8 خطوات فعالة لتعزيز الانضباط الذاتي

يرتبط تعلُّم قيادة نفسك والآخرين قيادةً فعالةً بالانضباط، كما تنبع السعادة والنجاح والوفاء من التركيز والتحكم بالذات، فالانضباط الذاتي مهم للوصول للنجاح. وهناك استراتيجيات محددة يمكنك تنفيذها لتتعلَّم الانضباط الذاتي واكتساب قوة الإرادة لتعيش حياة أكثر سعادة ورضا. وهذا هو محور نقاشنا في هذه المقالة فتابعوا معنا.

يقضي الأشخاص الذين يمتلكون انضباطاً ذاتيَّاً وقتاً أقل في مناقشة ما إذا كانوا سيمارسون سلوكات ويشاركون في نشاطات لا تتوافق مع قيمهم أو أهدافهم؛ حيث إنَّهم حازمون، ولا يسمحون للانفعالات أو المشاعر أن تملي عليهم اختياراتهم، ويتحمَّلون مسؤولية معتقداتهم وتصرفاتهم لتحقيق النتيجة المرجوة؛ ونتيجةً لذلك، لا يتشتَّت انتباههم بسهولة عن طريق الإغراءات، ويميلون أكثر إلى الشعور بالرضا عن حياتهم.

يقول الفيلسوف الروماني ماركوس أوريليوس (Marcus Aurelius): “لديك كامل السلطة على عقلك، وليس على الأحداث الخارجية، فإذا أدركت ذلك، سوف تجد القوة”.

هناك استراتيجيات محددة يمكنك تنفيذها لتتعلَّم الانضباط الذاتي وتكتسب قوة الإرادة لتعيش حياة أكثر سعادة ورضا، فإذا كنت تتطلع إلى السيطرة على عاداتك وخياراتك، فإليك أقوى تسعة أشياء يمكنك القيام بها لإتقان الانضباط الذاتي – وهو أمر ضروري لتبتعد عن منطقة الراحة – وربما حتى إعادة تعريف معنى كلمة “استثنائي”:

1. التعرُف إلى نقاط قوَّتك ونقاط ضعفك:

نحن جميعاً لدينا العديد من نقاط الضعف، سواءٌ كانت تلك النقاط هي الرغبة في تدخين السجائر أم تناول الطعام غير الصحي أم الهوس بوسائل التواصل الاجتماعي أم بألعاب الفيديو، فإنَّها تؤثِر فينا تأثيراً متشابهاً، وأيضاً لا تأتي نقاط الضعف في شكل جوانب حيث نفتقر فيها إلى ضبط النفس، فنحن جميعاً لدينا سماتنا المميزة، وبالمقابل سمات غير جيدة نوعاً ما.

على سبيل المثال، لا يهمني إجراء محادثاتٍ صعبة، أو القيام بأعمال ورقية مطولة تحتاج إلى البحث عن مستندات قديمة لم أحفظها مطلقاً من الأساس، أو تمالك أعصابي عندما يقوم شخصٌ ما بإزعاجي، أو الدعوة إلى تأسيس أنظمة اتصال آلية، ومن ثمَّ اعتدت على تجنُّب هذه النشاطات عمداً، أما الآن، فأسعى جاهداً إلى معالجتها وجهاً لوجه، أو أفوِّضها للآخرين؛ لذا لا تنس أبداً فن التفويض الخفي.

تعدُّ التوعية الذاتية أداة قوية لتوسيع منطقة الراحة، لكنَّها تتطلب تركيزاً مستمراً، واعترافاً بالعيوب الخاصة بك مهما كانت، فإذا عانيت أيَّة نقاط ضعف أو مشكلات، لا تَدَع هذه الأمور تقف عائقاً في طريقك، وحاول استخدام الإمكانات المتوافرة لديك لتجاوز هذه العقبات، ففي كثيرٍ من الأحيان يحاول الناس التظاهر بعدم وجود نقاط ضعف لديهم، أو أنَّهم يواجهونها بعقليَةٍ متحجرة، ويستسلمون لها استسلاماً تاماً؛ لذا يجب عليك أن تعرف نقاط قوَّتك، ولكنَّ الأهم من ذلك، اعترف بعيوبك؛ وذلك لأنَّك لن تتمكن من التغلب عليها إذا لم تفعل ذلك.

2. التخلُّص من المغريات:

يقول المؤلف الإيرلندي أوسكار وايلد (Oscar Wilde): “يمكنني أن أقاوم أي شيءٍ ما عدا الإغراء”.

كما في القول المأثور: “البعيد عن العين، بعيدٌ عن القلب” قد يبدو الأمر سخيفاً، لكنَّ هذه العبارة تقدِّم نصيحةً قويةً، وببساطة، عن طريق إزالة أكبر المغريات من بيئتك، ستحسِّن من انضباطك الذاتي تحسيناً كبيراً، فعندما تقرر السعي إلى تحقيق هدفٍ سامٍ، يجب عليك تغيير كل شيءٍ في حياتك، وإذا كنت تريد أن تأكل طعاماً صحياً، فتخلَّص من الوجبات السريعة في سلة المهملات، وإذا أردت أن تقلع عن التدخين أيضاً، فتخلص من السجائر، وإذا كنت ترغب في تحسين إنتاجيتك في العمل، وتحسين إدارة مهامك، أوقف إشعارات وسائل التواصل الاجتماعي وأوقف تشغيل هاتفك المحمول؛ حدِد أولوياتك ونفذها.

