرد جهوده ناجحة أم لا، ويُمكن أن تُساعده على اكتشاف الزيادة الطفيفة في الوزن قبل أن تُصبح مشكلة كبيرة، وبالتالي إنَّ الأشخاص الذين يزنون أنفسهم مرّة واحدة على الأقلّ في الأسبوع، هم أكثر نجاحاً في تجنُّب زيادة الوزن.