ويثار قلق متزايد بشأن تراجع موارد الماء، سواء في المغرب أو في الجزائر وتونس، بينما تتعالى أصوات مطالبة بتحرك عاجل، حتى لا يزداد الوضع سوءا، لا سيما أن دول أوروبا نفسها لم تسلم من هذه الأزمة الكبرى في 2022، في حين كانت معروفة بوفرتها المائية في السابق.

وتتراجع موارد الماء في الدول المغاربية، بسبب توالي مواسم الجفاف، في حين يزداد الاستهلاك، على نحو غير منظم، بحسب خبراء، دون إدراك للنقص الحاصل، لا سيما بين الأفراد.

تحرك في المغرب

يعاني الفلاحون في المغرب، مثلا، من الجفاف الذي يضرب البلاد من جراء التغير المناخي والاحتباس الحراري ما يعرض محصولهم لخطر التلف.

وتسعى سلطات إقليم الحوز، وسط المملكة، إلى اتخاذ خطوات عملية تساهم في إنقاذ الوضع.

وهذه ليست المرة الأولى التي يدق فيها فلاحو المغرب ناقوس الخطر، لأن موسم الفلاحة تأثر على نحو ملحوظ بالتغيّر المُناخي والاحتباس الحراري وهدر الموارد المائية.

ويعاني المغرب منذ أربع سنوات من جفاف في أنهاره ووديانه بسبب قلة هطول الأمطار.

وخلال شهري أكتوبر وديسمبر من العام 2022، شهدت البلاد هطول أمطار ساهمت في إنعاش الموسم، إلا أن الاعتماد على الأمطار دون أي خطوات رسمية وعملية لا يمكنه إنقاذ المحصول.

إقليمُ الحوز في جهة مراكش في جبال الأطلس الكبير، يُعتبر من المناطق الفلاحية الأبرز في المغرب بسبب كثرة وديانه، وعلى الرغم من إقامة عدد من السدود هناك فإنها تبقى غيرَ كافية لتأمين حاجة الفلاحين من المياه سنوياً.

الخطة التي تتصدر لائحةَ الحلول والخطوات، هي تشييدُ 16 سداً في الإقليم لتشكل مصبّاً لعدة أنهار أساسية ما يسمح بجمع حواليْ 200 مليون متر مكعب من المياه، تذهب عادة إلى المحيط الأطلسي، كما تحصّن إقليم الحوز ومراكش من المشكلات المرتبطة بنقص المياه.

وقال محمد سعيد قروق، أستاذ علم المناخ في جامعة الحسن الثاني، في مقابلة مع “سكاي نيوز عربية”:

  • المغرب والجزائر وإسبانيا دول تتقاسم مشكلة الجفاف نفسها، خلال السنوات الأخيرة.
  • الجفاف ليس أمرا جديدا في الدول المغاربية، لكن تداعياته صارت أكثر تعقيدا.
  • هناك استهلاك كبير للماء في المغرب، بحكم كثافة الزراعة وتصدير عدد من منتجاتها إلى الخارج.
  • توالي سنوات الجفاف أثر على دور السدود، نظرا لتراجع منسوب الكثير منها.
  • عادت الأمطار إلى الهطول خلال السنة الحالية بالمغرب، لكن منسوب الكثير من السدود وصل إلى مستوى ضعيف للغاية.
  • تدخلت السلطات في المغرب من خلال تقييد استخدام المياه الصالحة للشرب في أنشطة غير ضرورية مثل تنظيف الشوارع وغسل السيارات، في حين يجري ري المساحات الخضراء بمياه أعيد استخدامها.

مساع لحفظ ثروة الماء الجزائرية

ووضعت الحكومة الجزائرية، خطة عاجلة لمواجهة نقص المياه الناتج عن شح مياه الأمطار وانخفاض منسوب السدود.

هذه الخطوة اعتبرها البعض استباقية من قبل الحكومة الجزائرية التي أعلنت حالة الاستنفار على مستوى عدة قطاعات؛ أهمها الموارد المائية والفلاحة لإنشاء مخطط استعجالي يهدف الى سن سياسة جديدة لاقتصاد المياه وطنيا والحفاظ على الثروة المائية الجوفية.

وفي السياق نفسه، أعلنت الحكومة الجزائرية عن إنشاء مخطط لتعميم محطات تحلية مياه البحر عبر كامل الشريط الساحلي البالغ طوله ألف ومائتي كيلومتر، تجنبا لتداعيات لندرة تساقط الأمطار.