كلما قلَّت مصادر الإلهاء لديك، زاد تركيزك على تحقيق أهدافك؛ لذا استعد للنجاح من خلال التخلص من التأثيرات السلبية.

شاهد بالفديو: طرق تنمية الانضباط الذاتي

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/j_LaGNz-PVA?rel=0&hd=0″]

3. تحديد أهدافٍ واضحة، ووضع خطة تنفيذ:

إذا كنت تأمل في تحقيق درجات أكبر من الانضباط الذاتي، فيجب أن يكون لديك رؤية واضحة لما تأمل في تحقيقه، تماماً مثل أي هدف؛ لذا يجب عليك أن تعي ما يعنيه النجاح بالنسبة إليك، ومع ذلك، إذا كنت لا تعرف إلى أين أنت ذاهب، فمن السهل أن تضيع طريقك أو تنحرف عنه؛ لذا تذكَّر تحديد أولوياتك، وتذكَّر أنَّ وجود 10 أولويات في حياتك يعني عدم وجود أيَّة أولوية فيها.

تُحدِّد الخطة الواضحة متى يجب عليك أن تتخذ كل خطوة للوصول إلى أهدافك؛ لذا ابتكر نشاطاً تأمُّلياً خاصاً بك لتحافظ على تركيزك؛ حيث يستخدم الأشخاص الناجحون هذه التقنية للبقاء على المسار الصحيح، وليتمكَّنوا من القيام بمهامهم بكل اهتمام، ووضع هدفٍ واضح.

4. المواظبة على بذل الجهد:

الانضباط الذاتي ليس سلوكاً فطريَّاً؛ بل هو سلوكٌ مكتسب، ومثل أي مهارةٍ أخرى تريد إتقانها، فهي تتطلب ممارسة يومية وتكراراً؛ لذا يجب أن تصبح بمنزلة عادة، لكنَّ الجهد والتركيز اللذين يتطلبهما الانضباط الذاتي يمكن أن يستنفدا طاقتك، ومع مرور الوقت، قد يصبح من الصعب أكثر فأكثر السيطرة على قوة إرادتك، فكلما زاد الإغراء أو كَبُرَ القرار، زادت صعوبة التعامل مع المهام الأخرى التي تتطلب أيضاً ضبط النفس.

لذلك، تعلَّم الانضباط الذاتي من خلال تركيز اجتهادك اليومي على شيءٍ معين مرتبط بهدفك، وهذا الأمر متعلق بما ناقشناه في الخطوة الثالثة، من أجل ممارسة الاجتهاد اليومي؛ حيث يجب أن يكون لديك خطة ما، تضعها في التقويم الخاص بك، أو في قائمة مهامك الخاصة، أو أي طريقةٍ أخرى مناسبة لك مهما كانت غريبة، فمع الممارسة، يمكن لأي شخص أن يبتعد عن منطقة الراحة الخاصة به يومياً.

5. ابتكار عاداتٍ وطقوسٍ جديدة:

قد يكون اكتساب الانضباط الذاتي واتِّباع عاداتٍ جديدة أمراً شاقاً في البداية، خاصةً إذا كنت تركز على كامل المهمة التي بين يديك؛ لذا لتجنُّب الشعور بالخوف، اجعل الأمر بسيطاً، قسِّم هدفك إلى خطوات صغيرة قابلة للتنفيذ، وبدلاً من محاولة تغيير كل شيء دفعة واحدة، ركز على فعل شيء واحد باستمرار، وحاول إتقان الانضباط الذاتي مع وضع هذا الهدف في الحسبان.

وكما يُقال: إنَّ الأشياء التي تبدو شاقة ومستحيلة في الحياة، يمكن تحقيقها تدريجياً من خلال تحمُّل عبءٍ صغيرٍ كل مرة.

إذا كنت تحاول الحصول على لياقةٍ بدنية، ولكنَّك لا تقوم بممارسة الرياضة بانتظام أو على الإطلاق؛ فابدأ بممارسة الرياضة لمدة عشر أو خمس عشرة دقيقة يومياً، وإذا كنت تحاول تطبيق عادات نومٍ أفضل، فابدأ بالنوم مبكراً بثلاثين دقيقة كل ليلة، وإذا كنت ترغب في تناول طعام صحي، غيِّر عادات التسوق من البقالة، وأعِدَّ وجبات الطعام في وقتٍ مبكر؛ خُذْ خطوات صغيرة، وفي النهاية، عندما تبدأ عقليتك والسلوك الخاص بك بالتحول، يمكنك إضافة المزيد من الأهداف إلى قائمتك.

