4 أسباب تجعل المرونة مهارة شديدة الأهمية

تكمن أهمية المرونة النفسية في التكيف مع مصاعب الحياة، وقد نتساءل ما هي طرق بناء المرونة النفسية؟ وكيف نكتسب المرونة في العمل والحياة؟ كل ما يتعلق بالمرونة ومراجع عنها ستجده هنا.

عندما تواجه موقفاً صعباً، فلديك خياران: أن تدع عواطفك تتغلب عليك وتصبح عاجزاً عن اتخاذ أي قرار بسبب الخوف، أو أن ترفع روحك المعنوية وتحوِّل الألم إلى فرصة.

حتى لو كنت تَعدُّ نفسك شخصاً سعيداً، فمن المؤكد أنَّك ستواجه تحديات في مرحلة ما خلال رحلتك، وقد تُضعفك هذه التجارب، لكنَّها لن تحطمك؛ إذ إنَّ اكتساب المرونة هو مفتاح تحويل التحديات إلى نجاحات.

كل واحد منَّا لديه القدرة على اكتساب عقلية مرنة؛ تماماً مثلما تُكتسب العضلات التي يجب تمرينها وتقويتها كل يوم، وفي بعض الأحيان، يتطلب الأمر الوصول إلى أقصى قدرات التحمل على المستوى العاطفي قبل التمكُّن من الاستفادة من مرونتك الشخصية؛ فما هي المرونة وما أهميتها من أجل النجاح؟

المرونة في علم النفس:

تعود جذور فكرة المرونة إلى مجال علم النفس التنموي خلال السبعينيات؛ إذ لاحظ أطباء الأمراض العقلية وعلماء النفس في أثناء إعدادهم دراسة عن الأطفال الذين يعانون من اضطرابات نفسية، أنَّ عدداً قليلاً منهم لم يُظهِروا سلوكاتٍ تَنُمُّ عن سوء التكيُّف مثلما كان مُتوقَّعاً، وإنَّما أظهروا سلوكات تقع ضمن النطاق الطبيعي للتطور الاجتماعي.

بيد أنَّ الدراسة كانت قد أُجريَت على أبناء أشخاصٍ يعانون الفصام، والنتائج التي توصلت إليها أنَّ بعض الأطفال تمكنوا من النمو على الرغم من حالتهم عالية الخطورة هي التي أدت إلى توسيع نطاق البحث حول المرونة، والتي شملت ظروف سلبية متعددة؛ بما في ذلك الحرمان الاجتماعي والاقتصادي، والمرض العقلي للوالدين، وسوء المعاملة، والمرض، وأحداث الحياة الكارثية.

وفي أواخر الثمانينيات والتسعينيات، كشفت الأبحاث حول المرونة أنَّها ظاهرة عادية أكثر مما كان يُعتقد في البداية؛ ثم تطورت فكرة المرونة فيما بعد لتشمل التعرض لمِحَن كبيرة.

تعريف المرونة في علم النفس:

حتى الآن، ليس هناك إجماع كامل بين الباحثين حول تعريف ومعنى فكرة المرونة؛ إذ تغيَّر مفهوم المرونة في العقد الماضي بعد أن كان مقتصراً على مجموعة من السمات الفردية الثابتة في وقتٍ سابق؛ على أي حال، تحوَّل المفهوم إلى نتيجة وعملية ديناميكية تعتمد على التفاعلات بين المتغيرات الفردية والظرفية، والتي تتحسن بمرور الوقت.

ما هي المرونة النفسية؟

يُشار اليوم إلى المرونة النفسية عموماً على أنَّها عملية التكيف الجيد لمواجهة المِحَن أو الصدمات أو المآسي أو المخاطر أو المصادر الهامة للتوتر؛ يُصوِّر هذا التعريف خاصية “التعافي واستئناف النجاح”، والتي تعكس إحدى الخصائص المركزية للمرونة.

أدى استمرار تزايد الحاجة إلى الوقت والطاقة إلى خلق بيئة يشعر فيها الناس بالإرهاق، وعدم القدرة على التعامل مع ارتفاع سقف التطلعات في حياتهم اليومية من خلال مهارات حل المشكلات أو استراتيجيات التعامل معها؛ ونتيجة لذلك، أصبح الناس يقومون بمهام متعددة باستمرار، وفقدوا التركيز، وأصبحوا منجذبين نحو العديد من الاتجاهات المختلفة، فإذا كنت ترغب في البقاء رائداً في حياتك وعملك، فمن الضروري أن تتعلم كيف تشق طريقك بنجاح خلال الظروف الصعبة.

في دراسة برعاية شركتَي نيشن وايد (Nationwide) وفودافون (Vodafone)، أشار ما يقرب من 100% من المشاركين إلى المرونة بوصفها عاملاً أساسياً للنجاح الوظيفي؛ فالأرقام لا تكذب؛ المرونة هي سر النجاح.

أهمية المرونة النفسية:

فيما يلي أربعة أسباب تجعل امتلاك المرونة مهارة حياتية بالغة الأهمية في عالم اليوم:

1. تُحوِّل الإخفاق إلى نجاح:

إنَّ الطريق إلى النجاح محفوف بالكثير من الإخفاق، وهو جزء طبيعي من الحياة؛ إذ لا يمكنك اكتساب المرونة إن لم تكن مستعداً للإخفاق، فأولئك الذين يفتقرون إلى القدرة على النهوض والتعافي من المِحَن ينتهي بهم الأمر إلى قبول الإخفاق والاستسلام كلياً؛ وإذا كان بإمكانك قبول طريقة التفكير هذه، فمن الهام أن تفهم أنَّ الإخفاق مجرد حدث، وأنَّه لا يحدد هويتك.