وكانت الجزائر قد عانت، العام الماضي، من أزمة نقص المياه، مصنفة نفسها على أنها من الدول الفقيرة من حيث الموارد المائية بسبب فترات الجفاف الطويلة والمتكررة.

وأعلنت الحكومة أيضا عن تفعيل دور شرطة المياه التي تختص في مراقبة استعمال المياه في كل المجالات لمحاربة التبذير، مع العمل على إعادة تحريك كل المشاريع المتوقفة لمحطات تصفية المياه المستعملة لاستخدامها في الري الفلاحي عوض المياه الجوفية.

وقالت بسمة بلبجاوي، الباحثة في شؤون الماء، في مقابلة مع “سكاي نيوز عربية”:

  • الجزائر عانت جفافا حادا وإجهادا مائيا كبيرا، خلال السنوات الخمس الماضية.
  • هناك تناقص في الأمطار المسجلة بنسبة تناهز 40 في المئة.
  • تبعات تغير المناخ صارت واضحة على الأرض، فهي تبرز من خلال الجفاف وندرة المياه وحرائق الغابات.
  • حان الوقت لدق ناقوس الخطر بشأن ترشيد استخدام الماء، سواء من قبل الأفراد أو مؤسسات الصناعة.
  • ضرورة زيادة محطات تحلية المياه على الشريط الساحلي للبلاد، من أجل مكافحة آثار تغير المناخ.
  • الجزائر أنفقت ما يقارب 3.5 مليار دولار على قطاع الماء والسدود بين عامي 2000 و2013.
  • الجزائر لديها 112 سد، و14 محطة لتحلية المياه، فيما يجري الرهان على رفع العدد إلى 19 محطة تحلية بحلول 2024.

قلق في تونس إزاء ندرة الماء

أصدر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، دراسة حول أزمة نقص المياه التي تشهدها البلاد.

أرجعت الدراسة الأسباب إلى شح الأمطار من جهة وسوء تسيير السلطات المسؤولة للاحتياطات التي وصفت بالحيوية، مما جعل حصة الفرد التونسي من الماء سنويا دون المعدلات الدولية.

ويهدد حالة شح الأمطار وتعاقب سنوات الجفاف بتصنيف تونس في خانة الفقر المائي، فيما لا تخلو يوميات الكثير من التونسيين من مهمة البحث عن المياه لضمان مخزون يمتد ليوم أو يومين.

أما بشأن ري الأرضي الفلاحية العطشى فذلك فصل آخر يرويه الفلاحون، وتنعكس تداعياته بشكل مباشر على تحدي ضمان الأمن الغذائي للمواطن التونسي.

تشير الأرقام إلى أن حصة الفرد من الماء بتونس لا تتجاوز 400 متر مكعب سنويا، بينما تشير المستويات العالمية إلى 900 متر مكعب سنويا على الأقل، مما يجعلها دون معدلات الدولية.

تحصي تونس ما لا يقل عن 30 سدا بين فلاحي تقليدي واستراتيجي، قد تشكل خزانا هاما غير أنها لا تسهم بالشكل الأنسب في تخزين المياه.

فضلا عن حالات تدهور الشبكة التوزيع وارتفاع ظاهرة الربط العشوائي للمساحات الفلاحية، مما يفاقم من أزمة تسيير هذا المورد الحيوي.

وتشير تقارير محلية إلى أن 650 ألف شخص لا يحصلون على مياه صالحة للشرب أغلبهم من ساكني الأرياف والمناطق النائية.

وقال المستشار البيئي لدى المنظمات الدولية، حمدي حشاد:

  • تونس متأثرة جدا بأزمة المياه، فيما أضحت سدود البلاد ممتلئة بنسبة لا تزيد عن 27 في المئة، وهو رقم مفزع.
  • هناك تحرك حكومي في تونس، خلال الوقت الحالي، لأجل التعامل مع الوضع.
  • تم اتخاذ عدة إجراءات لأجل وقف استنزاف الثروة المائية، مثل منع بعض الزراعات التي تستهلك قدرا كبيرا من الماء.
  • ثمة مخاوف لدى المواطنين التونسيين، بشأن وفرة الماء في الصيف المقبل، في حال استمر الوضع على ما هو عليه.
  • هذه الأزمة المائية تأتي فيما تعاني تونس أصلا من أزمة اقتصادية شديدة.
  • الحكومة في تونس لا تجد أمامها خيارات كثيرة للتعامل مع الأزمة الحالية.
  • تسعى الحكومة لتأمين حاجيات البيوت من الماء على الأقل، لكن ليست ثمة ضمانات بشأن إمداد قطاعي الفلاحة والصناعة.