6. تغيير نظرتك إلى قوة الإرادة:

إذا كنت تعتقد أنَّ لديك قدراً محدوداً من قوة الإرادة، فمن المحتمل أنَّك لن تتجاوز تلك الحدود، فكما ذكرتُ آنفاً، تُظهِر الدراسات أنَّ قوة الإرادة يمكن أن تنضب مع مرور الوقت، لكن ماذا عن تغيير هذا التصور؟ إنَّ المتدرِّب الذي يعتقد أنَّه قد لا ينجح خلال التدريب، فإنَّه لن ينجح فعلاً، فلماذا نفترض أنَّ إرادتنا للفوز يمكن أن تأخذنا إلى هذا الحد فقط؟

عندما تقوم بتبنِّي عقلية الإرادة غير المحدودة، فإنَّك ستواصل النمو، وتحقِّق المزيد، وتطوِّر قوتك الذهنية؛ إنَّها فلسفة تحديد أهداف “مرنة”؛ باختصار، يمكن لنظرتك إلى قوة الإرادة والرقابة الذاتية تحديد مدى انضباطك، فإذا استطعت إزالة هذه العقبات اللاواعية – وأعتقد حقاً أنَّه يمكنك القيام بذلك – فسوف تقوم بتحفيز نفسك نحو جعل هذه الأهداف حقيقة واقعة.

7. وضع خطَةٍ احتياطية:

يستخدم علماء النفس أسلوباً لتعزيز قوة الإرادة يسمَّى “العزم على التنفيذ” (Implementation intention)، وذلك عندما تقدِّم لنفسك خطةً للتعامل مع موقف ممكن أن يكون صعباً وتعلم أنَّك ستواجهه على الأرجح، ولكي أكون واضحاً، أنا لا أشير إلى خطة احتياطية استناداً إلى فكرة أنَّك ستفشل في تحقيق الخطة (أ).

لنفترض أنَّك تطمح إلى أن تصبح خبيراً في رياضةٍ ما، لكنَّك تقول لنفسك: “لن أنجح في هذه الرياضة على الأرجح؛ لذا ربما يجب عليَّ الاستمرار في لعب الجولف”، هذه خطة احتياطية سيئة للغاية، فنحن نتحدث عن حالات طارئة لتصحيح المسار تصحيحاً واعياً، وليس التخطيط للفشل؛ لذا كن جريئاً واستمر في المضي قدماً، وسيساعدك اتِّباع خطةٍ ما على تغيير طريقة تفكيرك وضبط النفس اللازمَين للمواقف، وستوفر أيضاً الطاقة من خلال عدم اضطرارك إلى اتخاذ قرار مفاجئ بناءً على حالتك العاطفية.

8. البحث عن كوتشز ومنتورز موثوقين:

يتطلب تطوير الخبرة كوتشز قادرين على تقديم تغذيةٍ راجعةٍ بنَّاءة، وحتى جارحة أحياناً، والخبيرون الحقيقيون هم أولئك الطلاب المتحمِّسون للغاية ويسعون إلى الحصول على مثل هذه التغذية الراجعة؛ حيث إنَّهم ماهرون أيضاً في فهم متى وما إذا كانت نصيحة الكوتش أو المنتور لا تعمل لمصلحتهم.

لطالما عرف أصحاب الأداء المميز من النُّخَب ما يفعلونه فعلاً صحيحاً، وركَّزوا على ما كانوا يفعلونه فعلاً خاطئاً، ولقد سعوا إلى اختيار كوتشز غير عاطفيين لكي يثيروا في نفوسهم التحدي ويقودوهم إلى مستويات أعلى من الأداء؛ حيث يحدد أفضل الكوتشز جوانب أدائك التي ستحتاج إلى التحسين لتطوير مهاراتك، ومساعدتك على التحضير.

في الختام، سامح نفسك وامضِ قُدُماً:

حتى مع وجود كل النوايا الحسنة والخطط الموضوعة جيداً، فإنَّك في بعض الأحيان تقصِّر في اهتمامك، ومن الطبيعي أن تواجه تقلباتٍ مستمرة، ونجاحات كبيرة وإخفاقات مؤسفة، والمفتاح هو الاستمرار، فحينما لا تُختار لوظيفةٍ تعتقد أنَّك تستحقها، لا تحزن؛ بل ضع خطَةً فوراً، وتدرَّب، وابحث عن فرصٍ أفضل في المرة القادمة.

إذا واجهتك بعض العثرات، فابحث عن السبب الجذري لذلك واسأل نفسك عن السبب وامضِ قدماً، ولا تدع نفسك تنغمس في الشعور بالذنب أو الغضب أو الإحباط؛ وذلك لأنَّ هذه المشاعر ستقلل من عزيمتك وتعوق تقدُّمك في المستقبل.

تعلَّم من زلاتك وسامح نفسك، ثم استرجع قوَّتك من جديد وتابع معركتك في الحياة لتحقيق أهدافك.

حظاً سعيداً.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!