تُظهِر الأبحاث أنَّه عندما تحاول، وتخفق، وتحاول مرة أخرى، وتنجح في النهاية، تحصل على دفعة نشاط من نظام المكافآت المُعتمِد على الدوبامين (dopaminergic)، وهذا ما يمنحك الدافعية التي تحتاجها عندما تواجه المِحَن والمصائب.

إنَّ الإخفاق هو مجرد مرحلة انتقالية يمر بها الجميع في طريقهم نحو العظمة؛ لذا عليك أن تسأل نفسك إذا كنت على استعداد لاتخاذ خطوات جريئة من أجل أن تصبح الشخص الذي طالما رغبت في أن تكونه.

2. تؤسس مركز تحكم داخلي:

هل تعتقد أنَّ الحياة تعمل في صالحك أم ضدك؟ من أجل تحسين سعادتك في أي مجال من مجالات حياتك، يجب عليك أن تسأل نفسك السؤال الصعب: “من المسؤول عن سعادتي؟”، ستحدد إجابتك على هذا السؤال مدى فعالية قدرتك على التغلب على تحديات الحياة.

يواجه الأشخاص الذين يؤمنون بسيطرة العوامل الخارجية عليهم صعوبةً في التعافي من ابتلاءات الحياة؛ فهم يعتقدون أنَّ القوى الخارجية هي التي تحدد الاتجاه الذي ستتخذه حياتهم؛ لذلك ليس من المستغرب أن يجعلهم هذا الاعتقاد يشعرون بالعجز، وعلى النقيض من ذلك، يرى الأشخاص المرنون الذين تنبع قدرتهم على السيطرة من داخل نفوسهم أنَّهم الرئيس التنفيذي لحياتهم؛ فهم يعرفون أنَّهم يتحكمون في كل قرار يتخذونه؛ وعندما يخفقون، يكونون قادرين على النهوض والتقدم إلى الأمام، مما يعني أنَّهم قادرون على استخدام أشد مِحَن الحياة بوصفها نقاط انطلاق للنجاح.

عندما تفعل هذا، تصبح أنت الوحيد القادر على تحديد مصيرك، وتصبح المرونة حالتك الطبيعية.

3. تَبْنِي معتقدات إيجابية:

عندما يتحطم عالمك، يصبح من السهل الوقوع في فخ السلبية والتفكير بطريقة “لماذا أنا؟”،  لكن على أي حال، لن تستطيع التغلب على تحديات الحياة إذا كنت تعتقد أنَّ الكون لا يقف إلى جانبك، ولن تفيدك السلبية على الإطلاق؛ إذ تُظهر الأبحاث أنَّ أحد العوامل الرئيسة التي تساهم في المرونة هو تجربة تسخير المشاعر الإيجابية، حتى في خضم الأوقات العصيبة أو المرهقة.

شاهد بالفديو: 17 عادة إيجابية ستغيّر حياتك للأفضل

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/lQi0vcTT9oM?rel=0&hd=0″]

يجابه الشخص المرن التحديات من خلال تسخير قوة المشاعر الإيجابية والاعتماد على نظام الدعم عند الضرورة، وهو قادر على إعادة تأطير المِحَن وتحويلها إلى شيء إيجابي، مما يسمح له بالتعافي واستئناف حياته من جديد ووضع خطط واقعية على المدى الطويل.

4. تساعدك على تقبُّل التغيير:

تكمن في قلب المرونة حقيقة بسيطة، وهي أنَّ التغيير أمر حتمي؛ فنحن نعيش في عالم يتغير باستمرار، إذ يقع الناس في المشاكل عندما يتجاهلون التغيير أو يقاومونه؛ ونتيجة لذلك، ينتهي بهم الأمر إلى عيش حياة مليئة بالألم والمعاناة؛ لأنَّهم غير قادرين على إيجاد الراحة في هذه الفوضى.

لن تكتسب المرونة طالما أنت في منطقة راحتك؛ فالطريقة الوحيدة للنمو والتوسع هي التحرر من قيود الاستقرار والغوص في المجهول؛ لذا سيتطلب ذلك منك القيام ببعض الأعمال الداخلية العميقة، مثل تغيير معتقداتك التي تحد من قدراتك، والتخلص من العادات السيئة، وتعلم كيفية التعامل مع التوتر.

في حقيقة الأمر، لا أحد متحمس لمواجهة مشكلاته، لكَّنها خطوة أساسية على طريق التحول إلى شخص مرن؛ فعلى حد تعبير سقراط: “سر التغيير هو تركيز كل طاقتك، ليس على محاربة القديم، وإنَّما على بناء الجديد”.

شاهد بالفيديو: 6 عادات خاطئة تقضي على صحتك النفسيّة

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/oHfwrR_LDMI?rel=0&hd=0″]

في الختام:

في المرة القادمة التي تفاجئك فيها الحياة بما تكره، ثق في قدرتك على مجابهة التحديات، واعلم أنَّ المِحَن قد تُضعفك، ولكن لا تدعها تحطمك، إذ لا يهم كم مرة تسقط فيها؛ فكل ما يهم هو أن تنهض من جديد وتواصل المضي قدماً.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!