قم بما تتمنى القيام به

كم مرة تذكرتَ الماضي وندمتَ على أشياء أردت القيام بها ولكنَّك لم تفعلها قط؟ إذا كنت مثلي، فمن المحتمل أن تكون هناك العديد من الأشياء. لدي أنا شخصياً قائمة طويلة من الحسرات، بعضها أشياء تافهة نسبياً وبعضها الآخر هامة جداً.

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن رجل الأعمال “جاي هارينغتن” (Jay Harrington)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته مع مشاعر الندم، وما الذي تعلَّمه منها. 

  • أتمنى لو أنَّني عملت بجد أكبر للتفوق بصفتي رياضياً حين كنت في الجامعة.
  • أتمنى لو سافرت أكثر خلال العشرينيات من عمري.
  • أتمنى لو تواصلت أكثر مع أهلي وأصدقائي.
  • أتمنى لو لم أنتظر كل هذا الوقت للانتقال مع عائلتي إلى منزلي الجديد.
  • أتمنى لو لم أستدنِ كثيراً لأدرس الحقوق.

مع بداية كل عام جديد، أفكر فيما فعلتُه وما لم أفعله في العام السابق، وقد لا تكون هذه هي الطريقة الصحيحة للتفكير؛ ولكنَّني أميل إلى التركيز على الأمور التي “لم أفعلها”، مثل الأشياء التي كنت أرغب في القيام بها ولكنَّني لم أفعلها، وتبدو تلك الأشياء أهم من غيرها.

على سبيل المثال: هناك كتاب أرغب في تأليفه، كنت أخطط له منذ زمن طويل؛ ولكنَّني لم أُنجز منه سوى وضع بعض الخطوط العريضة، وعلى الرغم من أنَّني ألَّفتُ كتابين خلال الحجر الصحي؛ ولكنَّني لم أبدأ بالعمل على الكتاب الذي كنت أنوي تأليفه، ومن الواضح أنَّ هناك ما يمنعني من التقدُّم.

الكتاب الذي لم أكتبه يشغل بالي أكثر من الكتابين اللذين كتبتهما، فأفكر: “لو كرَّستُ القليل من الوقت والجهد بانتظام، لكنت كتبت بعض الفصول الآن على الأقل”، وهذا بلا شك صحيح؛ ولذا أنا أشعر بالندم.

أعلم أنَّني لستُ الوحيد الذي يعاني من ذلك، في الواقع، تُظهر الأبحاث أنَّ الناس يندمون على الأشياء التي لم يفعلوها أكثر من الأشياء التي فعلوها، حتى لو كانت نتائج الأشياء التي فعلوها سيئة، وهذا منطقي؛ ذلك لأنَّنا لا نستطيع العودة بالزمن إلى الوراء والقيام بأشياء حلمنا بفعلها ولكنَّنا لم نفعلها، فنقضي بقية حياتنا نتخيل كيف ستكون حياتنا مختلفة لو فعلناها.

لحسن الحظ، يمكننا التعلُّم من أخطائنا وتجنُّب الندم في المستقبل عبر اتخاذ الإجراءات الآن؛ لكنَّ هذا يستدعي السؤال: ما هو الإجراء الذي يجب اتخاذه؟ قد يكون لديك أمل أو حلم أو هدف جريء، على سبيل المثال: ربما ترغب في تأليف كتاب أو إنشاء شركة أو العيش بنمط حياة متنقل حر؛ ولكنَّ ضخامة الهدف تربكك فلا تعرف حتى كيف تبدأ بالعمل على تحقيقه.

مررت بأوقات مماثلة مرات عدة في حياتي، إذ كان شعور الارتباك حالتي الدائمة في بداية مسيرتي المهنية بصفتي محامياً شاباً في شركة محاماة كبيرة. أتذكر الكثير من اللحظات حين كنت أجلس خلف طاولة مكتبي والوثائق مكدسة من حولي وحاويات الأطعمة الجاهزة متناثرة حولها، وفي كثير من الأحيان، لم تكن لدي أيَّة فكرة كيف لي أن أبدأ بالعمل.

مع تقدُّمي في مسيرتي المهنية، تعلَّمت التفكير في مشاريعي وكأنَّها أحجية، وعندما تحاول حلَّ أحجية، يجب أن تجد الزوايا أولاً، وعند العثور على الزوايا، يتضح اللغز، ثم يمكنك البدء بإضافة القطع الأخرى إلى مكانها، وكذلك الأمر عندما تفكر في مشروع أو هدف طموح، يبدو ضخماً، ومن الصعب معرفة من أين تبدأ، حينها يجب عليك تقسيمه إلى أجزاء.

هناك نقطة بداية منطقية لكل مشروع ستساعد على توضيح الأمور الأخرى التي يجب إنجازها وكيفية إنجازها، على سبيل المثال: إذا كنتَ تؤلف كتاباً، فلا تحاول أن تبدأ بكتابة الفصل الأول، أولاً أنشئ جدول المحتويات، ثم حدد النقاط الأساسية التي ستتحدث عنها في كل فصل، وهكذا سيبدو العمل المطلوب أوضح وستتشجع للبدء، وسيصبح لديك مخطط منطقي لما سيحتويه الكتاب.

عندما تشعر بالارتباك، ابدأ بالزوايا ثم اعمل من قطعة إلى قطعة، ومن يوم إلى يوم، بصرف النظر عما تعمل عليه، لن تحرز تقدُّماً يُذكر إذا كنت تعمل عملاً مكثفاً على فترات متقطعة، عوضاً عن ذلك اعمل قليلاً كل يوم وراقب النتائج التراكمية لجهدك، ويمكنك فعل أي شيء، طالما تبذل الجهد وتثابر، لكن مهما كان هدفك يجب عليك أن تبدأ حالاً، وإلا ستندم.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!