سر النجاح البسيط

يسعى كل منا لتحقيق أهدافه، ويُعدُّ وضع خطط لتحقيق تلك الأهداف جزءاً من تحقيق النجاح، ويمكن الوصول إليه من خلال بذل الجهد لتحقيق الإنجازات والوصول للنجاح والتألق في الحياة. فما هو سر النجاح هذا هو محور نقاشنا في هذه المقالة فتابعوا معنا.

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة كريستين كارتر ( CHRISTINE CARTER)، والتي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها الشخصية في تحقيق النجاح.

مثلما يُعدُّ أصحاب الأداء العالي استراتيجيين بشأن ممارساتهم، فهم أيضاً استراتيجيون بشأن المدة التي يقضونها في الممارسة، فإذا كنت تعتقد أنَّ النجاح يتطلَّب التدرب حتى تشعر بالإرهاق أو تستنزف طاقتك أو تتعب عضلاتك، لدي بعض الأخبار الجيدة لك: تشير الأبحاث إلى أنَّ هذه الطريقة ليست الأنسب لتحقيق ما تريده.

في ثقافتنا الحديثة والسريعة والقائمة على التكنولوجيا، ننسى أحياناً أنَّنا بشر، ولسنا أجهزة كمبيوتر، وكما بقية الكائنات، فنحن البشر نخضع للنَّظمِ فوق اليومي والنَّظمِ اليوماوي – أو ما يسمى بإيقاع الساعة البيولوجية – ومعظم الناس على علم بمفهوم إيقاعات الساعة البيولوجية لدينا؛ فنحن ننام ونستيقظ خلال 24 ساعة بين شروق الشمس وحتى غروبها، وفق دورات يمكن التنبؤ بها، وعندما نسافر إلى مناطق تختلف زمنياً عن مناطقنا؛ فإنَّ إيقاعاتنا اليومية تخرج عن السيطرة، ونتيجةً لذلك، يمكن أن نعيش حياتنا في حالة من الارتباك.

كما تعمل أدمغتنا وأجسادنا أيضاً وفق إيقاعات سريعة جداً طوال الليل والنهار؛ حيث إنَّ النظم فوق اليومي – The Quiet Secret to Success – هو فترة أو دورة متكررة تتكرر خلال 24 ساعةً يومياً، مثل التنفس أو معدل ضربات القلب.

كما يتضمن النظم فوق اليومي دورة أنماط الموجات الدماغية، والتي تعمل كل ساعة ونصف إلى ساعتين؛ حيث نشهد انخفاضاً شديداً جداً في الإنتاجية والأداء، فعندما تنخفض طاقتنا، يصبح نومنا ممكناً، وعندما نقاوم هذه الانخفاضات بالاعتماد على الكافيين والأدرينالين وهرمونات التوتر لنبقى في حالة يقظة بدلاً من ترك أجسادنا وأدمغتنا ترتاح؛ فإنَّنا نشعر بالتوتر والغضب ويتعثر أداؤنا.

شاهد بالفيديو: 18 نصيحة سريعة تساعدك على تحقيق النجاح

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/1Q4JkDfwiz8?rel=0&hd=0″]

وجد عالم النفس ك. أنديرس إريكسون (K. Anders Ericsson)، ومؤلف العديد من الدراسات البارزة حول أصحاب الأداء العالي، في دراساته عن الأداء المتميز، أنَّهم يمارسون ويستريحون أكثر بكثير من أقرانهم الجيدين، ولكن ليس من أقرانهم أصحاب الأداء العالي.

على سبيل المثال، يتدرب عازفو الكمان الذين يسعون إلى أن يصبحوا عازفين متميزين ومحترفين بمعدل 3.5 ساعة في اليوم، وعادةً خلال 3 جلسات منفصلة، مدة كل منها (60-90) دقيقةً، وفي المقابل، يكون الأداء جيداً وليس عظيماً، عند الممارسة بمعدل 1.4 ساعةً في اليوم، مع عدم أخذ استراحة متعمدة بين جلسات التدريب.

لذلك لا يقتصر الأمر على أنَّ أصحاب الأداء العالي يعملون أكثر من غيرهم؛ بل يستريحون أكثر من غيرهم أيضاً، فمثلاً، ينام كبار عازفي الكمان ساعة في الليلة أكثر من زملائهم الأقل إنجازاً، كما أنَّهم يأخذون قيلولةً بين جلسات التدريب أكثر من غيرهم.

وينام الأشخاص المتفوقون بصورة ملحوظة أكثر من الأمريكيين العاديين؛ حيث يحصل الأمريكيون وسطياً على 6.5 ساعة فقط من النوم كل ليلة – على الرغم من أنَّ الدراسات تُظهِر أنَّ 95% من السكان يحتاجون إلى ما يقارب سبع إلى ثماني ساعات من النوم في الليلة – ويميل أصحاب الأداء العالي إلى الحصول على 8.6 ساعة من النوم كل ليلة، ويحتاج الرياضيون المتميزون إلى مزيد من النوم، لقد أظهرت إحدى الدراسات أنَّه عندما زاد سبَّاحو جامعة ستانفورد (Stanford) وقت نومهم إلى 10 ساعات في الليلة، شعروا بسعادة ونشاط أكبر، وتَحسَّن أداؤهم في السباحة تحسُّناً كبيراً.

يتطلب الأداء العالي مزيداً من النوم؛ وذلك لأنَّه يحتاج إلى معدلات أعلى من التعلم ونمو جسدي أكبر، عندما نكون نشيطين، يسمح لنا النوم الكافي بتركيز انتباهنا على ممارساتنا، وعندما يكون نومنا قليلاً، تصبح الخلايا العصبية المُرهَقة لدينا غير قادرة على تحريك أجزاء الجسم المختلفة، ونبدأ بمواجهة صعوبة في الوصول إلى المعلومات التي تعلمناها مسبقاً.

عندما ننام، يقوم دماغنا بترسيخ ما تعلمناه عندما كنَّا مستيقظين، ممَّا يجعله جزءاً من ذاكرتنا العاملة التي يمكننا الوصول إليها لاحقاً؛ حيث يتيح لنا تذكُّر المعلومات التي تعلمناها قبل يوم وكيف مارسنا ما فعلناه.

إنَّ مقدار النوم الذي نحصل عليه، ومدى انضباطنا في اتباع إيقاعات الساعة البيولوجية الطبيعية والنظم فوق اليومي، لا يؤثران في صحتنا فحسب؛ وإنَّما في إنتاجيتنا وأدائنا، ولكن ما علاقة النوم بالعزيمة؟

العزيمة هي القدرة على الحفاظ على المثابرة والشغف تجاه أهدافنا طويلة الأمد؛ حيث لا يمكننا الاستمرار في مواجهة المصاعب، إذا كنَّا مرهقين جسدياً أو نفسياً أو عاطفياً، ولا يمكننا الاستمرار لسنوات من أجل تحقيق التفوق، إذا أصابنا المرض أو الإرهاق خلال مسيرتنا، ولا يمكننا تحسين مهاراتنا فكرياً أو جسدياً أو فنياً، إذا كانت أوقات التعلم والتذكر وردود الأفعال لدينا ضعيفةً بسبب قلة النوم والراحة.

لذلك، فإنَّ امتلاك العزيمة لا يعني دفع نفسك للعمل نحو تحقيق أهدافك على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، أيَّاً كانت الظروف من حولك؛ وإنَّما يتعلق الأمر بإحراز تقدُّم نحو أهدافك باستمرار وتأنٍّ؛ وذلك بطريقة تتوافق مع تركيبتنا البيولوجية، ممَّا يسمح لنا باستعادة طاقتنا ونشاطنا وترسيخ معلوماتنا ترسيخاً مناسباً.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!